معركة أجنادين سنة 15هـ :
وتقع أجنادين بين الرملة وبيت جبرين بفلسطين ، وكان قائد جيش المسلمين : عمرو بن العاص يساعده شرحبيل بن حسنة ، وقائد جيش الروم : الأرطبون ، وكان الأرطبون أدهى الروم وأبعدها غورًا ، فوضع في الرملة جندًا كثيفًا ووضع جندًا كذلك في القدس وبيسان ، فعمل عمرو بن العاص على مشاغلة الجنود خارج أجنادين بعدد من قادته وتفرغ للأرطبون يخطط لدحره ، وبقى عدة شهور لم يظفر منه بشيء أو خبر لصنع مكيدة له ، ثم سار إليه بنفسه فدخل عليه كأنه رسول ففطن إلى حيلته الأرطبون وقال : لاشك أن هذا هو الأمير أو من يأخذ برأيه ، فأمر الحرس إذا مر بهم في عودته أن يقتلوه ، وانتبه عمرو إلى ما يضمر له الأرطبون من المكر وقال في نفسه : أحسنت يا عمرو الدخول فاحسن الخروج ثم قال للأرطبون : قد سمعت منى وسمعت منك ، وقد وقع قولك مني موقعًا وأنا واحد من عشرة بعثنا عمر إلى هذا الوالي لنكاتفه فأرجع فآتيك بهم الآن ، فإن رأوا الذي عرضت على الآن فقد رآه الأمير وأهل العسكر ، وإن لم يروه رددتهم مأمنهم ، فقال الأرطبون : نعم ، ثم أرسل إلى الحراس بعدم التعرض له طمعًا منه أن ينال من العشرة بدلاً من واحد ، وخرج عمرو سالمًا ثم علم الأرطبون أنها كانت خدعة من عمرو فقال : هذا أدهى الخلق ، ثم إن عمرو بن العاص عرف مكان الضعف عند الأرطبون فشن عليه الحرب ، وكانت موقعة شديدة بأجنادين لا يفوقها شدة إلا اليرموك حتى كثر القتلى ثم انهزم الأرطبون وقصد بيت المقدس وتحصن فيه ، وتقدم المسلمون بعد ذلك نحو بيت المقدس .
وكانت معركة أجنادين في 18 جمادي الأولى سنة 15 هـ .
وفاة أبي زكريا يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي يوم الإثنين 16 من جمادى الأولى 258 هـ :
أبو زكريا يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي الواعظ الزاهد ، له كلام في الوعظ رائق ، كتب له الذيوع والشيوع في الناس حتى صارت بعض أقواله حكماً سائرة .
من مأثور كلامه
- كيف يكون زاهداً من لا ورع له ، تورع عما ليس لك ثم ازهد فيما لك
- على قدر شغلك بالله يشتغل في أمرك الخلق.
- جميع الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة فكيف تغتم عمرك فيها مع قلة نصيبك منها.
- لا يزال دين العبد متمزقاً ما دام قلبه بحب الدنيا متعلقاً
- بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له ادع لي وبئس الأخ أخ تحتاج أن تعتذر إليه عند زلتك
- العلماء العاملون أرأف بأمة محمد صلى الله عليه وسلم وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم قيل له: كيف ذلك ؟ قال: لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا ، والعلماء يحفظونهم من نار الآخرة وأهوالها .
- وكان يقول: العامة يحتاجون إلى أهل العلم في الجنة كما في الدنيا فقيل له كيف ؟ فقال: يقال للعامة في الجنة تمنوا فلا يدرون ما يقولون فيقولون نرجع لأهل العلم فنسألهم فيكون ذلك تمام مكرمة لأهل العلم.
- إياكم والركون إلى دار الدنيا فإنها دار ممر لا دار مقر الزاد منها والمقيل في غيرها.
- وكان يقول جالسوا الذاكرين فإنهم ملازمون باب الملك
- أخوك من ذكرك العيوب وصديقك من حذرك الذنوب.
- حسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات، وسوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات.
- لدنيا خمر الشيطان، من سكر منها لم يفق إلا في عسكر الموتى نادمًا مع الخاسرين.
- ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو.
- إلهي كيف أنساك وليس لي رب سواك ؟ إلهي لا أقول لا أعود لأني أعرف من نفسي نقض العهود، ولكني أقول لا أعود لا أعود لعلي أموت قبل أن أعود.
- مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة.
- من أعظم الاغترار عندي التمادى في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة، وتوقع القرب من الله بغير طاعة، وانتظار زرع الجنة ببذر النار، وطلب دار المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، والتمني على الله مع الإفراط، ومن أحب الجنة انقطع عن الشهوات، ومن خاف النار انصرف عن السيئات.
- حفت الجنة بالمكاره وأنت تكرهها، وحفت النار بالشهوات وأنت تطلبها، فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء إن صبر نفسه على مضغ الدواء اكتسب بالصبر عافية، وإن جزعت نفسه مما يلقى طالت به علة الضنى
- ما عصى الله كريم، وما آثر الدنيا على الآخرة حكيم.
- اجتنب صحبة ثلاثة أصناف من الناس: العلماء الغافلين، والقراء المداهنين، والمتصوفة الجاهلين.
- من خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية.
- طلب العاقل للدنيا أحسن من ترك الجاهل لها.
- ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تسره فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه.
- عمل كالسراب وقلب من التقوى خراب، وذنوب بعد الرمل والتراب ثم تطمع في الكواعب الأتراب، هيهات.