نور المعرفة
يجد الإنسان نفسه مندفعا بقوة غريزية نحو عوالم مغلقة نحو كشف أسرار لا يعرفها و كلمات لم يسمعها و يظل ملاحقا و ملاحقا هذه الغريزة ليحقق اكبر قسط من مدركات معرفية حتى غمض الروح الأخيرة يدرك انه علم شيئا جديدا و هو في ذروة تلك اللحظات الوداعية الأخيرة للكون.
المعرفة هي نظرة الإنسان نحو المستقبل يخبئ مفاجآت متوقعة و غير متوقعة يخيم بكل سكونه .
إنسان لم يتعرض لشمس المعرفة هو في النهاية لسوف يموت ارتجافا من قوة البرد.
إن المعرفة هي ثورة ذهنية جريئة على جمود العقل البشري و مدركاته الفكرية.
لم تكن المعرفة يوما ما منحصرة في أناس دون غيرهم و لا في زمان دون غيره و هي لا تقبل الذهاب إلى المقابر أو تنطفئ في بطون كتب صفراء , إنها الشمس التي تأتي تسطع كل يوم فتأتـي لبناء الإنسان بضوء جديد غير الذي أتاه بالأمس.
و الإنسان جزء هام من هذه المعرفة فليست الكتب وحدها هي المعرفة ولا الفضائيات وحدها و لا التجارب وحدها ولا الأسفار في الأرض ولا التقدم في السن أو المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية أو السلالية .
فكل لون من هذه الألوان هو طريق إلى غصن من غصون شجرة المعرفة و كلما نهل المرء من ثمار غصن امتلأ بالحياة و أحس بالنضج و هكذا فهو يقطف ثمار المعرفة و يزداد استقرارا و انفتاحا و امتلاء و هكذا فإن صوت المعرفة هو صوت الأبدية.
تبقى المعرفة هي التي تميز إنسانا عن غيره و الإنسان يمكن له أن يرتقي في ألوان المعرفة حتى يغدو مرجعا معرفيا في لون معرفي ما.
أبواب المعرفة مشرعة أمام الجميع لا تنغلق أمام أي إنسان و في أي وقت و لكن على الإنسان أن يسعى إلى المعرفة و يطور نفسه فهي لا تطرق باب احد و لكنها دائمة الانتظار لمن يطرق بابها.
إذا المعرفة كلمة شاملة لا نهائية تغري إنسان كل زمان و مكان للعوم في فضاءاتها اللامتناهية و النهل من معينها الذي لا نضوب فيه و دوما يبرق وميض المعرفة في مدركات إنسان غافل, ينبثق من غيب, فينتبه أن نورا أضاء مساحة مظلمة في فضاء روحه.
مادام الغيب يلبث مشرعا في سلم خطوات الإنسان فإن المعرفة تلبث حاملة إليه نور لآلئها كل ساعة و كل هنيهة.
ختاما إن المعرفة أعلى من العلم كون الروح أسمى من المادة و الإنسان الذي لا يتعرف على داخله يستحيل عليه أن يتعرف على مظهره.
مواضيع مشابهة: