عادة ما تكون الصفات الوصفية أقل فى أهميتها عن الصفات الكمية بالنسبة لمزارعى أسماك الغذاء، إلا أن تفهم كيفية السيطرة على هذه الصفات واستغلالها من خلال برامج الإنتخاب الوراثى هو امر له أهميته لسببين: أولها وأكثرها أهمية، هو أن الصفات الوصفية يمكن أن تؤثر على قيمة المحصول أو على تكلفة إنتاجه. فإذا أمكن للمزارع إنتاج أسماك أكثر جاذبية، فإن المستهلكين غالبا ما يكون لديهم الإستعداد لشراء ذلك المنتج بس ع ر أعلى، وبالتالى تزداد ربحية المزارع. وفى الجانب الآخر، فإن هناك من الصفات الوصفية ما تقلل من قيمة المنتج كما هو الحال بالنسبة للتشوهات سواء كان ذلك نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج أو بسبب إنتاج أسماك لا يرغب فيها المستهلك ولا يشتريها. وفى كلتا الحالتين، فإن بمقدور المزارعين إستخدام الإنتخاب لتحسين أسماكهم. والسبب الثانى لأهمية الصفات الوصفية يرجع إلى أن تفهم كيفية إستخدام برامج إنتخاب وراثى فى تثبيت صفة وصفية مرغوبة (تكرار frequency = 100 ه/ه) وبالتالى إستئصال صفة غير مرغوبة (تكرار frequency = صفره/ه) بهدف إنتاج عشائر صادقة التكاثر ربما يعين على تفهم كيف يستخدم الإنتخاب فى تحسين الصفات الكمية.
هؤلاء ممن لديهم المعرفة الكافية بالوراثة المندلية وممن يتفهمون كيف تستخدم برامج التربية فى تثبيت أو إستئصال صفات وصفية، أو هؤلاء الذين يودون فقط العمل مع الصفات الكمية، يمكن لهم ترك هذا الباب و الانتقال مباشرة إلى الباب الر ابع.
عوامل يجب مراعاتها قبل تنفيذ برامج الإنتخاب الوراثى
قبل تنفيذ برنامج الإنتخاب. الوراثى، فإن على المزارع أن يتحقق من قدرته على إستخدام الإنتخاب فقط فى تحقيق تلك الأهداف الممكنة من الناحية البيولوجية. ولأن الإنتخاب هو برنامج التربية الذى يستغل التباين المظهرى الموروث، فإن أول شروط تنفيذ برنامج إنتخاب وراثى ناجح هو أن يتحتم ثبوت تباين فى الصفة المستهدف تحسينها، أما ثانى الشروط هو أن يكون هذا التباين قابلا للتوريث إن المربون يستطيعون فقط تحقيق ما تسمح الأسماك وتركيبها الجينى به فليس بمقدرتهم التخلص من صفات غير مرغوبة مثل العظام الحادة الصدرية لأنهم يرغبون فى ذلك، اللهم إلا إذا تم إكتشاف أفراد تخلو من هذه العظام وحتى فى هذه الحالة، فإن الصفة لا بد وأن تكون قابلة للتوريث، وإلا فإن الإنتخاب سوف يكون مكلفا، محبطا، غير ذى جدوى ومضيعا للجهد. وإذا ما كانت الصفة المعنية تورث، فإنه لا بد من التعرف على سماتها الوراثية قبل تنفيذ برنامج التربية. إن هذه المعلومات سوف تمكن المربى من إستخدام أكثر برامج التربية ملائمة. وأخيرا، فإن على المزارع معرفة التكاليف النسبية للصفات (تكاليف الإنتاج) ثم ما هى قيمتها فى السوق وذلك قبل بدئه لبرنامج الإنتخاب الوراثى.
يمكن ان توصف الصفات الوصفية إما/ أو. إن سمكة ما إما أن تمتلك صفة مظهرية أو تمتلك صفة أخرى. وبمعنى آخر، فإن سمكة ما فى عشيرة تقع فى فئة مظهرية محددة لا لبس فيها. ولأن الإنتخاب يستغل التباين المظهرى، فإنه على الأقل يلزم وجود صفتان فى العشيرة، من بينها الصفة التى يرغبها المزارع. أما إذا كانت هناك صفة واحدة، فإن هذا يعنى عدم وجود تباين مظهرى، والذى يشير إلى أن الإنتخاب لن يكون بمقدوره تغييرالصفة المظهرية. فمثلا، إذا كانت جميع الأسماك فى العشيرة سوداء اللون، فإن هذا معناه عدم وجود تباين مظهرى للون الجسم، وبالتالى، فإنه لا يمكن إستخدام الإنتخاب فى تغيير لون الجسم.
ووجود التباين وحده ليس بالأمر الكافى، حيث يلزم أن يكون ما نشاهده من تباين مورثا، وإلا فإن الإنتخاب لن يمكنه تغيير تكرار الطرز المظهرية إن التمييز بين التباين الموروث وغير الموروث أمر له أهميته، نظرا لأن الكثير من الصفات الوصفية التى تلاحظها فى مزارع الأسماك أو فى مفرخاتها تعد تشوهات لا تورث. بعض هذه التشوهات، لها أساسها الوراثى، وإن كان النقص الغذائى يسبب فى معظمها، مثله فى ذلك مثل الاضطرابات البيئية، السموم، الأمراض، الجروح، أو أنها نتاج أخطاء فى التطور. إن التشوهات التى تنتج عن أسباب غير وراثية لا يمكن إستئصالها عن طريق الإنتخاب. وتصبح الوسيلة الوحيدة لإستئصال التشوهات غير المورثة هو فى إكتشاف العامل البيئى الذى يسببها وإستئصال هذا العامل أو تعديل بيئة الإستزراع. إنه من الصعب غالبا إن لم يكن مستحيلا، التعرف على مسببات التشوهات غير الموروثة، وما لم يقترب تكرار هذه الظاهرة من 0,5 ه/ه فإن هذا الأمر يمكن نسيانه.
قبل أن يستخدم الإنتخاب لتثبيت أو إستئصال صفة وصفية وإنتاج عشائر صادقة التكاثر، فإنه يلزم تحديد طريقة توريث الصفات المظهرية وفى حالة ما إذا سبق تحديد أسلوب التوريث من خلال أبحاث سابقة، فإنه يمكن إستخدام هذه المعلومات فى تصميم برنامج التربية. وإذا ما كانت آ لية التوريث معلومة، فهنا يصبح بالإمكان إختيار برنامج التربية الصحيح مما يمكن المزارع من تحقيق هدفه بسرعة وكفاءة. أما إذا لم يكن أسلوب التوريث معلوما قبل تنفيذ برنامج التربية، فإنه من المحتمل أن يختار المزارع البرنامج الخطأ، بما يعنى أنه لن يكون بإمكانه تحقيق هدفه وسوف يضيع جهده، إمكاناته و أمواله.
إن البرامج البحثية التى يحتاجها تحديد آلية التوريث للصفات الوصفية ليست بهذه الدرجة من التعقيد. وبوجه عام، فإن التوريث يتم معرفة كنهه بتنفيذ إقتران زوجى paired mating على مدى 2 جيل وبتحديد معدلات الطرز المظهرية التى تنتجها تلك التزاوجات (بعض هذه التزاوجات والمعدلات المستخدمة توضحها الأشكال 3 وه). وعلى الرغم من أن هذا النمط من البحث ليس بهذه الدرجة من التعقيد، إلا أنه ما يزال يتطلب الجهد، الإمكانيات والقدرة على تحليل النتائج إحصائيا. وهذه البحوث يجب تركها للعلماء فى الجامعات أو فى محطات البحوث الحكومية.
قبل تنفيذ برنامج إنتخاب وراثى، يجب على المزارع أن يتولى عمل تقييم يستهدف تحديد ما إذا كانت هناك حاجة لهذا البرنامج. وهذا التقييم يمكن للمزارع نفسه القيام به آخذين فى الاعتبار التكلفة العالية لتنفيذ هذه الدراسات علاوة على إحتياجها إلى مستوى عالى من السيطرة كما أنه يمكن للتعاونيات السمكية القيام بهذا التقييم أو تتولاه محطة بحوث الأسماك المحلية. يحتاج المزارع أن يحدد ما إذا كان عمالؤه يرغبون فى أسماك ذات لون جسم مختلف، أو أنهم على إستعداد لتقييم الأسماك الأجمل بصورة افضل. وتقدير المزارع للموقف سوف تفيده هو شخصيا وسوف يتضح له ما إذا كان برنامج التربية المقترح سوف يفتح له أسواقا جديدة. كما يجب على المزارع أن لا ينفذ برنامج الإنتخاب الوراثى إلا إذا كان ضروريا أو أن يؤدى إلى زيادة أرباحه. إن تغيير لون الجسم أو أية صفة مظهرية أخرى ربما ينتج عنها أسماك أجمل، أما إذا أظهر التقييم عزوف المستهلكين عن الأسماك بلونها الآخر، فإن برنامج التربية لا يجب تنفيذه.
وأخيرا، فإن على المزارع أن يعلم ما هى تكلفة إنتاج صفة مظهرية بديلة قبل تنفيذه لبرنامج الإنتخاب الوراثى. إن قيمة بعض الصفات المظهرية تكون واضحة جدا لدرجة لا تحتاج معها إلى دراسة علمية نمطية. وإذا ما أراد المزارع إستخدام الإنتخاب لإستئصال تشوه يورث يتسبب فى خفض معدل النمو أو الحيوية، فإن الأمر لا يحتاج إلى دراسات تقليدية لتحديد القيم النسبية للصفة الظاهرية، لأن المزارع يعلم فعلا بأن مثل هذه التشوهات لها كلفتها المادية.
وعلى الجانب الأخر، فإن التكاليف النسبية لإنتاج بعض الصفات الظاهرية تعد أصعب فى تحديدها وتحتاج إلى دراسة علمية لتقييمها. يتم تحديد تكاليف الإنتاج النسبية من خلال تقييم التأثيرات الثانوية المتعددة pleiotropic للصفة المظهرية على معدل النمو، الحيوية، إنتاج البيض... إلخ. وفى الزراعة النباتية أو السمكية فإن أهمية تعدد هذه التأثيرات قد تفوق أهمية الصفات ذاتها خاصة إذا ما تأثر بها النمو، الحيوية، أو الخصوبة. إن كل الطفرات الخاصة بلون الجسم تقريبا والتى تمت دراستها فى الأسماك أظهرت تأثيرات متعددة سلبية مثل تثبيتها لمعدل النمو أو الحيوية. يوضح الشكل رقم 8 التأثيرات السلبية للون الجسم الأحمر على الحيوية فى أسماك البلطى النيلى.
وإذا لم تكن هناك تأثيرات متعددة سلبية، أو أن تكلفة الإنتاج الإضافية ممثلة فى إنخفاض معدل النمو و/ أو إنخفاض معدل الحيوية يتم تعويضها من خلال إرتفاع القيمة التسويقية للمنتج (إستعداد المستهلكين لدفع قيمة أكبر)، فإن الإنتخاب هنا له قيمته. وعلى الجانب الأخر، إذا تجاوزت تكلفة الإنتاج الإضافية القيمة التسويقية المضافة للمنتج، فإنه لم يعد هناك معنى من تنفيذ برنامج إنتخاب وراثى يعود بالدخل الأقل على المزارع.
برامج الإنتخاب الوراثى لإنتاج عشائر صادقة التكاثر
عند العمل مع الصفات الوصفية، فإن هدف جميع برامج الإنتخاب الوراثى هو إنتاج عشائر صادقة التكائر هذه العشائر هى تلك التى تمتلك أليل واحد للموقع المقصود نتيجة تثبيته، فى حين استأصل الإنتخاب الأليل الآخر. ويعنى هذا أن كل جاميطة تنتج عن الأمهات المنتخبة سوف تحتوى فقط على الأليل المرغوب. والذى يعنى أن أى من النسل الناتج عن الأمهات المنتخبة سوف تمتلك الصفة المرغوبة. ويصبح السبيل الوحيد إلى ظهور الصفة غير المرغوبة عقب الإنتخاب الذى استهدف إنتاج عشائر صادقة التكاثر إما أن يكون عارضا أو نتيجة تخزين عمدى لأسماك من عشيرة أخرى أو نتيجة الطفر ات.
إن الصفة المظهرية غير المرغوبة والأليلات التى تنتجها يتم التخلص منها عن طريق إجراء يسمى "إستئصال " ولا يسمح للأسماك المستبعدة بالتكاثر. وجدير بالذكر بأنه ليس هناك من داع لقتل الأسماك المستبعدة، حيث أنه يمكن تربيتها وبيعها لإستهلاك. ولكن لا يجب السماح لها بالتفريخ.
هناك 3 قواعد عامة تحكم إنتخاب الصفات الوصفية:
  1. إذا كانت الصفة المرغوبة يسيطر عليها تماما تركيب وراثى أصيل، فإن الإنتخاب أحادى الخطوة فى هذه الحالة سوف يؤدى إلى إنتاج عشيرة صادقة التكاثر.
  2. إذا كانت الصفة المرغوبة يتحكم فيها تركيبان وراثيان أو أكثر، فإن الإنتخاب فى هذه الحالة لن يمكنه إنتاج عشيرة صادقة التكاثر حيث يجب إستخدام إختبار النسل حتى يمكن تثبيت الأليل المرغوب وإنتاج عشيرة صادقة التكاثر.
  3. إذا كانت الصفة المرغوبة يتحكم فيها تركيب وراثى خليط، فليس بإمكان أى برنامج تربية إنتاج عشيرة صادقة التكاثر العشيرة التى فيها كل سمكة تمتلك الصفة المرغوبة يمكن إنتاجها من خلال التزاوج للطرازين المظهريين الأصيلين، ولكن هذا الإجراء يجب تكراره فى كل موسم تربية.


مواضيع مشابهة: