ألف سلام عليكم من الله عز وجلّ وألف رحمة
لا أعلم لماذا عندما نريد أن نكتب عن شيء قد تعلمناه فلا نتعلم إلا الشيء المؤلم ونخبئ رحيق الحياة تحت أسّرتنا...
بالنسبة لي عندما دخلت المنتدى كانت مشاركاتي ليس بها سوى الضحك ولكني انجرحت قليلا من بعض المعلقين مما جعلني أخفف من عفويتي في الكتابة حتى أصبحت جدية جداً إلى أن وصلت لدرجة لا أعرف المزاح وبدأت بالكتابة عن البُعد!!! فهذا ما لاحظته بأجمل قسم بالنسبة لي وهو قسم الخربشات الذي يجب أن نخربش به كالأطفال ولا يكون به سوى السعادة وراحة البال... نحن تلاميذ هذا القسم ولا نريد مِلأَه بالحزن والتشاؤم والرحيل والوداع والترك والهجران والتلاشي أو أي شيءٍ كان حزنٌ قديم!!! حتى لا يقول عنا بقية الأقسام في المنتدى من هؤلاء الذين فقدوا أمل الحياة وأعلنوا عن طائرتهم طائرة الرحيل؟؟!!!
الإنسان لا يتعلم بفترة معينة...فكل لحظة يعيشها يتعلم بها شيئاً... مثلاً عندما قرأت موضوعك والتعليقات بهذه اللحظة تعلمت أن هناك أناس يريدون الصلاح في الحياة وهناك أناس تذرف عيونهم على ما مضى وهناك أناس يصبرون وأناس تحرص على وجود الطمأنينة...
أنا متأسفة إذا أطلت بالكلام ولكن أريد أن أقول لكِ أختي نسرين بالنسبة لما تعلمتيه بأن بكاء من حولك لا يفيدك بشيء...لا أعلم لماذا لا يفيدك رغم أنه يفيد الكثير..فبكائهم ربما تشعرين بألمهم وتتوددين إليهم فيشعرون بقربك وبالتالي سيكونون معك عندما تحتاجينهم والبكاء أعتبره من اللغات الصامته التي تعبر عن ما بداخل الإنسان...
أختي العزيزة نيرمين بالحقيقة تأثرت مما تعلمتي...وما مررتي به ليس بشيء سهل ولقد عانيت ما عانيتيه... فأنا فقدت والدي أيضاً ولم يكن لي أحد سواه أتكلم معه بصراحة كبيرة جداً، وإلى الآن أمي (الله يخليها ويا رب أرضيها) تحمل هاتف والدي رحمه الله وعندما ترن عليّ يظهر رقم والدي ومكتوب "بابا" وأرد بلهفة المشتاق متأملة بأنه سيكون والدي.. وإلى الآن عندي هذا الأمل (لا أعرف ماذا أسميه) بأن والدي هو من سأجيب عليه وأسمع صوته على الهاتف.. أنسى كلياً كلياً بأن والدي غير موجود...
لِما تعلمتي عن الألم الحقيقي كل مكان تزوريه لا تجدي والدك معك وأنك لن تريه بعد اليوم؟؟ تعلمي كما تعلمت..فأنا تعلمت أنه رغم بُعد جسده عني روحه قريبة لي وهي بيننا وأعلم أنه قد سلّم لي الحياة حتى أتابعها على خطاه وأعلم عندما التف من حولي ولا أراه فإني بهذه اللحظة تذكرته وعندما أتذكره ليس لي شيء سوى الدعوة له بالرحمة وها أنا قد كنت سعيدة لدعوتي لوالدي وأنه سيأتي يوما وألقاه في مكان أجمل من هذا المكان بكثير...
ولا أعتقد بأني سأكون محظوظة لو أني متُ قبل والدي... فدمعتي المحروقة على والدي أهون من دمعة والدي عليّ...
وبالنسبة للأصدقاء كوني متيقنة أنه حتى لو فقدناهم جسدياً فهم سيكونون معنا بأرواحنا يدعموننا، وإن احتجت الى صديق فاذهبي الى قلبك سيتواجدون هناك لا يتمنون لك سوى السعادة وحب الحياة والتوفيق...
أسأل الله أن يكون أصدقاؤك معك وأن لا تفقديهم..فأصعب شيء بالحياة هو الفقدان..
أتأسف جداً على إطالة كلامي والتي ربما ملّ منها بعضكم ولكني بهذه اللحظة وأنا أكتب قد تعلمت...
تعلمت أننا كلنا نملك مشاعر وكلنا نحتاج إلى طيبة المشاعر ممن حولنا.. وانظروا الى خلفكم فإنه لا يجدينا بشيء سوى بأنه سيدعونا لأن نلتقي أناس جدد ونربط بين الماضي والحاضر ونتخيل المستقبل لنسعد ونتعلم أن هنالك فجر جديد...
وأن اليأس والتشاؤم لا يجب أن يعرف طريق الى قلب الإنسان المؤمن الواثق من أهدافه... الصبر هو دافعنا للعمل، والإيمان هو مبعث هذا الصبر، فيجب أن يبقى التفاؤل سلاحنا، ويجب أن نجعل من الفشل الطريق للنجاح والحازم هو من اتخذ الاخفاق سبيلا لنجاحه...
فسيروا في هذا العالم وضعوا نصب أعينكم هدفاً يحقق لكم أمانيكم لتسعدوا في الحياة ودعونا نسير ونحن مؤمنون بقوميتنا وبوجود أحبائنا بيننا وبعروبيتنا حتى يكون الله معنا..
تقبلوا احترامي
دوموا واسلموا