تستيقظ الشمس في كل صباح مرغمة على ارض افغانستان , فترسل باشعتها لا لتشرق و لكن لتحرق ما تبقى من الارض الجرداء, تلك الارض التي عفّ عليها الزمان بالنكبات و الويلات و الحروب. و اليوم لا ترى يقوم على تلك الارض سوى احزمة الفقر في كابول و غيرها من المدن و القاعدات العسكرية الاميركية على اطرافها و بساتين الخشخاش التي يقتات منها الاغنياء اكثر من الفقراء.
في كل صباح, ينهض الافغان للبحث عن لقمة العيش و لكن اربعة ملايين منهم ينهضون للبحث عن لقمة الموت التي تكلف اكثر من لقمة العيش. من بين هؤلاء, فهيم, الذي يستيقظ على صوت السباب و هتافات المارة المحقرة و النفايات التي يرشقونها به.
فهيم, انسيّّ تعيس , مدمن منبوذ, يعيش بين القاذورات تحت جسر من الجسور. ينتظر صاحبه كل يوم ليحضر له شيئا من الهيروين او الكوكايين و عندما لا يظهرالاخير يقصد فهيم الشارع باحثا عمن يشفق لحاله و يعطيه المال لشراء السم اليومي . " ارحل من هنا يا جرذ"..."لعنتك السماء و طردتك النار"..." يا حقير حذائي افضل منك"... هذا ما تسمعه اذني فهيم عندما يجلس على الرصيف او امام مسجد او بجانب المحال شاخصا نظره في المارة يستجدي المساعدة لحاله الميؤوس منها. و عندما تشتد الاهانات ينهض للرحيل قائلا في نفسه " يا ليتني اموت الان قبل ان اجد حاجتي".
لماذا هذا العذاب اليومي؟ و لماذا اربعة ملايين؟ و لماذا يقتل الانسان نفسه بيديه؟