وذلك لإيضاح أن هذه الآفات أو الأمراض الوافدة كان يمكن منعها أو على الأقل إيقافها لفترات زمنية لاحدود لها إذا كان نظام الحجر الزراعي قد طبق في الوقت المناسب:
1- المثال الأول : ماحدث نتيجة توالي دخول شتلات الكروم (العنب) من أمريكا إلى أوروبا والذي بدأ عام 1845 وانتهى إلى ثلاث كوارث متتالية لصناعة زراعةالعنب في أوروبا نتيجة انتقال مرض البياض الدقيقي وكذلك البياض الزغبي على العنب مع الشتلات الواردة من أمريكا إلى أوروبا.
وأن دخول حشرة الفللوكسرا إلى فرنسا عام 1865 كاد يودي بزراعة الكرمة فيها ويهدد اقتصادها، وكذلك دخولها إلى سوريا مابين أعوام 1965 -1970 أباد كروم العنب الدوماني.
2- حدوث كارثة مجاعة البطاطا الكبرى في إيرلندا عام 1845 قد سببها مرض اللفحة المتأخرة في البطاطا Phytophthora infestancs والذي وصل إليها عن طريق بذار البطاطا المستوردة من بيرو إلى بلجيكا أو فرنسا نحو عام 1842 و 1844.
3- ظهور مرض صدأ الذرة Puccinia polysora على نطاق واسع في جنوب شرق آسيا وأفريقيا يوضح كيف أن آفة ما ليس لها أهمية في موطنها الأصلي تتحول إلى آفة مدمرة في بيئتها الجديدة. فآفة الصدأ هذه لاتسبب خسارة اقتصادية ذات دلالة معنوية في موطنها الأصلي في المناطق الاستوائية بالقارة الأمريكية، ولكنها عندما اكتشفت في سيراليون عام 1949 ، ظهر ماتسببه من خسائر كبيرة أمراً خطيراً يحتاج معه للعديد من برامج البحوث لدراسة الآفة وتربية أصناف مقاومة لها. ومن سيراليون انتشرت هذه الآفة بسرعة عبر وسط أفريقيا إلى كينيا وزمبابوي ثم شقت طريقها إلى جنوب شرق آسيا.
4- وأشجار القسطل الأمريكية الجميلة (أبو فروة) تمثل ربع تعداد الأشجار المنتشرة في موطنها الأصلي بشرق الولايات المتحدة واستمرت على ذلك حتى بداية القرن الحالي حيث أصبحت ضحية الإصابة بمرض اللفحة الذي يسببه الفطر Endothia parasitica وكانت أشجار القسطل تستخدم في صناعة الأثاث وأعمدة التلفونات وقوائم تثبيت قضبان السكك الحديدية وقد قدرت خسائر الولايات المتحدة نتيجة الإصابة بهذا المرض بمبلغ مائة مليون دولار وهو تقدير غير مبالغ فيه. وقد تم التعرف على هذا المرض لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1904 وخلال 25 سنة كان المرض قد فتك بكل أشجار القسطل في أمريكا. ومن المعتقد أن مرض اللفحة هذا قد دخل إلى أمريكا عن طريق الشرق وربما عن طريق إحدى الشتلات المصابة.
5- ومرض العفن الأزرق على نبات التبغ والذي يسببه الفطر Peronospora tabacina هو أحد الأمثلة المميزة لإيضاح مدة سرعة انتشار هذا المرض الوافد. فحتى عام 1958 كان المرض محصوراً في كل من أستراليا وأمريكا ولكن في ذلك العام قد ذكر أنه قد ثبت دخوله في إنكلترا . وبعد عدد محدود من السنوات انتشر المرض إلى كل مساحات التبغ في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأدنى وفي عام 1960 كان أول ضربة لإنتاج التبغ في أوروبا نتيجة هذا المرض فبلغت الخسارة 25 مليون دولار. كما عانت كندا ودول الكاريبي من الخسائر الجسيمة من هذا المرض نتيجة الإصابة الوبائية به في حقول التبغ الناضجة.
6- وفي عام 1875 تم القضاء على صناعة البن الوليدة في سيريلانكا نتيجة ظهور مرض الصدأ Hemileia vastatrix وحديثاً ظهر فجأة مرض الصدأ أيضا خلال السبعينات في البرازيل (1970 ومابعدها) وأصبحت مكافحته تكلف ملايين الدولارات في كل دول جنوب ووسط أمريكا اللاتينية حيث استقر المرض بعد انتشاره وانتشر تهديده إلى الدول الأخرى في أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي.
7- ويندر من الناس من لم يسمع عن ذبابة فاكهة البحر المتوسط Ceratitis capatata وهي واحدة من أخطر آفات ثمار الحمضيات وعديد من ثمار الفاكهة والخضر والدولة الوحيدة التي استطاعت بنجاح استئصالها هي الولايات المتحدة الأمريكية وقد نجحت برامج الاستئصال في الحملات المتعاقبة التي تمت في أعوام 1929 و 1956 و 1962 و 1966 و 1975 و 1979 وأخيراً فالولايات المتحدة مازالت تكافح هذه الآفة نتيجة غزوها عام 1980 لولاية كاليفورنيا ومابعدها ، وفي كل مرة كانت تكاليف هذه البرامج ملايين الدولارات سواء في استئصال الآفة أو نتيجة الخسائر التي تنجم عنها على عديد من المحاصيل.
8- وخنفساء الخابرة Trogoderma granarium هي واحدة من أكثر الآفات خطورة المواد المخزونة وقد بدأت تنتشر في مناطق متباعدة في العالم (زمبابوي وإيطاليا والولايات المتحدة) في الأربعينات والخمسينات (1940-1950 ومابعدها) وقد تم استئصالها بتكلفة عالية في الولايات المتحدة ولكنها تعود للظهور من آن لآخر. أما بالنسبة للدول التي ليس لديها حجر زراعي فعال فقد ساهمت في انتشار هذه الحشرة على المواد المخزونة أثناء حركة التجارة العالمية مما أدى إلى مزيد من الانتشار لهذه الآفة.