( الباقيات الصالحات )
أعلم جيدا أن الإيمان ينقص ويزيد ، فحين يزيد لا أجد للحيرة إلىَ سبيل ولكن عندما ينقص الإيمان أكون فى حيرة من أمرى فيومى مليئ بالمسئوليات والأعمال ، ففى يوم كل واحد منا مسئوليات كثيرة منها ما هو جد ومنها ما هو لهو ولعب .
كما أعلم جيدا أن الصلاة تكمل بختمها بالذكر والدعاء فبينما أنا مشغولة وجاء وقت الصلاة ، جلست أصلى وما أن فرغت من الصلاة أخذت نفسى التى بين جنبى تهرب من داخلى لتنطلق نحو ما ينتظرها من مسئوليات وأعمال الدنيا الفانية فبمجرد أن فرغت من سلام التشهد الأخير وهممت بخلع خمار الصلاة وخطوت خطوة أو خطوتين نحو مشاغل الدنيا شعرت بشيء ما يجذبنى ويعيدنى لسجادة الصلاة مرة أخرى ويخر بى ساجدة راغمة وكأن رجلاى مقيدتان بسجادة الصلاة والعجيب فى ذلك أنى لم أجد غضاضة فى نفسى بل وجدت إستسلام وخضوع عجيبين فما الشىء الذى أعادنى لسجادة الصلاة وألبسنى خمار الصلاة مرة ثانية ؟ سمعت وكأن صوتا يهمس فى قلبى و يقول لى : (سبحان الله ) الذى جذبك لتخرى ساجدة بين يديه و (سبحان الله ) الذى أمرك لذلك رغما وطوعا و(سبحان الله ) الذى أسكن قلبك بكلماته وأهدأ نفسك بذكره فوجدتنى أهيم فى ذاك الصوت الجميل وتلك المعانى الرائعة وسألته : من أنت؟ فأجابنى: أنا (التسبيح ) ألا يستحق منك كل هذا أن تقولى بعد صلاتك سبحان الله ثلاثة وثلاثين مرة ؟ فقال قلبى سمعت وأطعت فقلت سبحان الله وانطلقت فى قولها حتى بلغت ال 33 أو يزيد ثم بدأت نفسى تعود لما ورائها من مشاغل الدنيا الفانية فما إن همت لتنطلق نحو ما ينتظرها من أعمال إلا أن سمعت صوتا أعذب مما كان ليسألنى : ألن تحمدى الله على إرسالى إليك ؟ ألن تحمدي الله لأن وهبك قلبا يعى ونفسا تتقى وعينا تدمع وروحا تخشع وأذنا تسمع؟ فلم لا تقولى (الحمد لله ) ؟ فوجدتنى أهيم مرة أخرى فى جمال الصوت وروعة المعانى وسألت : من أنت ؟ فأجاب : أنا (الحمد) ألا يستحق كل ما بك من نعم أن تقولى بعد صلاتك الحمد لله ثلاثة وثلاثين مرة ؟ فقال قلبى سمعت وأطعت فقلت الحمد لله حتى ال 33 أو يزيد فعادت نفسى وآه من نفسى عادت لتفكر فيما ورائها وحدث لى مثلما حدث فى الأولى والثانية إلا أن هذه المرة سمعت صوتا أجّل وأعظم من هذين الصوتين ليهز أعماقى ويملأ كيانى وينهرنى : أين تذهبين ؟ أهناك أكبر من أن تكبّرى الله ؟ أهناك أعظم من أن تمجّدى الله ؟ فوجدتنى أصغر وأصغر حتى تلاشيت فقال : (ولذكر الله أكبر ) فسألت : من أنت أيها الصوت العظيم الذى ملأ أرجاء كيانى ؟ فأجابنى : أنا ( التكبير ) ألا يستحق زوال الدنيا وفناؤه أن تقولى الله اكبر ألا يستحق وجودك بعد العدم أن تقولى الله أكبر ألا يستحق خضوعك وخشوعك بين يديه سبحانه أن تقولى بعد صلاتك الله اكبر ثلاثة وثلاثين مرة ؟ فقال قلبى سمعت وأطعت ووجدتنى أغرق فى دموعى وأخشع فى خضوعى حتى إنزويت بين أضلعى إلى أن وصلت ال 33 فوجدتنى أولد من جديد وأحيا بذكر الله الذى ثبت أقدامى وأقر عينى وهدى قلبى وأنار بصيرتى وحرك لسانى بقول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير) فاستقرت نفسى بداخلى وهدأت وعلمت وتعلمت أن تمام صلاتى بختمها بالباقيات الصالحات وأن ذكر الله ينير طريقى ويبارك فى عملى ويهدء من روعى فقمت لأعمالى بكل جد ونشاط وحياة بعد ممات.
مواضيع مشابهة: