السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم مع الوقفة الثانية وهى فى سورة مريم .....
سورة مريم
الآية 3 "إذ نادى ربه نداء خفيا "
المقصود هنا سيدنا زكريا عليه السلام وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام نجد هنا أن النداء أى المناجاة والدعاء لله تعالى كان فى الخفاء
ومعنى خفى فى المعجم الوسيط أى إستتر ومعناه فى المعجم الرائد خفى الأمر أى بقى سرا مستترا وخفى عن الناس أى إعتزل الناس ولا يعرف مكانه
ونجد فى السورة الكريمة كلها فى قصص سيدنا زكريا والسيدة مريم وسيدنا ابراهيم عليهم السلام ذكر إعتزال الناس فى أكثر من موضع وبألفاظ مختلفة تؤدى نفس المعنى وهو إعتزال الناس
نجد أن إعتزال الناس ( بشرط أن يكون فى عبادة الله ) مؤدى بطريقة مباشرة إلى نعمة الإنجاب ونرى ذلك فى تلك القصص السابق ذكرها كالتالى :
بعدما فرغ سيدنا زكريا من دعائه لله " فهب لى من لدنك وليا " وهو فى حال العزله عن الناس وذلك فى قوله تعالى " إذ نادى ربه نداء خفيا " جاءته البشرى بالغلام وهى فى قول الله تعالى "يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى "
كذلك فى الآية 16 " واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا "
معنى إنتبذ فى المعجم الوسيط أى إعتزل وتنحى ومعناه فى معجم اللغة العربية المعاصرة أى إعتزل الناس واتخذ مكانا لا يعرفه أحد
نجد أن السيدة مريم حينما إعتزلت قومها واتخذت من دونهم حجاب لتعبد الله وحده وهب الله لها الغلام
وذلك فى قوله تعالى فى الآية 19 " قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا "
وفى الآية 49 فى قصة سيدنا إبراهيم عندما إعتزل قومه وعبد الله وحده وهب الله له الذرية الصالحة فقال الله عز وجل " فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا"
نعود لبداية سورة مريم والآية 3
نجد أن سيدنا زكريا عندما دعا ربه بدعاء واحد وهو أن يجعل الله له ولى يرثه ويرث من آل يعقوب نجده قدم لله بأدب وعلى استحياء 5 أعذار لطلبه هذا فقال :
1-" قال رب إنى وهن العظم منى "
2- " واشتعل الرأس شيبا "
3- " ولم أكن بدعائك ربى شقيا " أى أنه ما زال حسن الظن بالله
4- " وإنى خفت الموالى من ورائى "
5- " وكانت امرأتى عاقرا "
نجد كرم الله سبحانه وتعالى بعبده ونبيه زكريا بأن الله تعالى إستجاب لزكريا دعاءه فوهب له الولى ولكنه جعل فيه من النعم ضعف ما قدم من أعذار فقال تعالى من الأية 12 وحتى الأية 15 التى فيهم عشرة نعم أو عشر صفات وهى :
1- " يا يحيى خذ الكتاب بقوة "
2- " وءاتيناه الحكم صبيا "
3- " وحنانا من لدنا "
4- " وزكاة "
5- " وكان تقيا "
6- " وبرا بوالديه "
7- " ولم يكن جبارا عصيا "
8- " وسلام عليه يوم ولد "
9- " ويوم يموت "
10- " ويوم يبعث حيا "
والله أعلم
فسبحانك ربى ما أعظمك وما أكرمك وما أحلمك اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم
الآية 28 " يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا "
لو وقفنا بسكتة لطيفة على كلمة " سوء " ثم وقفنا على " وما كانت " كأن قوم مريم ينفوا السوء عن أبيها فنجد قول الله تعالى من فوق سبع سماوات ينفى السوء عن مريم بقوله تعالى " وما كانت " ولكننا لا نستطيع أن نقرأ " أمك بغيا " بغير أن نبدأ بكلمة " وما كانت " حتى لا يتغير المعنى فلا بد وأن نقرأ "وما كانت أمك بغيا"
والله أعلى وأعلم