... شاهدت صاحبة" الحجاب" إعلاناً جديداً عن فرصة للعمل في مدرسة، فقالت هل أجرّب حظّي هذه المرّة؟
فقررت التجربة هذه المرّة و لو قد تكون مثل سابقاتها..
فأرسلت سيرتها الذاتيّة الى المدرسة. و بعد أيّام اتصلّوا بها لكي تأتي و تجري المقابلة.
فعندما وصلت الى المدرسة، فرحت عندما استقبلتها سيّدة مختصّة هناك، و هي ذات حجاب أيضاً. فكانت هذه بشارة خير بالنسبة لتلك الفتاة ذات الحجاب، مع العلم ان المدرسة ليست مدرسة دينية. بل يُقال انها مدرسة "حياديّة" إن لم يكن علمانية.
كان استقبال تلك المختصة - مختصة بعلم النفس التربوي- ممتازاً و جعل "ذات الحجاب" ترتاح قليلاً و تستبشر بالخير،و لكن بعد ذلك قالت لها المختصة ان عليها أن تجري مقابلة مع مديرة المدرسة. ( مديرة المدرسة ليست مسلمة)
بإختصار لم تكن "ذات الحجاب" مرتاحة مع مقابلة المديرة، و خرجت و هي فاقدة للأمل و شاعرة بأن المديرة لم "تُعجب " بها .
و مضت الأيام... و مضى الشهر و الشهران... حتى عادت المختصّة بنفسها اتصلت بتلك الفتاة "ذات الحجاب"، و شرحت لها الأمر.
قالت لها: "بكل صراحة، هي المديرة قالت انها لا تريدك، و لكن أنا ألحيّت و أصرّيت أننا بحاجة لكِ و انك تنفعين لهذا المنصب، و لكن المديرة كانت عنيدة في رأيها، و أصرّت على الرفض، و بعد أيّام استعجلت المديرة و قبلت واحدة أخرى لهذا المنصب، و لكن تبيّن لنا ان تلك الأخرى لا تفهم شيئاً !!! لذلك أنا مستاءة من هذا الأمر و أريدك أن تكوني انتِ بهذا المنصب بدلاً من تلك الفاشلة. لذلك فعندنا الآن فرصة لمنصب آخر و أنا أصرّيت أن تكوني أنتِ .."
أجابت ذات الحجاب: " و لكني لم أفهم ما الذي لم توافق عليه؟ ما الذي لم يعجبها؟"
قالت المختصة: "بصراحة هي اعترضت على الحجاب "
أجابت ذات الحجاب: " و لكن غريب، انتِ مثلاً متحجّبة، و قد رأيت في مدرستكم حوالي اثنين او ثلاثة أخريات محجبات، فكيف تقول هذا ؟ "
قالت المختصة: " نعم أعلم ذلك، و لكن انا عندما انضممت الى المدرسة لم تكن هذه المديرة موجودة، بل كانت هناك مديرة أفضل منها، و كانت تلك متساهلة معنا أكثر، و كانت مع التعدد الطائفي و المذهبي في المدرسة. أما عندما جاءت هذه فهي متعصّبة جداً، و لا تحب الحجاب. حتى انها تحاول أن تجد لي هفوات، و لكن لولا أني أعمل ثلاثة أضعاف عملي فإنها لا تجرؤ أن تجد لي أي هفوة. "
قالت ذات الحجاب: " حقاً إن هذا الأمر مؤسف، و لكني لا أعجب، فحتى المدارس التي يقال انها اسلامية تجدين بعضهم يتجنبون الحجاب و المحجبات.. للأسف..."
قالت المختصة: " نعم، هذا وضع البلد للأسف... المهم الآن انا قلت للمديرة اننا نريدكِ للمنصب الآخر، و لكن هي أصرّت أن لا تعطيكِ راتباً كاملاً ! فوضعت لك راتباً متدنياً جداً. و أنا أعلم أن هذا ليس عدلاً، و لكن أتمنى منكِ أن توافقي ولو لهذه السنة هكذا، و سأعمل ما في وسعي ليكون راتبك في السنة القادمة أفضل...."
تفكّرت ذات الحجاب في الأمر، و شعرت بغصّة في قلبها، ليس لأجل أن حقّها فُرّط به،
و ليس لأجل أن الراتب سيكون ناقصاً، فهي بحمد الله لا يهمها هذا الأمر ولا تفكّر به......
ولكن الغصة كانت لما يتعرّض له الحجاب من معاناة..
و لكنها بعد التفكير في الأمر، قررت أن تقاوم الظروف، و تواجه الأمر، و تذهب مجدداً الى تلك المدرسة، لكي ترى هذه الفرصة الجديدة، فعندما ذهبت، قالت لها المختصة ان عليها ان تتفق مع المحاسب على العقد..
فذهبت الى المحاسب، و مع انه قيل له و من المفترض انه يكون متوقع ان تلك الفتاة ستأتي لعنده، إلا أنه تصرف كأنه ما معه خبر!
و سألها: و كم قالت لكِ سيكون الراتب؟
فأجابت الفتاة.
فقال لها: و هل تجدين هذا مناسباً؟
فقالت: هو طبعاً واضح وضوح الشمس انه غير مناسب و لكن انتم تريدون هكذا!!
فقال لها: نعم لأننا هذه السنة مخنوقين شوي، و لكن السنة القادمة ممكن نزبّط لك اياه . خلال هذا الأسبوع نتصل بكِ لكي يكون العقد جاهزاً.
يا حرام... يعني اخونا عارف بالقصة، و إلا كيف قال لها " السنة القادمة ممكن نزبطه" لو ما كان عارف...
غريب أمر هؤلاء... فلماذا هم غير صريحين؟
و لماذا هو قال لها تبريراً يخالف التبرير الذي قالت لها اياه المختصة؟
طبعاً حفاظاً على ماء الوجه سيقول ان السبب هو أن المدرسة " مخنوقة" ، و لكن الأمر ليس كذلك.
و مع هذا قررت الصبر عليهم، و هي الآن تتنظر الى ان يتصلوا بها.
و مع هذا هي ما زالت تشك في أمرهم الآن و تخشى ان تكون هذه لعبة جديدة،
فحسبما كانت تحلل، فإنها لا تستبعد ان يكونوا حاولوا أن ينزلوا الراتب كطريقة للتطفيش.
و مع هذا هي قررت المواجهة لترى بالآخر ماذا سيحدث،
فكما يقول المثل: إلحق الكذاب على باب الدار!
و لعلها خلال هذه التجربة قد تريهم الوجه الحقيقي لصاحبات الحجاب، و انهن كفوءات، بخلاف ما يظن الكثير من الناس للأسف....
و الله مع الصابرين.
مواضيع مشابهة: