هل يمكن شراء نظام خبير فارغ وملئه بالبيانات؟
نعم يمكنك أن تطلب من مبرمجين متخصصين عمل برنامج نظام خبير لك أو أن تشترى برنامج نظام خبير جاهز فى مجال الزراعة. وهناك أشكال وأنواع من النظم الخبيرة، أى أن برنامج النظام الخبير فى مجال الزراعة ليس له صوره واحدة فقط، بل يمكن أن تكون له أشكالاً متعددة، البرنامج المشار إليه هنا يمثل مجرد واحد من تلك الأشكال (وربما أنسبها لوزارعة الزراعة).
أما بالنسبة لعملية تغذيته بالبيانات، فبالطبع يمكن أن تقوم أنت بذلك. ولكن، إذا قمت بذلك فأغلب الظن أن البيانات الموجودة عندك لن ترقى بأى حال من الأحوال لتلك البيانات التى فى حوزة وزارة الزراعة المصيرية والتى عندها مراكز بحوث زراعية متعددة ومحطات منتشرة فى أنحاء الجمهورية وباحثين بأعداك غير قليلة كل هؤلاء يقومون بإنتاج كميات هائلة من البيانات، فإذا ما قمنا بتغذية النظام الخبير بكم هائل (ومطلوب) من البيانات، يمكن بعد ذلك أن يكون جاهزاً للاستخدام وتكون إجاباته جيدة ودقيقة إلى حد كبير.
أما إذا قمت أنت بتغذيته ببيانات من عندك أو من تجاربك أنت، فبالتأكيد مهما فعلت سوف تكون محدودة للغاية ولن ترقى أبداً بأى حلا من الأحوال للكم ولا التغطية فى الأماكن والفترة الزمنية لتلك التى فى حوزة وزارة الزراعة المصرية. فإنتاج البيانات يحتاج إلى تنوع فى الأماكن وفترة زمنية بعيدة بها مواسم متعاقبه وعدد هائل من القياسات على النباتات.
هل تلغى النظم الخبيرة دور المهندس الزراعى؟
أما بالنسبة لسؤالك السابق عن ما فائدة المهندس الزراعى إذا تمكن النظام الخبير من الإجابة على كل الأسئلة، فإنى أقول أن العالم يتغير الآن، ففى الماضى، كانت المهارة المطلوبة هى القدرة على الحفظ والتذكر. ومع ضهور الكتاب والطبعاه ثم الكمبيوتر والإنترنت، أصبح الحصول على المعلومة سهل جداً وأصبحت المهارة المطلوبة ليست القدرة الفائقة على حفظ المعلومات فى الذهن بل القدرة على الابتكار والاستنتاج والتصرف وإيجاد الحلول للمشاكل الجيدة التى تواجنها أو إيجاد حلول أفضل للمشاكل القديمة.
وتمثل النظم الخبيرة خطوة إضافية على نفس هذا الطريق، فيصبح دور المهندس الزراعى هو البحث والتجيب وتغذية النظم الخبيرة بالبيانات. ولا يتوقف ذلك عند حد معين، فكلما أردنا زيادة الإنتاجية أو التعامل مع الظروف المتغيرة أو المحاصيل الجيدة أو احتياجات المستهلك المختلفة أو مجرد تحسين الإنتاج فسوف نظل فى احتياج إلى التجريب والبحث وتغذية النظم الخبيرة ببيانات إضافية جديدة. ويكون هذا من الأدوار الأساسية للمهندس الزراعى.
ثم يأتى دور المهندس الزراعى مرة أخرى فى استخدام النظم البيرة كما لو أنه يستخدم مرجع علميى كى تساعده على حل المشاكل والتعامل مع المتغيرات المختلفة. وفى النهاية، فإن النظام الخبير ليس القول الفصل الذى لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه، فيمكن للمهندس الزراعى حتى بعد الحصول على الإجابة من النظام الخبير أن يقوم بتعديلها بعض الشئ أو أن تكون له رؤية مختلفة، تماماً مثلما تقرأ فى مرجع علمى ما عن طريقة معينه مثلاً فى الزراعة فتستفيد منها ولكنك لا تقوم بتطبيقها حرفياً، ولكن علمك الزراعى يساعدك على تعديلها بعض الشئ عند القيام بها.
وللعلم، فإن النظم الخبيرة مستخدمة فى الغرب بشكل كبير فى مجال الطب أيضاً، وتستخدم للمساعدة فى تشخيص الأمراض. فيقوم النظام الخبير مثلاً بالسؤال عن الأعراض، ثم يطلب تحليل معين مثلاً، وبعد إجراء التحليل المطلوب وإعطاء البرنامج نتائج التحليل ربما يسأل عن أعراض أخرى أو يطل تحاليل إضافية، ويقوم فى النهاية بتشخيص المرض. وبالطبع النظم الخبيره هذه لم تلغى الأطباء فى الغرب، بل يستخدمونا لمساعدتهم. فالطائرة التى تطير بنظام ذاتى (أى باستخدام Autopilot بدون الحاجة إلى قيادة الطيار لها) يكون بداخلها طيار أيضاً حتى يتابع كل شئ ويتدخل عندما يطلب الأمر إلى تدخله.
إن ظهور الآلة الحاسبة واتساع استخدامها جعل من مهارة الجمع والطرح والضرب والقسمة مهارة أقل أهمية، ولكن هذا بالطبع لم يلغى الحساب بل مجرد أنه جعل الآلة الحاسبة أداة نستخدمها لسرعة الحساب وبدون أن نلغى عقولنا. فكذا النظم الخبيرة تؤدى إلى تطوير المهندس الزراعى واستخدام قدرته على الاستنتاج والابتكار وتقلل من أهمية الحفظ والتلقين والتذكر لكميات هائلة من المعلومات لديه. وهذا هو حال التعليم فى الغرب، عقبال عندنا.