أما البحر الأحمر - فأدت الأنشطة البشرية المتزايدة والمتمثلة فى السياحة والصناعة ونقل البترول إلى زيادة التلوث بالمنطقة الساحلية، خاصة النفايات الصلبة والتلوث بالزيت فى بعض المناطق, كما أن عمليات تحوير استخدام الأراضى والردم والتجريف، الذى توقف حالياً بعد تطبيق قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، من المسببات الرئيسية فى تدمير البيئة الساحلية, بالاضافة الى كل هذا تشكل الزيادة الكبيرة فى الرياضات البحرية المختلفة ضغوطا متزايدة على النظم الايكولوجية الحساسة فى منطقة البحر الأحمر.
وفى منطقة خليج السويس - الذى يعتبر مسارا مائيا للسفن وناقلات النفط المتجهة إلى قناة السويس والخارجة منها، والذى توجد به عدة منصات بحرية لإنتاج البترول ، يزداد التلوث بالزيت , وبالإضافة إلى ذلك تقوم المنشآت الصناعية فى منطقة السويس بصرف ما يقرب من 10 مليون متر مكعب من مخلفاتها السائلة الغير معالجة إلى خليج السويس كل عام. ومن المتوقع أن تزداد هذه الكمية بدرجة كبيرة بعد تنفيذ مشروع المنطقة الصناعية بخليج السويس.
واما نهر النيل – فيصرف على طول مجراه من أسوان إلى مصباته عند دمياط ورشيد - كميات كبيرة من المخلفات السائلة، بطريق مباشر وغير مباشر (عن طريق الترع والمصارف التى تصب فى نهر النيل وفروعه) ويمكن تقسيم المخلفات السائلة التى تصرف فى نهر النيل كالتالى:
(1) مياه صرف زراعى بها كميات مختلفة من بقايا الأسمدة والمبيدات المستخدمة فى الزراعة، وتقدر كمياتها بنحو 6000 مليون متر مكعب سنويا، منها حوالى 4000 مليون متر مكعب فى الوجه القبلى بين أسوان والقاهرة.
(2) مخلفات صرف صحى غير معالجة، تقدر كمياتها بنحو 1700 مليون متر مكعب سنويا منها حوالى 1000 مليون متر مكعب فى الوجه القبلى.
(3) مخلفات صناعية سائلة غير معالجة يختلف تركيبها وكمياتها من صناعة إلى أخرى.
(4) مياه تبريد من محطات توليد الكهرباء، وتقدر كمياتها بنحو 3000 مليون متر مكعب سنويا , وهى لا تعتبر مخلفات سائلة بالمعنى المفهوم لأنها لا تحتوى على ملوثات إضافية تذكر سوى كميات قليلة من المركبات الكيميائية التى تضاف لمياه التبريد لمنع التآكل والصدأ , وهذه المياه تخرج من محطات توليد الكهرباء ودرجة حرارتها مرتفعة قليلا عن درجة حرارة المياه المستقبلة لها (أعلى بحوالى 7 درجات مئوية).
واما بحيرات مصر الشمالية - فتعانى من الكثير من المشكلات لعل من اشهرها الصيد الجائر والتعدى عليها بالردم والتجفيف و تكاثر البوص وورد النيل بها وايضا تلوثها بشكل خطير ولنا فى بحيرة المنزلة نموذج لما تعانية بحيرات مصر .
فتعانى بحيرة المنزلة من التجفيف وتآكل التربة والذي أدى إلى تقلص مساحة البحيرة من 750 ألف فدان إلى 100 ألف فدان , وانتشار النباتات المائية كورد النيل والبوص في معظم أجزاء البحيرة مما يؤثر على نوعية وجودة من المياه .
و تستقبل البحيرة كميات هائلة من مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي والتي تلقى فيها سنوياً دون معالجة ويأتي مصرف بحر البقر على رأس قائمة المصارف والترع التي تلقى مخلفاتها حيث يلقى ما يقرب من 845 مليون مترمكعب سنويا من مياه الصرف الصحى الغير معالج ، مختلطة بها مخلفات حوالى 80 مصنعا فى منطقة القاهرة الكبرى. ولقد أدى هذا التلوث إلى تغيرات بيئية متعددة فى منطقة البحيرة فبجانب الإضرار بالثروة السمكية هجرت طيور كثيرة نافعة منطقة بحيرة المنزلة. ففى عام 1980 مثلا قدرت أعداد طائر "الغر" المهاجرة إلى المنزلة بحوالى 51.000 فى حين أنها لم تتعدى الـ 400 فى عام 1990. ومن ناحية أخرى أدى تلوث بحيرة المنزلة إلى زيادة نسبة المبيدات والملوثات الأخرى فى الأسماك. يليه مصرف حادوس(1.7 مليون متر مكعب)
و يقول د. عصام سعد الدين ـ أستاذ السموم بمعهد بحوث صحة الحيوان بوزارة الزراعة ـ إن 80% من مياه بحيرة المنزلة عبارة عن صرف صحي يتم تربية الأسماك عليه، وهي غير صالحة للاستخدام الآدمي لأنها مليئة بالسموم والمسببات المرضية.
أضف الى ذلك مشكلة تكاثر الاستاكوزا التي تعد من أخطر الأسماك التي يمكن أن تضعف الناتج القومي من الأسماك ، لأنها تتغذى على سمكة البلطي التي تمثل 90% من الأسماك المستخرجة من نهر النيل والبحيرات , والتى أدخلتها إسرائيل إلى مصر عن طريق توريد هذه الزريعة لإحدى مزارع محافظة الإسماعيلية على أنها استاكوزا المياه المالحة ، ثم انتشرت بسرعة البرق في المزارع والمصارف وترع الوجه البحري.
كل تلك العوامل ادت إلى إنخفاض انتاج الاسماك من المصايد الطبيعية , فى حين أن الانتاج الاسماك من الاستزراع السمكى فى زيادة مطردة عام بعض الاخر .
ويوضح الجدول التالىتزايد انتاج مصر من الاستزراع السمكى .
ضرورة مستقبلية
بلغ استهلاك مصر من الاسماك فى عام 2009 ما يقرب من مليون و 290 الف طن وكانت مساهمة المصايد الطبيعية لا تتعدى 410 الف طن ( بنسبة31%من الاستهلاك ) , ومساهمة الاستزراع السمكى حوالى 630 الف طن ( بنسبة 49 % من الاستهلاك )ويتم استيراد 250 الف طن من الخارج ( 20% من الاستهلاك ) وبذلك يكون معدل استهلاك الفرد من الاسماك فى العام حوالى 16.2كجم.
اى ان الاستزراع السمكى يساهم بحوالى 63% من انتاج مصر من الاسماك و 49 %من الاستهلاك ولولاه لتم أستيراد تلك الكمية من الخارج , ولجلسنا نتحدث عن تحقيق الاكتفاء الذاتى ومن لا يملك قوته لا يملك حريته كما يحدث عند الحديث عن القمح ًً!!!
ومن المتوقع ان يظل مستوى الانخفاض فى أنتاج الاسماك من مصادر مصر الطبيعية فى السنوات القادمة, فطبقا للدكتورعبدالرحمن الجمل ـ مدير المركز الدولي للأسماك تهدف استراتيجية تنمية الثروة السمكية الممتدة حتي عام2017 إلى الوصول إلي انتاج مليون و500 ألف طن من الأسماك أو ما يزيد, وتطمح أن تصل معدلات الانتاج من الاستزراع السمكى إلي مليون طن و200 طن من الأسماك, وباقي الكمية سنحصل عليها من المصائد الطبيعي ( اى 300 الف طن فقط وهذا الرقم أقل من الانتاجية الحالية فى عام 2009 بمقدار 110 الف طن ! )
ولو نظرنا نظرة استشرافية للمستقبل لرأينا مدى ضرورة هذا القطاع حيث تشير التوقعات الى ان عدد سكان مصر سيصل الى 100 مليون نسمة فى 2020 ( عدد السكان الحالى 79 مليون نسمة ) , أى ان كمية الاستهلاك من الاسماك ستزيد بحوالى 25% ( بفرض ثبات معدل استهلاك الفرد من الاسماك فى العام ) لتصل الى مليون و 650 الف طن
أى إذا اردنا الحفاظ على معدل استهلاك الفرد الحالى والبالغ حوالى 16.2 ينبغى ان يتم توفير مليون و650 الف طن فى سنة 2020
وطالما ان المتوقع انتاج 300 الف طن من المصادر الطبيعية إذا ينبغى أن يتم توفير مليون و 350 الف طن عن طريق الاستزراع السمكى والاستيراد وبذلك فان مساهمة المصادر الطبيعة فى تغطية الطلب على الاسماك لن تتعدى 18% من الاستهلاك المتوقع
واذا أردنا ان نساير معدلات الاستهلاك المتوقعة فى العالم فى 2020 والتى يتوقع أن تتعدى 20 كجم للفرد فى العام حسب توقعات المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية فان حجم الاستهلاك فى 2020 سيصل الى 2 مليون طن من الاسماك , وبالتالى فيتوقع ان تساهم المصايد الطبيعية ب 300 ألف طن ( اى بنسبة 15% من الاستهلاك ) ويتم تغطية المتبقى من الكمية المطلوبة عن طريق الأستزراع السمكى و الاستيراد .
وهكذا يتضح لنا أن مساهمة المصايد الطبيعية فى تغطية الطلب على الاسماك من المتوقع أن تنخفض من 31% الى 18 او 15% فى عام 2020
وبذلك يكون قد اتضح للسائل أن الاستزراع السمكى ضروةً وليس خياراً !
لكن هل سيستطيع قطاع الاستزراع السمكى الاستمرار فى سد الفجوة بين الاستهلاك والانتاج هذا هو الشاغل الذى يجب ان توضع الخطط و السياسات من اجله , ربما تطرقنا الى تلك الخطط ( هل يوجد خطط - هل لدينا مخططين -هل لدينا مؤسسات - ماذا نريد ) فى موضوع قادم بشكل أكثر تفصيلا .