راسة عن فوائد النخيل البيئية
إضافة لما عرف منذ القدم عن النخيل من فوائد طبية وغذائية، عرف أيضاً دوره في تلطيف الجو وحماية المزروعات والحد من التلوث.

حيث أظهرت الرسوم الأثرية القديمة أشجار نخيل التمر مزروعة بجوار المباني السكنية، وبشكل خاص قرب منفذ الهواء العلوي للمنزل لتقوم بتنظيف الهواء وتنقيته وتلطيفه، حيث تعمل الأوراق كمصفاة للأتربة وذرات الغبار إضافة إلى إغناء الهواء بغبار الأوكسجين كأحد نواتج عملية التركيب الضوئي، كما تعمل الأشجار على تنظيم الرطوبة والحرارة بالجو المحيط بها، وتمتص الملوثات الجوية ما يجعل الهواء الذي يمر عبر أشجار النخيل ويدخل المنزل نظيفاً ورطباً. ‏

مبرد طبيعي: ‏

وحول هذا الموضوع بين الأستاذ الدكتور عبد الباسط عودة ابراهيم رئيس برنامج النخيل في المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد) أن الدراسات على الستائر التي استخدمت في العصور القديمة على نوافذ المساكن كانت تصنع من سعف النخيل الذي يوضع على الأبواب والنوافذ، وكانت ترش وترطب بالماء لخفض درجة حرارة الهواء الداخل إلى المسكن، وزيد على ذلك الوقت الحاضر في بعض الدول وضع مروحة كهربائية خارج النافذة ذات الستائر المصنوعة من سعف النخيل والمرطبة بالماء لتدفع الهواء إلى الداخل ومن هنا استمدت مكيفات الهواء فكرتها. ‏

دراسات النخيل:



وأضاف ابراهيم انه في دراسة تمت عام 1986 على أشجار نخيل بالغة من صنف الخلاص في المملكة العربية السعودية تم خلالها تقدير كمية الغبار المتجمعة على أوراق أشجار النخيل حسب بعد هذه الأشجار عن الشوارع والطرق الزراعية غير المعبدة، لوحظ وجود فروقات ذات دلالة في كمية ذرات الغبار المتراكمة فوق سطوح الأوراق، وتناسبت كمية الغبار المتجمعة عكساً مع بعد الأشجار عن الطرق الزراعية غير المعبدة خلال موسمي ‏

الدراسة، حيث كانت كمية الغبار المتراكمة أكبر في الأشجار القريبة جداً، وتراجعت تدريجياً بازدياد المسافة بين الأشجار والطريق لتصل إلى أدنى قيمة لها في الأشجار الأكثر بعداً عن الطريق، وأدى ازدياد كمية الغبار المتراكمة فوق سطوح الأوراق إلى تراجع في كمية المادة الشمعية المتشكلة على سطح الأوراق، وتحدد سنة الطبقة الشمعية المتشكلة على سطوح الأوراق خصائص الأوراق الطيفية ومن ثم كفاءة الأشجار في استخدام الماء، حيث يساعد وجود الطبقة الشمعية في تقليل كمية الأشعة الضوئية الممتصة أو الحيلولة دون ارتفاع درجة حرارة الأوراق وزيادة معدل فقد الماء بالنتح، نتيجة الحد من ارتفاع درجة حرارة قيمة فرق التدرج في ضغط بخار الماء بين الأوراق والوسط المحيط، الذي يعد بمنزلة القوة المحركة لتدفق الماء من الأوراق إلى الوسط المحيط بها، كما تؤدي الطبقة الشمعية دور الحاجز الفيزيائي الذي يمنع الفقد المباشر للماء عبر الطبقة الخارجية. ويتضح مما سبق وجود علاقة ارتباط موجبة بين سماكة الطبقة الشمعية وكفاءة الأشجار في المحافظة على جهد الامتلاء داخل خلايا الأوراق، وكفاءة استخدام الماء، كما لوحظ في الدراسة ازدياد تراكم الغبار فوق سطوح الأوراق في الأشجار القريبة بالمقارنة مع الأشجار البعيدة عن الطريق الزراعي سلباً في محتوى الأوراق من اليخضور الكلي واليخضور (a)و (b) ويؤدي تراجع محتوى الأوراق بشكل عام من جزيئات اليخضور إلى تراجع كفاءة النباتات التمثيلية بسبب تراجع كمية الطاقة الضوئية المحرضة الممتصة. إذ تعد جزيئات اليخضور بمنزلة اللواقط الضوئية ما يؤثر سلباً في معدل انتقال الالكترونات ومعدل تصنيع المركبات الغنية بالطاقة خلال تفاعلات الضوء.



وتختلف كمية الغبار المتساقطة باختلاف الزمن وسرعة الريح ودرجة الحرارة والرطوبة النسبية الجوية، وعموماً يمكن أن يؤدي تراكم الغبار فوق سطوح الأوراق إلى سد المسامات ما يحد من عملية التبادل الغازي ويمكن أن يتراجع من جراء ذلك معدل فقد الماء بالنتح، ومعدل انتشار غاز الفحم عبر المسامات إلى داخل الأوراق، الأمر الذي يؤثر سلباً في كمية غاز الفحم الواصلة إلى مراكز التثبيت ضمن الصانعات الخضراء فيقل معدل التمثيل الضوئي وتصنيع وتجميع السكريات ويؤدي بالمقابل تراجع فقد الماء بالتبخر نتيجة انسداد المسامات إلى تعطيل التأثير المبرد لعملية النتح ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأوراق بشكل زائد وحدوث احتراق الأوراق أو شيخوختها بشكل مبكر، فيقل حجم المسطح الورقي الأخضر الفعال في عملية التمثيل الضوئي، ما يؤثر سلباً في معدل نمو النباتات وإنتاجيته. ‏

زراعات بيئية:



وأوضح الدكتور ابراهيم أنه يمكن استغلال أرض بستان النخيل أي المسافات بين الأشجار بزراعات بيئية مختلفة كالمحاصيل الحقلية والخضراوات والأشجار المثمرة وهذا يعتمد على طبيعة تربة البستان وارتفاع مستوى الماء الأرضي ونسبة الملوحة في التربة ومياه الري. وطريقة زراعة الأشجار أو الفسائل فإذا كانت التربة مالحة يمكن زراعة الشعير والفصة في السنوات الأولى لكي تسهم في استصلاح التربة ويمكن بعد ذلك زراعة الخضراوات أو أشجار الفاكهة متساقطة الأوراق مثل العنب والرمان والإجاص لسرعة إثمارها وقسر عمرها ويمكن زراعة التفاح والكمثرى وجميع الأشجار التي ذكرت تزرع مع زراعة الفسائل مباشرة للاستفادة من مردودها الاقتصادي. وبعد أن تصل أشجار النخيل إلى عمر عشر سنوات يمكن إزالة أشجار الفاكهة متساقطة الأوراق وزراعة أشجار الحمضيات بأنواعها المختلفة تحت أشجار النخيل كما يمكن زراعة أشجار المانكو والموز كما هو جار في مناطق زراعة النخيل في العراق، حيث توفر أشجار النخيل الحماية اللازمة لنمو هذه الأشجار وإثمارها مع مراعاة مسافات الزراعة وانتظامها، ويمكن الإشارة إلى الزراعات البيئية من خلال دراسة واقع النخيل التي تمت في البصرة، حيث أشار الباحثون إلى أن زراعة عدد من أشجار الفاكهة بين أشجار النخيل تختلف أنواعها وأعدادها من منطقة لأخرى، وبالتالي يمكن الحصول على العديد من الفوائد من هذه الزراعات البيئية أهمها: استغلال المسافات بين أشجار النخيل وبخاصة في المراحل الأولى من انشاء البساتين بزراعة محاصيل أو أشجار سريعة النمو وذات مردود اقتصادي جيد كذلك الاستفادة من مياه الري التي تروي هذه المحاصيل والأشجار في ري أشجار النخيل وبخاصة عند استخدام الري السطحي إضافة إلى الاستفادة من مخلفات أوبقايا الخضراوات والمحاصيل الحقلية كمصدر للمادة العضوية لتحسين خواص تربة البستان.

مواضيع مشابهة: