منقول عن آخر ساعة
حرب الملوخية تشتعل بين مصر واليابان!
بسيوني الصبيحي
حرب الملوخية اشتعلت بين مصر واليابان!.. والحربالإسرائيلية علي لبنان أوقفت تصدير الملوخية الفيومي إلي لبنان!.. فرغم أن الواقع والتاريخ يؤكدان أن أول من قام بزراعة الملوخية في العالم هم الفراعنة، إلا أن اليابانيين قاموا بتسجيل الملوخية كمنتج ياباني.. بعد أن وقع عالم نبات ياباني في عشق الملوخية، حيث عاش فترة في مصر، ونقل زراعتها إلي بلاده..
الهوس بالملوخيةانتقل إلي كل مجالات الحياة في اليابان، فقد استخدموها في صناعة الخبز والمكرونة ومستحضرات التجميل، وصنعوا منها كبسولات لعلاج السموم وضغط الدم والسكر والأمراض المستعصية.. بل إن بعض الأطباء في اليابان لا يعالجون مرضاهم إلا بأقراص الملوخية.. وفي مصر.. ملوخية لا يعرفها المصريون، لأنهم لم يتذوقوها فهي تزرع للتصدير.. وتدرأرباحا كبيرة بالدولار.. وإن كانت تأثرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة بسبب العدوان الإسرائيلي علي لبنان..
'آخر ساعة 'تكشف حكاية الملوخية، من خلال هذاالتحقيق..الملوخية وصفوها بأنها طعام الملوك.. وأنها ملكة الخضراوات.. والمعروف عنها منذ قديم الأزل أنها مصرية 100 % حيث تعود جذورها النباتية إلي الحياة الفرعونية.. ورغم أن اليابان أخذت من مصر زراعتها إلا أنها قامت بأبحاث ودراسات حولها توصلت من خلالها إلي الكثير من الفوائد التي تحتويها هذه الشجرةالنادرة.. إلا أنها سبقت مصر في تسجيلها لتصبح هي الأحق بحقوق الملكية الفكرية للملوخية لتدور معركة بين مصر واليابان منذ عام 2002 ومازالت مستمرة حتي الآن.. ورغم ذلك هناك فلاحون مصريون موطنهم الفيوم وتحديدا في مركز أطسا استطاعوا أن يؤكدوا للعالم كله أن مصر هي صاحبة الحق في امتلاك نبات الملوخية.. وذلك بقيامهم بزراعتها وتصديرها للعديد من دول العالم ومنها اليابان.. إلا أن الحرب اللبنانيةالإسرائيلية لم ترحمهم مثلما لم ترحم شعب لبنان الشقيق حيث أدت الحرب إلي وقف تصديرالملوخية..
قصة زراعة الملوخية بالفيوم وتصديرها للخارج.. تكشف عنها 'آخر ساعة' في السطور التالية..
تاريخ قديم
الملوخية نبات له تاريخ قديم.. وكتب تاريخ النباتات تتحدث عن أن الملوخية نبات مصري زرعه الفراعنة.. وكان مقصورا علي الأسرة المالكة.. من هنا استمدت اسمها 'الملوكية' ثم حورت لتصبح الملوخية.. وامتد عشق الملوخية من الأسرة المالكة إلي عامة الشعب عبرالتاريخ حتي أنه يروي أن الحاكم بأمر الله أحد حكام الدولة الفاطمية عندما أراد أن يعاقب المصريين أمرهم بفتح المحلات ليلا وإغلاقها نهارا وكان العقاب الأشد من ذلك كان تحريم أكل الملوخية..
والملوخية المصرية الفرعونية.. انتقلت من مصر إلي العديد من دول العالم، إلا أن أكثر الدول التي اهتمت بهذا النوع من النباتات كانت اليابان.. وقصة الملوخية اليابانية بدأت منذ سنوات ليست بعيدة علي يد رئيس منظمةالمنح الفنية اليابانية.. ويقول البعض إنها كانت علي يد عالم النبات كاسوكي أيموري الأستاذ بجامعة تاكو شوكو.. وكان هذا الرجل قد جاء إلي مصر ليدرس اللغة العربية.. وخلال وجوده في مصر وقع في عشق الملوخية ونظرا لأنه متخصص في علم النبات أعجب به اوأرسل بعضا منها لأسرته في اليابان..
وبعد أن أنهي دراسته أخذ بذورها وزرعها في اليابان.. وقام هو وزوجته بإجراء تحاليل علي الملوخية ليكتشفوا فوائدها الكبيرة حيث وجدوا بها مادة تقاوم الخلايا السرطانية متمثلة في مادة الكريايتين.. بالإضافة إلي وجود جميع مركبات فيتامين 'ب' مما يجعلها مستحضرا مناسبا للمحافظة علي نضارة البشرة وكذلك غذاء صحيا متكاملا لنمو الطفل..
ومن هنا تم تأسيس مؤسسة للملوخية في اليابان استوردت 45 طن ملوخية جافة من مصر. كما استوردوا بذور الملوخية وزرعوها في اليابان.. ولم يكتفوا بذلك بل أقاموا صناعات كاملة علي الملوخية مثل الخبزبالملوخية والمكرونة بالملوخية ومستحضرات للتجميل وأطلقوا عليها 'ملكة الخضراوات'. كما قاموا بتصنيع كبسولات طبية تقاوم أمراض التسمم والسرطان.. وتساعد كثيرا في حالات ارتفاع ضغط الدم والسكر والأمراض المستعصية وتنقية الدم من السموم .
لذا ليس غريبا أن هناك أطباء يابانيين لا يعطون أدوية سوي أقراص الملوخية أو يستخدمونها كمقو عام.. أيضا قام اليابانيون بصناعة غذاء للأطفال منها.. وقاموا بتأليف كتب عن أهمية الملوخية لصحة الإنسان لذا أصبحت الملوخية تمثل هوسا علميا وغذائيا وعلاجيا في اليابان..
وقاموا في عام 2002 بتسجيل الملوخية كمنتج ياباني في الوقت الذي يؤكد البعض أن اليابان سجلت الملوخية كعنصر فقط في أحد اختراعاتها.. ويؤكد البعضالآخر أن التسجيل قد تم فعلا وامتلكت اليابان حقوق الملكية الفكرية للملوخية رغم أن التاريخ والواقع يؤكد أن مصر هي صاحبة الحق في امتلاك حقوق الملكية الفكرية لهذاالنبات الفرعوني.. إلا أن اليابان كانت أسبق، وحتي الآن لم تنتهي حرب الملوخية بين مصر واليابان..
ملوخية للتصدير
وبعيداعن هذه الحرب التي يجب أن تحسم لصالح مصر.. هناك علي الجانب الآخر فلاحون مصريون يؤكدون للعالم كله أن مصر هي البلد الأم لنبات الملوخية.. ويصدرونها للعديد من الدول العربية وفي مقدمتها لبنان والتي يصدر إليها أكثر من 75 % من إنتاجهم وعدد من الدول الأجنبية مثل اليابان وكندا وإيطاليا وغيرها..
هؤلاء الفلاحون في محافظةالفيوم وتحديدا في قرية جردو بمركز أطسا.. وتبلغ المساحة المزروعة بالملوخية علي مستوي المركز نحو 1200 فدان.. أما هذه القرية لوحدها فتزرع 800 فدان تميزت هذه القرية دون بقية قري المحافظة بل وربما الجمهورية بزراعتها للملوخية.. ليس هذا فحسب بل وعرفت علي مستوي الجمهورية بأنها القرية الوحيدة التي تصدر الملوخية في شكل ورق جاف وليست ملوخية ناعمة لذا استحقت أن يطلق عليها 'جردو ملكة زراعة الملوخية وتصديرها للخارج..
الغريب أن نوع الملوخية التي يزرعونها مختلف عن الملوخية التي نعرفها جميعا.. فهي نبات طويل جدا يتجاوز طول شجرته الواحدة أكثر من 2 متر.. أيضاتتميز ورقتها بأنها عريضة عن الملوخية العادية المعروفة باسم 'الملوخية البلدي'.. وزراعة الملوخية بهذه القرية أدت إلي توفير فرص عمل لمختلف الفئات.
تأثيرات الحرب
الحرب اللبنانية الإسرائيلية أثرت بشكل كبير علي الملوخية الفيومي حيث توقف تصديرها.. لاسيما أن 75 % من الإنتاج يصدر إلي لبنان.. الأمر الذي أدي إلي الحاق ضرر كبير بالمزراعين والتجار ورغم ذلك أكدوا أنهم لن يتخلوا عن زراعة الملوخية.. لتظل الملوخية المصرية تغزو الأسواق العالمية تأكيدا علي أنها مصرية 100 % وليست يابانية..
'آخرساعة' انتقلت إلي قرية جردو بمركز أطسا بمحافظة الفيوم وهناك التقينا بعدد من المزارعين والتجار.
البدايةكانت مع علي علي عبدالعزيز (مزارع وتاجر) وهو صاحب فكرة زراعة الملوخية يقول : حكايتنا مع زراعة الملوخية تعود إلي عام 1978 حيث كانت بداية تصدير الملوخية إلي لبنان وكانت أول رسالة تصدير عبارة عن 750 كيلو فقط.. وجاءت فكرة الزراعة والتصديرعن طريق صديق لبناني كان في زيارة للفيوم أخبرني بأن اللبنانيين يعشقون الملوخية.. وفاجأني بقوله : المعروف أن مصر هي أول بلد في العالم يزرع الملوخية.. فلماذا لاتزرعونها وتصدرونها إلي لبنان وبقية دول العالم؟!
وبالفعل بدأت بزراعة فدانين ظلت تتزايد خلال السنوات التالية حتي وصلت الآن إلي نحو 60 فدانا.. وبدأت بعد ذلك تنتشر زراعة الملوخية في جميع أراضي القرية حيث انتهج الأهالي نفس النهج حتي وصلت المساحة المزروعة حاليا إلي أكثر من 800 فدان، وزاد من تشجيعنا علي زيادة المساحةالمزروعة افتتاح الأسواق الأجنبية أمام الملوخية الفيومي.
وكل دولة من هذه الدولتطلب الملوخية بشكل مختلف عن الأخري فمثلا لبنان تفضل أن تصدر إليها الملوخية فيشكل أوراق مجففة.. أما اليابان فتفضلها ناعمة، في حين أن تركيا تفضلهاخضراء..
ويضيف : زراعة الملوخية من الزراعات السهلة ذات التكلفة البسيطة وذاتالعائد المربح في نفس الوقت لأن الفدان الواحد يحقق في الحشة الواحدة نحو خمسة آلاف جنيه.. والفدان خلال فترة الزراعة يتم حشه مرتين وهو ما يعني أن الفدان ينتج بنحوعشرة آلاف جنيه طوال فترة الزراعة التي لا تتجاوز الثلاثة شهور.. فضلا عن هذا فإن زراعة الملوخية لا تتعرض للاصابات مثل بقية الزراعات الأخري..
أماصلاح عبدالغني (تاجر).. فيؤكد أن الحرب في لبنان أدت إلي انخفاض أسعار الملوخية حيثانخفض سعر الطن من 3000 إلي 500 جنيه، وهو ما يشكل خسائر كبيرة لاسيم اللتجارة.
حال المزارعين لا يختلف كثيرا عن حال التجار.. وهو ما يؤكده عبدالهادي شاكر مضيفا : أنه بسبب الحرب وعدم تصدير الملوخية قمنا هذا العام بحشها وتجفيفها.. ويمكن بعد ذلك أن نبيعها للتجار في شكل ملوخية ناعمة.. أو نبيعها في الأسواق المحلية.. الأمر الذي يخفف من الخسائر.
زراعة فريدة
من هنا يبقي التساؤل.. لماذا الملوخية ؟!
وتأتي الإجابة علي لسان المهندس محمد ربيعوكيل وزارة الزراعة بالفيوم قائلا :
هذا النوع بدأت زراعته تزدهر وتزداد مساحتهمنذ عام ..2002 ويزرع في أوائل شهر مايو ويستمر حتي أوائل سبتمبر، ويتم حشه مرتينخلال فترة زراعته.. ويحتاج الفدان إلي نحو 6 كيلو تقاوي سعر الكيلو يتراوح مابين 7 9جنيهات، ووصلت المساحة المزروعة حاليا إلي نحو 1200 فدان علي مستوي مركز أطسا أماقرية جردو فتبلغ المساحة المزروعة بها 800 فدان.. ويشير إلي أن زراعة الملوخيةوتصديرها يحتاج إلي أيد عاملة كثيرة حيث يحتاج الطن الواحد حتي يتم تصديره إلي نحو 300 عامل، حيث يتم حشها من الأرض بعد حوالي 60 يوما من زراعتها باستخدام 'المناجل'.. ثم يتم حملها علي الجرارات أو الإبل ثم توزع علي البيوت لتقوم السيداتبعملية التوريق والتقطيف.. ثم تنقل للمنشر حيث يتم نشرها علي أقفاص معدة لعمليةالنشر.. وتستمر علي المنشر لمدة 3 أيام.. بعد ذلك يتم جمعها ويكون ذلك في الصباحالباكر حتي لا ينكسر الورق لأنها تصدر في شكل أوراق بعد ذلك يقوم مجموعة من الأطفالبتنقيتها من الشوائب أو أي حشائش غريبة..
ثم يتم تعبئتها في صناديق كرتون معدةلذلك ويصل وزن الكرتونة إلي 5 كيلو .. وهناك بعض الدول الأوربية تطلب أن يكون وزنالكرتونة 2/1 كيلو.. أما اليابان فتأخذ ملوخية ناعمة وتشترط أن يتم تعبئتها في 'شكائر ورقية'.. ويصل سعر طن الملوخية 'الجاف' إلي 2000 دولار..
وسام للفيوم
وعن تقييم المسئولينبمحافظة الفيوم لهذه التجربة قال المهندس محمد مجدي قبيصي محافظ الفيوم : إن نجاحتجربة زراعة الملوخية في الفيوم خير رد ودليل علي أن مصر هي صاحبة الحق في امتلاكالحقوق الفكرية للملوخية.. وليس أي دولة أخري، ونجاح هذه الزراعة وتصديرها للخارجيعد بمثابة وسام وشهادة تقدير لمزارعي الفيوم.. وهذا ليس بجديد عليهم، فقد نجحوا فيزراعة الشاي رغم أن البعض كان يؤكد أن زراعته مستحيلة.. ولكن الفيوم نجحت في زراعتهوصدرته للخارج..
ونحن كمحافظة لن نتخلي عن أي زراعة ناجحة تحقق مكاسب للاقتصادالمصري بصفة عامة وتدعم النمو الاقتصادي لمحافظة الفيوم بصفة خاصة.. وسوف نتبناهاوندعمها ونوسع من علاقتنا في الخارج لفتح أسواق لها في كثير من دول العالم.. لأن هذا نجاح لمصر كلها وليس للفيوم فقط.