وزارة الزراعة السعودية تعترض على تعويض مزارعي القمح
البنك الدولي يقترح مقايضة المتر بـ 4 هللات.. ويطالب بإيقاف القروض
المصدر جريدة الشرق الاوسط
الرياض: خالد العويجان
علمت «الشرق الأوسط» عن تحفظ وزارة الزراعة في السعودية، على مقترح قدمه البنك الدولي، ضمن استراتيجية خاصة بالمياه في السعودية يدرسها البنك مُنذُ سنوات، يقضي بتعويض مزارعي القمح والأعلاف، بـ4 هللات للمتر الواحد، أي 400 ريال للهكتار الزراعي الواحد. وأكدت مصادر (رغبت في عدم الكشف عن اسمها) أن تحفظ «الزراعة» انصب على عدم تفعيل أحد مقترحات دراسة الاستراتيجية الجديدة للمياه، والقاضية بسحب أراض زراعية من بعض المزارعين، مع اشتراط عدم استخدام تلك الأراضي الزراعية، بعد تعويض ملاكها.
ويعمل البنك الدولي مُنذُ نحو 6 أعوام، على إعداد دراسة لتطوير استراتيجية لإدارة متكاملة لموارد المياه في السعودية، وخطة العمل عبر عدة مراحل، فرغ البنك من إنهاء المرحلة الأولى، ولا تزال المراحلة المتبقية قيد الدراسة. ومن المفترض أن تظهر ملامح الاستراتيجية الوطنية للمياه في السعودية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأبدت وزارة الزراعة، تحفظا آخر على احتواء الاستراتيجية، بنداً يقضي بإيقاف الدعم والقروض عن مزارعي القمح، في حدود السنوات التي حددتها الدولة لهم في وقتٍ سابق، والقاضية بإمهالهم 8 سنوات. وتضمن المقترح تحويل جوانب الدعم تلك إلى حلول تقنية، تهدف لتوفير المياه.
يذكر أن السعودية اتجهت إلى تقليص الحركة الزراعية الخاصة ببعض المنتجات، التي تتطلب طاقة مائية أكبر من غيرها، وسعت إلى عقد اتفاقيات مع دول عربية وصديقة بهدف الاستفادة من ثروات تلك الدول؛ لتحقيق الأمن الغذائي. وفي ذات السياق، جمعت أمس ورشة عمل شهدتها العاصمة الرياض، حضرتها «الشرق الأوسط»، المهندس عبد الله الحصين وزير المياه، مع مهتمين في شؤون المياه والزراعة في السعودية، ومسؤولين حكوميين من وزارات: الزراعة، المياه، والاقتصاد والتخطيط، إضافة إلى البنك الدولي القائم بدراسة الاستراتيجية الجديدة. وفي هذا الإطار، أكد الحصين على ضرورة ارتكاز الخطة الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالمياه، على أرقام واضحة، ومنطلقات عملية، مشدداً على ألا تقوم على الـ«عاطفة.. والرغبات»، مستشهدا بدراسات سابقة تناولت قطاع المياه، أثبتت أن السعودية من أكثر دول العالم شُحاً في الموارد المائية.
إلى ذلك، أبرز الدكتور عبد الله العبيد، وكيل وزارة الزراعة لشؤون الأبحاث والتنمية إدراك وزارته لبعض الممارسات الخاطئة، التي أقدم عليها مزارعون فيما يتعلق بالمياه في الفترة الماضية، التي أدت إلى تقليص المياه في بعض المدن الزراعية في البلاد، لكنها ـ وفقاً للعبيد ـ، تُدرك الدور الزراعي وعلاقته بالجوانب الاجتماعية، والاقتصادية.
وقال العبيد، إن وزارة الزراعة تدرك وجود مشكلة في المياه، التي صاحبها ندرة في الأمطار، ومحدودية في مصادر المياه الجوفية، كون الحقل الزراعي، يُعدُ من أكبر المتضررين من مستهلكي المياه. وتطلع وكيل وزارة الزراعة إلى خروج استراتيجية وطنية شاملة لكل موارد المياه في البلاد، بما لا يضر بأصولها.
وهنا عاد الوزير الحصين، وقال «أدركنا استهلاك منتجات زراعية مُعينة بشكل أكبر من غيرها، وهو ما قادنا للتفكير في الاستغناء عن بعضٍ منها، مثل زراعة الأعلاف والقمح، لنصل إلى زراعة مستدامة، مبنية على استراتيجية متوازنة».
وأعطى الحصين مُبررات لتأخر البنك الدولي في إنجاز الاستراتيجية، وقال «الدراسات في الغالب ما تكون مبنية على أسس علمية واضحة، تحتاج وقتا أكبر فيما يتعلق برسم ملامح فنية، وعلمية، تسير وفقها الاستراتيجية بشكل واضح ومُجد».
وأضاف الوزير الحصين «خلال الخمس سنوات الماضية، لم تقف وزارة المياه مكتوفة الأيدي، بل سعينا لإنشاء شركة وطنية خاصة بالمياه، مع إدراكها للمتطلبات الضرورية المتزايدة على المياه».
وأفصح المهندس عبد الله الحصين عن قطع الوزارة شوطاً كبيراً في تسعيرة المياه المحلاّة، فيما ستبدأ الوزارة قريباً بمناقشة تلك التسعيرات، بما يوجد توازنا بين الاستهلاك المنزلي وخطط الوزارة.
من جانبٍ آخر، أعلن الحصين، عن إدراج 4 مدن رئيسية في بلاده، ضمن المدن المُقرر أن تعمل الشركة الوطنية للمياه على توفير احتياجاتها المائية العام المقبل. وحدد الوزير الحصين منتصف العام المقبل موعداً لانضمام مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والطائف، والدمام، ضمن المدن التي تتولى الشركة مسؤولية توفير المياه لها، إضافةً إلى العاصمة الرياض، وجدة، التي عملت الشركة فيها منذُ 7 أشهر على توفير المياه لهما.
من جانبه، أبرز الدكتور محمد السعود وكيل وزارة المياه لشؤون المياه حاجة البلاد لاستراتيجية واضحة الملامح، تُدرك في ذات الوقت، الحاجة الماسة للمياه، التي قادت إليها أسباب عدة.
وأعطى السعود، الذي تحدث هو الآخر في ورشة العمل الرابعة الخاصة بالاستراتيجية الوطنية للمياه، بعضاً من أهداف تلك الاستراتيجية، التي أكد أنها سترتكز على قواعد عدة، أهمها وضع قاعدة عريضة لحجم الطلب على المياه، واحتوائها على برامج خاصة بحفظ المياه الجوفية.
وأضاف، أن الاستراتيجية تهدف أيضا إلى الاستفادة القصوى من مياه الصرف الصحي المعالجة، وحصر الآبار، مع التركيز على بعض موارد المياه في المناطق الخالية من السكان في البلاد، كصحراء الربع الخالي، مع الاهتمام بدراسة التلوث الإشعاعي في المياه الجوفية.