كليات الزراعة «المظلومة» توفر فرص عمل مميزة.. و٥ تخصصات فيها تتصدر الوظائف الأكثر طلباً
تحقيق علي زلط وسمر سرحان وأحلام عبدالله ١٩/٧/٢٠٠٨
ليس أغرب في الجامعات المصرية من وضع كليات الزراعة، ففي الوقت الذي يجمع فيه الخبراء علي أن مسيرة التنمية في مصر تقودها قاطرة الزراعة، تشهد الكليات التي يبلغ عددها في مصر ١٧ كلية زراعة عزوفا من أوائل الثانوية العامة، فيما يزداد الطلب بشدة علي بعض تخصصاتها لتلبية التصاعد في الزراعة الصحراوية التي تشهد طفرة كبيرة في مصر، عززها دخول شركات عالمية تستهدف التصدير وتوظف العشرات من الخريجين برواتب مجزية.
يعتبر بعض الأهالي أن كلية الزراعة تقع في أدني سلم الاختيارات لأبنائهم بسبب عدد الطلاب القليل الذي تستوعبه كل عام، ومجموع الثانوية المنخفض الذي تقبله مما يجعلها، مقولة شائعة بأنها «كلية فلاحة».
ينفي الدكتور علي عطية نجم عميد كلية الزراعة جامعة القاهرة هذه الأفكار المتداولة بين المواطنين، ويؤكد أن الكلية لا تعاني من نقص في أعداد الطلاب كما تتناولها وسائل الأعلام، واعتبر أن خفض درجة القبول في كلية الزراعة لتصل إلي ٥٠%، هو أمر يتم بعكس رغبة الكلية، لأنها تطلب ٤٠٠ طالب كحد أقصي حتي تضمن جودة تعليمهم لكن العدد المرسل من قبل مكتب التنسيق يصل إلي ضعف ذلك مما يسبب مشكلة في العملية التعليمية.
ويفسر نجم ضعف إقبال الطلاب المتفوقين في الثانوية علي كلية الزراعة، بأن الدولة تخلت فجأة عن تعيين خريجي الزراعة، لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن دخول القطاع الخاص بقوة لمجال الزراعة الصحراوية زاد من الطلب علي خريجي الزراعة العاملين في الصحراء، وأصبح المهندس الزراعي حديث التخرج يحصل علي ٦٠٠ جنيه كمرتب أولي، بخلاف العمل في الهيئات الدولية «المنظمة العربية للتنمية الزراعية ومنظمة الأغذية والزراعة» براتب أعلي.
وبالرغم من المشكلات التي عرضها الدكتور نجم إلا أنه يتوقع عودة الكلية لقائمة كليات القمة بعد أن أخذ بمشروع (التطوير المستمر والتأهيل للاعتماد) من وزارة التعليم العالي لمدة عامين بتمويل ١٣,٤ مليون جنيه، حتي يمكنها التقدم للهيئة القومية لضمان الجودة والحصول علي الاعتماد الدولي لكلية الزراعة، مما يحسن من فرص عمل الخريجين بالخارج.
طلاب كليات الزراعة الذين التقتهم «المصري اليوم» أكدوا أنهم تعرضوا لمشكلات في بداية التحاقهم بالكلية سببها الشائعات المثارة حولها بشدة، لكنهم تغلبوا عليها وحققوا فرص تدريب وعمل جيدة.
سارة أحمد الطالبة بالفرقة الرابعة - قسم فاكهة، أكدت أنها تدرس بالكلية مناهج عالية الجودة إضافة لحصولها علي التدريب العملي الذي يؤهلها للعمل في السوق الخارجية، سارة قالت إنها تعتبر كلية الزراعة لا تقل عن كليات القمة كالطب والصيدلة، وتنصح طلاب الثانوية العامة بالالتحاق بكلية الزراعة لأنها كلية علمية ومتنوعة المجالات والتخصصات وليست (كلية فلاحة) كما يشاع عنها.
أما شيماء عز الدين، الطالبة بالفرقة الثالثة قسم زينة فتؤكد أن قسم الزينة به ٢٦ طالباً وطالبة فقط، مما يوفر لهم التحصيل الدراسي الجيد وتتوافر فرص التدريب في شركات ومعارض أشجار الزينة والورود التي يتم تصدير جزء كبير منها إلي الخارج.
أكثر ما يصيب الطالب الذي ينوي الالتحاق بكلية الزراعة بالحيرة هو العدد الكبير لأقسام الكلية، وهي المشكلة التي يكشف عنها الدكتور عبدالغني الجندي أمين لجنة الدراسات الزراعية بالمجلس الأعلي للجامعات، وهي اللجنة المسؤولة عن وضع السياسات التعليمية الزراعية في التعليم العالي.
يؤكد الجندي أن اللائحة القديمة لكليات الزراعة لم تعد تناسب الوضع الحالي للزراعة في مصر، ولم تتغير منذ سنوات طويلة، فكلية زراعة جامعة القاهرة كانت تحتوي علي ١٥ قسماً وتخصصاً، وخريجو كل قسم لا يتمتعون بخبرات أكثر من تخصصهم الدقيق الذي لا تحتاجه السوق،
ويشرح وجهة نظره بالقول: «المستثمر الزراعي يحتاج إلي مهندس واحد لديه خبرات في زراعة المحاصيل والخضر والفاكهة حتي يمكنه دفع راتب مناسب له، وفي السابق كانت الكليات لا تعطي هذه الخبرات مجتمعة لطلابها، فلم يجدوا فرص العمل المناسبة».
ويحمل الجندي بشري سارة لطلاب الزراعة الجدد في ١٧ كلية بمصر، فقد قرر المجلس الأعلي للجامعات بعد دراسة احتياجات سوق العمل الزراعي وضع لائحة جديدة للكليات تختصر التخصصات الدقيقة في الزراعة وعددها ١٥ تخصصا في ٧ برامج دراسية توفر لطلابها خبرات جديدة مع إدخال تخصصات دراسية مهمة مثل الزراعة الدولية التي يتقاضي المتخصصون فيها أجورا عالية.
ويتفق معه في الرأي الدكتور إبراهيم رزق وكيل كلية زراعة عين شمس لشؤون الطلاب، حيث يؤكد أن اللائحة الجديدة بدأ تطبيقها بدءا من العام الماضي، وأصبحت هناك ٥ أقسام تعتبر الأكثر تلبية لاحتياجات سوق العمل الزراعي،
يأتي علي رأسها قسم البساتين الذي تتوافر لدي خريجيه القدرة علي زراعة الخضر والفاكهة بشتي أنواعها في المزارع، وخبرة كافية لإنتاج مختلف المحاصيل بأعلي المعدلات الإنتاجية، وبأقل التكاليف، وفقاً لظروف كل مزرعة، ويضيف: «لذلك نجد أن ٨٠% منهم يحصلون علي فرص للعمل فور تخرجهم».
ويحتل قسم الصناعات الغذائية والألبان مركزا متقدما في سوق العمل، وتتعاقد شركات ومصانع المواد الغذائية والألبان مع خريجيه أثناء التدريب الصيفي للعمل لديها فور تخرجهم، عن ذلك يقول وكيل زراعة عين شمس: «هذه الشركات ترسل إلينا خطابات رسمية لترشيح طلاب آخرين لسد العجز في العمالة لديها، ورواتب بدأت من ٦٠٠ جنيه شهرياً».
أما قسم «الميكروبايولوجي» فيدرس الطلبة به علم الكائنات الحية الدقيقة، للتعرف علي دورها، وتأثيرها في المواد الأخري، خاصة الميكروبات التي تسبب أضراراً للإنسان عند تناوله الغذاء، ويتيح ذلك القسم العديد من فرص العمل لخريجيه، سواء في معامل مراقبة الجودة، أو هيئة المواصفات القياسية، والجمارك، وهيئة التوحيد القياسي، ومعامل التحاليل «الميكروبايولوجية» الخاصة بتحليل المواد الغذائية، كما يمكنهم العمل في شركات الأدوية وصناعة المضادات الحيوية.
وهناك قسم الهندسة الزراعية، الذي يلتحق به طلبة الثانوية العامة شعبة علمي رياضة، ويتيح لهم دراسة كيفية تصميم شبكات الري الحديث سواء بالرش أو التنقيط للمزارع، كما يمكنهم الالتحاق بالعمل في شركات تصنيع الآلات الزراعية.
ويتابع رزق عرض الأقسام المميزة في الزراعة، ويبرز أهمية قسم الوراثة، فخريج هذا القسم يتمكن من التعرف علي الصفات الوراثية للنباتات والحيوانات والميكروبات، لاختيار أفضل السلالات، ويعمل علي تحسينها بإدخال صفات وراثية جديدة لها تضاعف الإنتاج، أو تحمي النبات من الإصابة بالأمراض الخطيرة، وهو تخصص مطلوب جدا في شركات الإنتاج الزراعي الضخمة.