اللحاف (قصة قصيرة)
النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: اللحاف (قصة قصيرة)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    لبنان \ الإمارات
    المهنة
    مترجم
    الجنس
    ذكر
    العمر
    39
    المشاركات
    1,722

    اللحاف (قصة قصيرة)


    ما إن فُتح باب الباص حتى خرج منه كالعصفور ذلك الفتى بالزي الوردي الملوّن. راح يركض و يركض و يصرخ بأعلى صوته و يحلّق بحقيبته في الفضاء ضاحكا "لقد عدت لقد عدت يا أمي". وجهه المشرق بالبراءة والمليىء بالطفولة رسم إبتسامة على وجه أمه التي فتحت له الباب. قابلته أمه بحرارة شديدة "إنتبه يا عمر يا حبيبي للبلاط فقد نظّفته للتو". ولج عمر كالأصم إلى المنزل متجاهلا مشاعر أمه نحو البلاط وراح يقفز من مكان إلى مكان حتى بدأ صراخ أمه يعلو "توقف! واجلس إلى طاولة الغداء ... ياه! ما بال وجهك أسود وشاحب؟". وقف هنيهة عمر و مسح وجهه مستغربا ثم نظر إلى المرآة "ربما لامس وجهي الحديد في الباص" وركض نحو أمه وأحاطها بيديه "أحبك يا أمي". خلع زي المدرسة و رماه على الكنبة "لا أريدك أن تطعميني. سآكل لوحدي". أخذت أمه زي المدرسة عن الكنبة لتغسله "ستوسّخ ثيابك. أنا سأطعمك". نظر عمر إلى طاولة الغداء "كلا كلا لا أريد هذا. أريد أن آكل لوحدي و لن أوسخ ثيابي. أرجوك. دعيني آكل لوحدي". لم تردّ, فانقضّ على الطعام يأكل و يقصّ على أمه ما جرى في المدرسة "أتريدين أن أتلو عليك القصيدة التي تعلمناها اليوم؟ إسمها: أمي". خرجت الكلمة الأخيرة من فمه مشوّهة و ممضوغة. جلست أمه بجواره على الكنبة وأشعلت سيجارتها و انغمست في إنصات عميق و أدار عمر وجهه نحوها قائلا "لقد قالت لي المعلمة اليوم أنني ولد ذكي لأنني كنت الوحيد الذي يحفظها في الصف. وختمت على يدي نجمة زرقاء. هل ترينها؟" ذهب عمر ووقف أمام أمه و كشف عن يده "إنها هنا. أليست جميلة؟" لمحت أمه النجمة "ما أجملها. هيا إذهب وكل طعامك". عاد إلى كرسيه و ارتفع صوته "أحن إلى خبز أمي و قهوة أمي. أحنّ إلى خبر أمي وقهوة أمي--". شرب القليل من العصير الجاهز (البيبسي كولا) ثم أكمل "و تكبُر فيّ الطفولة يوما --". سكت وراح يفكر ويكلم نفسه حتى انغمس في التفكير ثم سكت فلم يعد يُسمع في البيت غير عقارب الساعة تتكّ كل ثانية. تِك تَك تِك تَك تِك تَك تِك تَك. لم يعرف ما هي تكملة بيت الشعر فارتبك فسأل أمه بخجل "هل أعجبتك القصيدة؟ لقد نسيتها". تعمّقت أمه في التفكير و علا صوت العقارب فقالت له من أعماق ذاكرتها "نعم". فرح عمر "قالت لي المعلمة أنني مجتهد وأنني في المرة المقبلة سأحصل على نجمتين إن إستمرّيت أحفظ بهذا الشكل. كانت تؤلمني بطني اليوم وشعرت بالبرد" قالت أمه "لماذا؟" أجابها "لا أدري وقد خرجت من الصف وشربت الشاي. لماذا دائما أشعر بالبرد؟" أجابت بسرعة "لأنك لا تتغطى باللحاف. سكت قليلا "كيف هذا؟" ثم سكت قليلا "سأخبرك عندما قام صديقي مازن ليسمّع القصيدة كان يقول أحنّ إلى قهوة أمي وقهوة أمي فضحكنا جميعا ههههه". نظر عمر إلى الساعة المعلقة على الحائط "أمي، لست جائعا. أريد أن أشتري السكاكر". فكّرت جيدا "لا. كل طعامك أولا" فأحسّ عمر بألم شديد. وضع يده على معدته و هرع مسرعا بشكل مفاجىء إلى الحمام. قالت له "لا تشتري السكاكر لأنها تضر بمعدتك" لم تستغرق رحلته إلى الحمام عشر دقائق حتى خرج وهو يبكي فاقترب من أمه. قالت "ما يبكيك يا عمر؟" لم يرد. أعادت السؤال فوضع يده على بطنه "أشعر بألم شديد في معدتي". لم يسلم من التوبيخ لأنه كان طوال فترة الغداء يُُنشد ويأكل بسرعة دون أن يمضغ الطعام. قالت "تناول حبة الدواء هذه. هل أحضر لك كوبا من شاي النعناع؟" أكمل بكائه "نعم". أعطته أمه كوبا من الماء "هل عندك فروضا كثيرة ليوم غد؟ إذهب و نم قليلا وتغطى جيدا لكي ترتاح. سألحق بك عندما أحضر لك الكوب" وقف عمر مكانه وقد توقف عن البكاء لكن الألم بادي على وجهه "هل تريدني أن أغطيك أنا باللحاف؟" أشار برأسه أن نعم، فأخذته إلى غرفة نومه و غطّته باللحاف جيدا وعادت لتجلب له كوب الشاي. غابت قليل. حضّرت كوب الشاي وأتت به "هيا إشرب يا عمر" فوجدته قد أغمض عينيه و نام وجسده يرتجف تحت اللحاف. وضعت يدها على جبينه الذي بدا كليلة شتاء في شمال لبنان. أحسّت قلبها يخفق بسرعة. وضعت كوب الشاي جانبا و خلعت نعليها و تمدّدت إلى جانبه و حضنته حتى شعرت بدفء شديد جعلها تقوّي قبضة أصابعها على جسد عمر. إستقيظت بعد نصف ساعة لترى أنها قابضة على كتلة من جمر.

    مواضيع مشابهة:
    التعديل الأخير تم بواسطة aouniat ; 01-01-2008 الساعة 06:11 AM سبب آخر: القصة كاملة وتحتاج لتعمّق في القراءة!

  2.    روابط المنتدى



  3. #2
    الصورة الرمزية مريم يوسف
     غير متصل  مشرفة قسم نبض الشارع سابقا
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    "صعيد" مصر
    المهنة
    زراعيه و إن أبيت ... مفتش تموين حاليا
    الجنس
    أنثى
    العمر
    39
    المشاركات
    620

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    قصصك دائما ما تروى لنا واقع ما كمشهد يدور فى ركن من اركان الغرفه حولنا
    ولكن هل لهذه القصه بقيه؟؟؟
    لانى اعتقد ان (اللحاف) والذى سميت باسمه القصه لم يقوم بدوره بعد اى لم يقم بدور فعال
    على اى حال موفق دائما اخ عونى
    دمتم فى حفظ الله

    انا لله و انا اليه راجعون
    اللهم ارحم أمي و أختى و اشفي أبني يا رب العالمين

  4. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    الدولة
    بيروت
    المهنة
    زراعة+ تعليم
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    575

    يبدو ان القصة لها عدة أبعاد و ربما تنفع أن تكون مثل تربوي


  5. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    alger
    المهنة
    تقنى سامي فى انتاج النباتات
    الجنس
    ذكر
    العمر
    47
    المشاركات
    57

    شكرا لك
    تقبل مروري


  6. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    مصر
    المهنة
    مدرس مساعد بكلية الزراعة - جامعة المنيا-
    الجنس
    ذكر
    العمر
    40
    المشاركات
    261

    اشكرك اخى عونى على هذه القصه الجميله كما انتظر التتمه لهذه القصه

    الدنيا إذا حـلـت أوحلت وإذا كست أوكست وإذا أينعت نـــعـت وكم من قبور تبنى ونحن ما تـبـنا
    وكم من مريض عدنا ونحن مـا عدنـا وكم من ملك رفعت له علامات فـلـما علا ،، مات

  7. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المهنة
    مستورد
    الجنس
    ذكر
    العمر
    68
    المشاركات
    2,178

    اعتقد ان القصه لها بقيه
    يا ريت تكمل من اجل ان نفهم مغزاها
    وشكرا لك اخى عونى


  8. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الدولة
    مصر
    المهنة
    مهندس زراعى
    الجنس
    ذكر
    العمر
    42
    المشاركات
    179

    دائما أخى عونى تمتعنا بقصصك الجميلة الشيقة المحيرة التى تجعلنا بفكر وبفكر وبفكر حتى نسطتيع أن ندرك معناها ولكن دائما ما نستمتع بكتابتك الجميلة
    سلمت أنملك التى تعزف لنا دائما هذه الألحان ........
    شكرا لك عونى


  9. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    ****بلاد العجائب****
    المهنة
    طبيب الارض ,,,
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    848

    شكرا اخى عونى على هذه القصه الرائعه
    ولكن
    اعتقد اخى انه لابد من جزء اخر ليتمم المشهد ف هذه القصه
    فهذا المشهد يتكرر كموقف بين الاباء والابناء فى كثير من بيوتنا العربيه
    افكارك اخى دائما جميله ومحل نقاش
    جزاك الله خيرا


    أجمل لحظات التحدى أن تبتسم عندما ينتظر منك الجميع ان تبكى

  10. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    لبنان \ الإمارات
    المهنة
    مترجم
    الجنس
    ذكر
    العمر
    39
    المشاركات
    1,722

    لعله كان غامضا رغم أن في النص رسائل واضحة تحتاج من القارىء أن ينظر إلى النص نظرة تحرّي يحاول أن يتحقّق من صدق كل ما يقال له ويجري أمامه.

    نبدأ بالصبي المليىء بالبراءة الذي يعيش مرحلة تكوين شخصيته. أمه تفتح له الباب لتقول "إنتبه يا عمر يا حبيبي للبلاط فقد نظّفته للتو". وهذه أول رسالة. ثم نأتي إلى الرسالة الثانية "العصير الجاهز (البيبسي كولا)". بصراحة النص مليىء بالرسائل ولا يسعني أن أذكرها كلها. زبدة القول هو أن الأم لا أريد أن أظلمها لكنها لا تعير لولدها عمر الإهتمام اللازم ولا تشعر بالحنان تجاهه كما ينبغي.

    ما دخل اللحاف بذلك؟ للإجابة عن السؤال نسأل: ما هي وظيفة اللحاف في حياتنا اليومية؟ الجواب: التدفئة. نحن جميعا محتاجون لتدفئة اللحاف, لكن التدفئة (المعنوية) الأهم التي نحتاجها في حياتنا, والتي يعاني من نقصها عمر, هي تدفئة الأم. ختمت القصة بالإشارة أن عمر كان نائما تحت اللحاف لكنه كان يرتجف لكن عندما حضنته أمه ونامت بجانبه أصبح ككتلة من جمر.

    ما هو إذن الجزء الذي ينقص القصة؟
    برأيي القصة إنتهت حين حصل عمر على ما كان يفتقده.

    الآن أعد قراءة النص من وجهة النظر هذه وسترى أن كل ما قيل في القصة يخدُم هذه الفكرة. وقد هناك من لديه تفسير آخر للحاف يسرني أن أسمعه ويعرضه علينا. وأشكر بالختام جميع من مرّ على القصة, فمجرد أن الجميع حاول فعلا أن يفهم القصة شيىء إيجابي بالنسبة لي. ولعلنا نتعلم أن الأدب ليس كالوجبات السريعة (Fast food) بل يحتاج إلى وقفة لفهمه.



  11. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    ****بلاد العجائب****
    المهنة
    طبيب الارض ,,,
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    848

    شكرا اخى الكريم عونى
    لقد اتضحت الصوره اكثر بكثير من ذى قبل
    مشكور على التوضيح



  12. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    النرويج
    المهنة
    أعمل في شركة كيمياويات
    الجنس
    ذكر
    العمر
    42
    المشاركات
    993

    أشكرك أخي على هذه القصة,فالطفل الصغير أعجبته القصة التي جعلته يحن إلى أمه رغم قربها منه, فنسأل الله أن يجعلنا مرضيين لأمهاتنا,بارك الله فيك أخي.


  13. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    لبنان \ الإمارات
    المهنة
    مترجم
    الجنس
    ذكر
    العمر
    39
    المشاركات
    1,722

    شكرا لكم جميعا، خاصة الأمهات و من سيكونوا يوما ما أمهات. أتمنى أن تكونوا لحافا لأطفالكم .. لحافا حقيقيا!


  14. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    مصر
    المهنة
    طالبة بكلية زراعة
    الجنس
    أنثى
    العمر
    33
    المشاركات
    101

    قصة مؤثرة فعلا , لا يعرف هذا الدفء إلا من إفتقده فى يوم من الايام , من أجمل الاحاسيس التى يشعر بها الابن بإحتواء أمه له فتغمره بحنانها . مع الاسف نفتقد هذة الايام الاحساس بالأمان و الدفء و الحنان التى تغمر به الام ابناءها .