آمين، أتمنى أن نحتفل جميعاً بتحقيق حلم المزرعة العضوية بإذن الله. سعيد جداً بمشاركتك.
الوليد بن طلال فى توشكى
بالنسبة لكلامك، فهو صحيح بالطبع. الأمير الوليد بن طلال أخذ مساحات شاسعة فى توشكى ولكنه لم يزرع إلا جزء ضئيل جداً منها. وها هى بعض الصور لبعض الزراعات الموجودة فى أرض الأمير الوليد بن طلال فى توشكى:
برسيم حجازى (رى بالرش / رى محورى)
بطاطس (فى أرض الوليد بن طلال فى توشكى) رى بالتنقيط
توشكى مشروع قديم
بالنسبة لمشروع توشكى، فليس لمصر خيار، هو مشروع يجب أن نخوض فيه شئنا أم أبينا، حيث أن الموارد المائية لدينا تواجه مشكلة فعدد السكان فى تزايد هائل منذ عصر جمال عبد الناصر والموارد المائية كما هى! ومشروع توشكى ليس فكرة جديدة، بل هو المرحلة الثانية التالية لبناء السد العالى وكان مخطط الخوض فيها من أيام السد العالى ولكن لم نبدأ فى هذا المشروع إلا بعد سنوات طويلة. وتوشكى مجرد بداية لتنمية وادى جديد موازى لوادى النيل القديم، حيث سوف تمتد الزراعة والصناعة والعمران من توشكى مروراً بالداخلة وباقى الواحات إلى أن تصل إلى الساحل الشمالى. هذه طبعاً على المدى البعيد، ولكن توشكى أول المشوار وهى أمر لا بد منه وليس لنا حل سواه.
استثمار بعيد المدى
بالطبع الأموال التى تم صرفها على مشروع توشكى لو كانت قد وضعت فى البرصه كما قال قائل مرة لكانت عوائدها أضعاف أضعاف، لكن العملية ليست مجرد حساب بسيط للأرباح الفورية كمشروع تجارى، فتوشكى لها أهداف أخرى مثل توفير مياه ومواجهة شبح نقص المياه الذى يهدد المنطقة فى المستقبل، زيادة الرقعة الزراعية فى مصر باستخدام مياه من النيل مباشرة (وأيضاً من المياه الجوفية)، إيجاد صناعات مبنية على الزراعة، إتاحة فرص عمل وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة. ومدينة السادات على سبيل المثال كانت مهجورة فى البداية، وعندما تم تعميرها نجد بها الآن الأراضى الزراعية والمنطقة الصناعية الناجحة والسكان. وهذا ما سوف يحدث فى توشكى ولكن سوف يستغرق سنوات عديدة. توشكى ليست خيار بالنسبة لنا، فهى الحل الوحيد لمشكلة المياه القادمة ولا يجب معاملتها كمشروع استثمارى فقط نرجوا منه العائج السريع على المدى القصير. وبالطبع، على المدى البعيد فإن حساب اقتصاديات المشروع مجدية للغاية إذا وضعنا أزمة المياه والمشاكل الأخرى التى سوف تؤدى توشكى إلى حلها فى الحسبان.
التاريخ يعيد نفسه: مشروع السد العالى
إن نجاح أو فشل مشروع ما لا يعتمد على عدد الصحف التى هاجمته أو نسبة الهجوم الذى ناله. فإذا ما رجعنا إلى الصحف والإعلام فى عصر بناء السد العالى، لوجدنا أن الهجوم الذى ناله مشروع السد العالى يفوق الخيال والوصف، ورغم ذلك فإن كل هذا الهجوم الشرس الذى ناله مشروع إنشاء السد العالى قد تبخر مع الزمن بل ونسيناه تماماً بعد أن أثبت السد العالى جدواه بمرور الزمن من حمياة مصر من خطر الفيضانات وزيادة الرقعة الزراعية نتيجة زيادة المياه والحماية من الجفاف وخطر نقص الغذاء والمساهمة فى تحقيق قدر من الأمن العذائى والاستقرار للبلد، مما عادل بشكل لا يدع مجال للشك بعض السلبيات التى أتى بها السد العالى كتهجير بعض أهالى النوبة المصريين وحجب الطمى الخصب الذى أدى إلى انخفاض فى خصوبة التربة فى مصر مما إدى إلى اللجوء إلى استخدام الأسمدة الكيماوية لتعويض ذلك. ولكن رغم عيوبه، فمشروع السد العالى كان أمراً لا بد منه، وفى ظل الزيادة السكانية لكنا قد مررنا بمجاعة فى مصر إن لم يكن السد العالى موجود ونحن أكثر من 70 مليون. هكذا سوف يكون الحال بالنسبة لتوشكى فى المستقبل أيضاً فى ظل الارتفاع المطرد لعدد السكان فى مصر، وساعتها سوف تتبخر أثار الحرب الضورس المقامة ضد المشروع كما حدث فى حالة السد العالى بأسوان الذى دافع عنه العالم الجليل جمال حمدان فى كتاباته (وذكر بها أيضاً موضوع توشكى رغم أنه توفى قبل البدء فى المشروع) ودافع عنه (أى السد العالى) الشاعر البديع عبد الرحمن الأبنودى فى شعرة الرائع فى ملحمة "حراجى القط فى جبالية الفار". ولكن نحن اليوم فى ظل رسوخ فكرة السد العالى عندنا وفوائده، نستعجب لهذا الدفاع المستميت لمشروع السد العالى ناسيي الهجوم الشرس الذى تعرض له فى بدايته.
تباطؤ المشروع
بالنسبة لمشروع توشكى، هو ليس خيار لنا، وهو مشورع ناجح على المدى البعيد، ولكنه تعرض لكبوة أدت إلى البطء فى تنفيذه لأسباب متعددة منها ارتفاع سعر الدولار بعد تعوييم الجنيه المصرى وآثر ذلك على العديد من شركات المقاولات التى كانت مشاركة فى إقامة مشروع توشكى العملاق. أما عن الهجوم الشرس الذى تعرض له مشروع توشكى، فأحد أسبابه هو أن هناك أيدى خفية لا تريد لمصر ولا للوطن العربى الاستقرار والنجاح وتحاول العبث بنا وإفشالنا وتصنع كما صنعت أيام السد العالى، ولكن للأسف فإن منا من يتبع هذه المغالطات وتتوه عنه الصوره الكبيرة بل ويشارك فى الكلام بغير علم وينشر أى أقوال بدون تأكد من صحتها أو وعي لمعناها فى الإطار الكبير.
البعد عن الأسواق
المشكلة الرئيسة فى توشكى أنها بعيدة جداً عن الأسواق الداخلية فى مصر. وذلك ينسف فكرة أن يتمكن المزارع العادى من الزراعة بها، حيث أنه مثلاً لو زرع طماطم، ثم قام بنقلها إلى الأسواق فى القاهرة، لأدى سعر النقل على هذه المسافة الشاسعة إلى تضاعف سعر الطماطم مما يجعل الموضوع غير اقتصادى بالمرة للمزارع الصغير. ولى أحد المعارف هو مهندس زراعى قام بأخذ قطعة أرض صغيرة فى توشكى، وواجهته مشكلة النقل هذه، فترك المحصول هناك ولم يبيعه! ويقول لى أن المحصول هناك ما شاء الله حجمه كبير وجودته عالية وشئ رائع، ولكن مشكلة النقل هى التى تدمر كل شئ.
الحل فى التصدير
ولذلك، فإن الدولة حالياً تتجه نحو المستثمرين الكبار للاستثمار فى توشكى، حيث أن هؤلاء هم الذين يمكنهم معالجة مشكلة النقل عن طريق التصدير مباشرة إلى الأسواق الخارجية. وهذا ما صنعه بالفعل الأمير الوليد بن طلال فقام بتصدير العنب إلى الأسواق الأوربية وربح منه الكثير. وقامت مجموعة الراجحى السعودية بأخذ 100 ألف فدان فى توشكى لزراعة 40 ألف فدان منها وإنشاء صناعات غذائة على 60 ألف فدان. وهناك اهتمام متزايد الآن بتوشكى فى ظل الارتفاع العالمى لأسعار الأغذية والمحاصيل مما يجعل الاستثمار فى الزراعة والصناعات الغذائية فى توشكى أمر ذا جدوى اقتصادية عالية للمستثمر الكبير الذى يقوم بالتصدير. وسوف تشهد توشكى فى الأيام القادمة بإذن الله طفرة جديدة نتيجة الارتفاع العالمى فى أسعار السلع الغذائية والمحاصيل مما يشجع مستثمرين جدد فى الاستثمار فى توشكى وزيادة الزراعة والصناعة الغذائية بها.
خاتمه
أرجو أن أكون قد نجحت فى توصيل ولو جزء من الصورة عن مشروع توشكى وأسباب طباطؤه وسبب إعادة اشتعال الاهتمام به والتسارع فى تنميته هذه الأيام وأسباب الهجوم الشرس الذى ناله وكونه مشروع لا مفر منه لمستقبل مصر بل والعالم العربى ككل فى ظل شبح أزمة المياه القادمة.