رغم التنوع في عالم النبات حجما ولونا وشكلا بل وحتى طعما, يبقى للعشب مكانه خاصة لكل من يهوى ذلك العالم الساحر.
فمن منا ﻻ تجذبه تلك المروج الخضراء الخصبة سواء كانت صورة فوتوغرافية أو مشهد سنمائي أو حتى عبر نافذة قطار؟
هل كان جماهير الرياضات الخارجية ككرة القدم والبيسبول والغولف وغيرها ليستمتعوا لو كانت هذه الألعاب تجرى على أرض طينية أو رملية؟
هل كان اللاعبون ليتفانوا في اللعب لو كان ينتهي بهم الأمر ﻻن تغطي وجوههم السبخة وترهقها الغبرة؟
كذلك الأمر في الحدائق المنزلية. فالعشب يستر عيوبا ﻻ يسترها غيره فهو (إن حاز الاهتمام الكافي والرعاية) محط الأنظار. بل يكاد (خصوصا حيث تندر المروج) يكون سيد النبات الذي ﻻ يحتاج لمن يشد أزره.
وفي هذا الموضوع سأتناول زراعة العشب عن طريق البذور للمساحات المنزلية الصغيرة.
مع مراعاة أفضل وقت لذلك وهو نهاية شهر أيلول/سبتمبر (يوم 23 الاعتدال الخريفي وما بعده).
هناك عدة أنواع من العشب تصنف حسب الظروف المناخية والاستخدام.
فمنها ما يقاوم حرارة الشمس وملوحة المياة ومنها ما يصبر على قلة الضوء ومنها ما يتحمل كثرة الدوس والحركة كالمستخدم في الملاعب.
هذه الأنواع مرتفعة الثمن لعدة اسباب منها التغليف الفاخر.
لذا استخدمها فقط عندما تكون هناك حاجة فعلية لشرائها ( أو إن كنت تحب ترف العيش فأنت ومالك).
أما إن كنت مثلي (تحب التوفير وتكره التعقيد). فاتجه لأقرب مشتل(في الغالب يبيع نوعا واحدا هو المناسب للبيئة المحلية).
واشتر منه كيسا من بذور العشب (تباع بالكيلوجرام) وهي اصغر حجما من السمسم.
وﻻ ضرر من أن تعرف أسعار الأنواع الخاصة (في المحلات المتخصصة) حتى تتأكد أن البائع لم يغال في سعر البذور التي يبيع.
لا تهتم كثيرا للون البذور فهي مصبوغة. وتأتي في ألوان مختلفة كالاحمر والأخضر والفوشيا.
وتصبغ لكي ترى واضحة في الأرض فتعرف أين تنثرها. كما أن المصنع يعتمد ألوان مختلفة ليفرق بين منتجاته أو سنوات الانتاج.
الأرض التي سنغطيها بالعشب تشغل مساحة 27 مترا مربعا تقريبا وسنحتاج كيلوجرام من البذور وحوالي 140 لترا من البيتموس. وهي أرض كلسية في الأصل وغمرت بطبقة لا بأس بها من رمل البناء كنت انثره فيها كلما زاد عن حاجتي. (إذا أردت تسوية الأرض فقم بذلك في هذه المرحلة).
لذا ﻻبد من تغطيتها بطبقة من البيتموس أو التورف ﻻ يقل سمكها عن بوصتين.
إن كان لديك مخلفات بيتموس كتلك الناتجة من تبديل تربة الأصص فبإمكانك استخدامها لزيادة طبقة البيتموس وتكثير السواد بدل رميها.
خذ نصف كمية البيتموس واخلطها مع التربة الرملية حتى يغوص جذر العشب للبحث عن غذائه بين الرمال.
ثم انثر الباقي على السطح بشكل متجانس. وبعد ذلك قم بري الأرض بسخاء مرتين (عند الشروق والغروب) لمدة يومين حتى تتغلغل الرطوبة داخل التربة.
أنثر البذور باليد على جميع المساحة المراد تغطيتها باستخدام ثلاثة أرباع كمية البذور وإبق الربع.
حاول أن تنثر البذور بالتساوي على جميع التربة ولا تسرف في البداية فتجد أن البذور نفدت قبل أن تنهي بقية الأرض.
سيساعدك لون البذور المميز في معرفة الأماكن التي لم تنل حظها من البذر.
والآن تبدأ المرحلة المهمة في حياة بذرة العشب.
تحتاج بذرة العشب إلى الشمس والدفء لتنمو ولكن حجمها الصغير يجعلها عرضة للجفاف فتموت بسرعة.
كما أن كثرة الماء تؤدي إلى تحللها وتعفنها فتهلك أيضا.
لذلك يجب ريها فقط خلال النهار وبكميات تمتصها التربة بسرعة فتبقى رطبة وﻻ تصبح مستنقعا.
قم بريها كل ساعتين أو ثلاث خلال النهار عن طريق الرش الغير مباشر (دون أن توجه فوهة الماء نحو الأرض فتنجرف البذور وتصبح تحت التربة بل يفضل أن ترش الماء للأعلى فيتساقط على التربة كالمطر).
إذا كنت تستخدم شبكة للري تذكر أن يكون معك خرطوم مياه أثناء الري حتى ترش المناطق التي ﻻ توفيها شبكة الري حقها.
عليك بالمراقبة المكثفة. فخلال 4 إلى 7 أيام ستطل عليك البادرات.
فإن لم تفعل أمهلها أسبوعا أخر وإلا فالبذور رديئة وغير صالحة للزراعة وعليك البحث عن بذور جديدة.
بعد 4 أيام
بعد 7 ايام
بعد 10 ايام
مع نهاية الأسبوع الثاني تكون معظم البذور السليمة قد أنبتت وأصبح من السهل تحديد المناطق التي تحتاج لإعادة بذرها وزراعتها.
استخدم الربع الذي أبقيت عليه سابقا لملء الفراغات. ( أبحث عن الفراغات التي ليس بها بادرات تماما وليست ذات البادرات القصيرة فالقصير سينمو).
ثم واصل حسب نظام الري السابق.
بعد 14 يوما
بعد 20 يوما
بعد شهر من الجو المشمس الرطب سيكون العشب جاهزا لأول جزة.
وآية ذلك أن يبلغ ارتفاعه 4 بوصات (عشرة سنتيمترات). فإن لم يبلغ امنحه مزيدا من الوقت حتى يبلغها.
ثم قم بجزه حتى ارتفاع بوصة (2.5 سنتيمتر). (ﻻ تستخدم الآﻻت الممزقة للعشب والتي تعتمد على أن العشب قديم وراسخ في الأرض بل استخدم طريقة تعتمد على قص العشب دون أن تسحبه من جذوره) وهو إجراء مهم يسمح لباقي البادرات بطيئة النمو أو التي تم بذرها ﻻحقا بالحصول على ضوء الشمس الضروري والذي قد تحجبه العشبات الأطول.
وهذه ستكون أول مرة تطأ فيها قدماك أرض المعركة فاستمتع بعشبك قليلا وﻻ تكثر فما زالت جذوره سطحية.
بعد 30 يوما
ثم انتظر حتى يبلغ العشب أربع بوصات مرة أخرى لتجزه الثانية.
وبعد هذه الجزة تكون جذور العشب قد تشعبت بحيث ﻻ يحتاج الري المتكرر.
ويتحمل المشي فوقه كما تكون سيقانه قد امتدت لتسد الفجوات بين العشب.
وهذه بعض الصور التي التقطتها أثناء زراعة هذة المساحة.
حارس البذور من آذى الطيور
قطرات الندى في الصباح
صورة مقربة للقطرات
فطر هنا
وفطر هناك
وفي الختام تحياتي وشكرا للمطالعة
مواضيع مشابهة: