'يا ورد ريحتك جميلة بس شوكك بيجرح'
صبارة دمشق.. فاكهة لذيذة كنكهة التراث
شوارع سوريا تزدحم في الصيف بباعة التين الشوكي المتجولين الاخذين على عاتقهم الحفاظ على موروث شعبي مفيد.
ميدل ايست اونلاين
دمشق - من شهيدي عجيب
"ياصبارة باردة وبتبل القلب.. طيبة ياصبارة وعالندى أكلها عالريق" هذه العبارة يرددها الفتى نور حفظها عن والده الذي يبيع حبات الصبارة قبل أكثر من 30 سنة على أحد نواصي ساحة الروضة وسط دمشق محولاً المكان أشبه بمقهى رصيف مؤقت نظيف ومرتب تزينه نباتات الريحان وعُرف الديك ومكنسة الجنة وغيرها مستقطباً كل أطياف المجتمع الدمشقي.
تعلن فاكهة الصبارة (التين الشوكي) عن نفسها بشكل لافت مع قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة يحملها الباعة إلى نواصي الشوارع والساحات الرئيسية بما فيها بعض شوارع الأحياء.
ويتفنن باعة الصبارة في دمشق بعرض بضاعتهم ويزينون البسطة بالأزهار والنباتات الخضراء والسجاد والأنوار ويرشونها بالماء البارد ويضعونها مع ألواح الثلج لإغراء المارة بأكلها خاصة مع هذا الجو الحار.
وتنتشر عربات الباعة المتجولين في معظم الأماكن المكتظة، ولايكاد يخلو ممر أو زقاق الا وجدت بائعاً يعرض هذه الفاكهة على عربة خشبية ممسكاً سكيناً صغيراً بيده ينتظر قدوم الزبائن الذي يتحلقون حوله لتناول عدد من الحبات.
وتباع حبات التين منفردة، ويصل سعر الحبة الواحدة إلى عشر ليرات أو بأطباق صغيرة مغلفة يزن بعضها نصف كيلو غرام إلى كيلو.
عدة البائع سكين صغيرة وقفاز بلاستيكي يحميه من الأشواك الدقيقة وبراعة في تقشيرها بسرعة ودقة حتى يقدمها للزبائن سليمة من دون أن تتعرض للتلف. ينادي فيها على المارة بصوت مرتفع بأنها حلوة ولذيذة، فالمنافسة شديدة بينه وبين الباعة الآخرين الذين يختارون الوقوف بعرباتهم في أماكن تشهد حركة نشيطة للمارة والسائقين الذين يتوقفون بدورهم لتناول بعض الحبات على عجل أو حملها إلى البيت.
يحتوي التين الشوكي وهو فاكهة موسمية تنضج مع نهاية يونيو/حزيران وحتى اكتوبر/تشرين الأول كمية كبيرة من السكريات بنسبة 14 في المئة وبروتينات بنسبة 1 في المئة ومقادير متوسطة من الأملاح المعدنية إلى جانب فيتامين سي وفيتامين أيه.
والثمرة ممتلئة بالفيتامينات والمعادن بشكل متوازن وطبيعي لرفع مناعة الجسم بالدرجة الأولى وأهمها الكالسيوم والمغنسيوم والبوتاسيوم ومجموعات الفيتامينات التي تسهم في تخفيف أعراض الشيخوخة وتأثيرات الإشعاعات وأشعة الشمس والحرارة والسموم واضطرابات الكولسترول والخلايا السرطانية والتهابات المفاصل وغيرها.
والطب التقليدي للعديد من شعوب العالم ينبه إلى هذه الثمار الغنية بالفائدة. واكتشف الباحثون عدة فوائد صحية لتناول التين الشوكي تؤثر ايجابيا في جهاز المناعة لتخفيف حدة الالتهابات خاصة في المفاصل والعضلات والبروستات وضبط نسبة سكر الدم وخفض الكولسترول والدهون الثلاثية وحماية الشرايين من ترسب الكولسترول داخل جدرانها وتخفيف أعراض تناول الكحول.
وعرضت نتائج دراسة علمية في عدد اغسطس/ آب من المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية أكدت أن تناول ثلاث ثمار يومياً من الصبار يمنح الجسم كمية أعلى من فيتامين سي مقارنة بتناول قرصين يومياً من فيتامين سي بكمية 75 مليغراماً.
وكان الدمشقيون يصنعون مربى الصبارة بسلقها قليلاً بعد نزع الشوك عنها بطريقة خاصة ويتم تجهيز الماء والسكر ثم تمزجان معاً.
واشتهرت المزة سابقاً قبل أن يطال بساتينها المد العمراني بالصبارة التي كان يفخر بها الباعة لجذب المارين بالمناداة "مزاوية يا صبارة" كما تتواجد في الساحل ودرعا ومناطق أخرى بمساحة محدودة.
ويقول مروان الرفاعي، وهو واحد من بين أربعة أخوة يبيعون الصبارة برفقة أبنائهم في ساحة الروضة أن بيع الصبارة جزء من فلكلور دمشق الأصيل فهي تتميز عن كل الفواكه بطقس خاص بعملية البيع وبالزينة التي تحاط بالمكان ومتعة تناولها خارج المنزل مقشرة ومبردة.
ويضيف "أصبح لنا بعد كل هذه السنوات زبائن من بلدان عربية وأجنبية إضافة إلى السوريين" وتصل ذروة الإقبال بين الساعة الثانية عشرة ليلاً وحتى السادسة صباحاً حين يخرج الناس للتمتع بليل دمشق.
ويؤكد الرفاعي أن كثيراً من العرسان بعد انتهاء الحفل يأتون إلينا لأكل الصبارة ويشير إلى أنها تجلب من دروشة في ريف دمشق لنحو أربعة أشهر ثم يغادرون الساحة للموسم المقبل وبانتظارهم الجيران والزبائن الذي تحول بعضهم إلى أصدقاء.
ويقول حول كثافة الاهتمام بالنباتات من أجل التخفيف من سمعة الصبارة القاسية لأنهم يقولون عنها "يا ورد ريحتك جميلة بس شوكك بيجرح".