بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
فقد لفت انتباهي سؤال أحد الأخوة عن كيفية تحضير الخلائط , واختيار النسب الأكثر تلاؤماً مع حاجات المستهلك والمردود المادي
وأقول : بناءً على هذا , أحب أن أضيف هذا الموضوع المتواضع , من خلال ذكر مثال درسناه في مادة تصميم التجارب
" Experimental Design " على يد الأستاذ ميشيل لاندر في كلية الـENSAIA , نانسي\فرنسا.
راجياً من الله أن نرتقي بفضله في هذه العلوم وغيرها , والتي على أساسها يتم التفريق بين
الطبخ و هندسة الصناعات الغذائية
المثال :
إذا كان عندنا منتج مكون من ثلاث مواد هي
(بودرة الحليب المنزوع الدسم , صفار البيض , بياض البيض)
هذه المواد تتراوح نسبة وجودها في المنتج النهائي من 0 حتى 100%
وإذا فرضنا أننا نريد أن ندرس تأثير نسبة كل مادة (مكوِّن) على الصفات التالية للمنتج النهائي (القدرة على تشكيل المستحلبات , القدرة على تشكيل الزبد , القدرة على التخثر الحراري وغيرها ...)
إننا نجد أنفسنا أمام كم هائل من الاحتمالات للخليط المنشود , تضعنا في حيرة أمام اختيار الخليط ذو النسب الأكثر تلاؤماً مع احتياجاتنا.
لكننا من خلال علم تصميم وتحليل التجارب , فبإمكاننا أن نقوم بتحضير مجموعة محدودة من الخلائط , استناداً إلى معينة رياضية "Matrix" , وباستخدام برامج متخصصة في الكومبيوتر مثل برنامج"NemrodW"
ومن ثم نقوم بالقياسات اللازمة لتحليل الصفات المذكورة أعلاه (القدرة على تشكيل المستحلبات ...) , فقط على هذا العدد المحدود من الخلائط .
وبعدها يقوم البرنامج بمعالجة النتائج ليعطينا لوائح ومخططات تتوقع لنا كافة القياسات المحتملة للخلائط التي لم نقم بتحضيرها , بالإضافة إلى حساب التداخل والتأثير المتبادل بين مكونات المنتج (بشكل إيجابي أو سلبي) لنستطيع من خلال ذلك تحديد الخليط ذو النسبة الأكثر تلاؤماً مع ما نحتاج إليه .
جدول يبين عدد التجارب اللازم إجراءها إضافة إلى نسب كل مادة (lait = حليب, Blanc d'oeuf = بياض البيض , Jaune d'oeuf= صفار البيض) إضافة إلى صفات المنتج النهائي (HG= قدرة المنتج على تخثر الحراري , EC= قدرة المنتج على تشكيل المستحلبات ... وهكذا) مع نتائج التجارب أسفال منها .
فإذا عدنا إلى مثالنا السابق , وبعد إدخال عدد المكونات ومجال النسب التي نريد دراستها
فإننا نجد أن البرنامج قد حدد لنا 10 خلائط فقط بنسب معينة
نقوم بتحضيرها من ثم نقوم بإجراء التجارب عليها ونضع نتائج التجارب لقياس الصفات المذكورة سابقاً وغيرها إلى يمين كل خليط
وبعد ذلك نقوم بتحليل التجارب من خلال اللوائح والمخططات
إذا نظرنا الآن إلى النتائج السابقة أعلاه مثلاً والتي تعبّر عن القدرة على تشكيل المستحلبات فمن خلال الجدول الثاني يمين الصورة نجد عبارة Signif%
وهي اختصار لكلمة Significatif أي بلغة الإحصاء , هي النتيجة ذات المعنى والتي لا تخضع للصدفة (ضمن احتمال خطأ معين)
ونجد تحتها إشارة النجمة الأحادية أو الثنائية (دلالة على أن النتيجة ذات معنى)
وبالتالي فإن كل من المكونات b1 = بودرة الحليب
b2 = بياض البيض
b3= صفار البيض
لها القدرة على تشكيل المستحلبات منفردةً
لكن بالنظر إلى المعامل Coefficient فإن أقواها هو صفار البيض
إضافةً إلى ذلك فإننا نستطيع أن ندرس التداخل بين المكونات المختلفة
فمثلاً نجد أن b1b2 بينهما تداخل احتماله أكبر من 90% ولكنه سلبي كما يشير المعامل
أي أن بودرة الحليب وبياض البيض يؤثران على بعضهما سلباً عند تشكيل المستحلب !!
أيضاً , ومن خلال النظر إلى المخطط التالي
فإننا نرى على رأس كل زاوية من المثلث أحد مكونات الخليط (بودرة الحليب أعلى المثلث , صفار البيض إلى اليمين , بياض البيض إلى اليسار) حيث تكون نسبة المكون على الرأس 100% وتتناقص لتبلغ الصفر على الضلع المقابل
ونرى أيضاً على المثلث نقاطاً حمراء تشير إلى الخلائط التي قمنا بتحضيرها وإجراء التجارب عليها
أما سائر مساحة المثلث فهي عبارة عن خلائط ذات نسب لم نقم بتحضيرها لكن البرنامج استطاع أن يتوقع نتائج الصفات التي ذكرناها
ومن خلال تحريك "الماوس" في البرنامج على المخطط فإننا بمكن تحديد كل خليط وما يقابلها من صفات , وبالتالي نختار الخليط الأكثر تلاؤماً مع حاجتنا .
هذا ما أحببت أن أشير إليه في هذا الموضوع على عجالة ,مع العلم أنّي لم أتطرق إلى الأمور الأكثر تعقيداً كزيادة عدد الخلائط أو تحديد مجالات معينة للنسب المدروسة
إضافة إلى أن إنشاء مخططات من أجل الاختبارات الحسية (اللون والرائحة والطعم ...) يمكن من خلال استخدام نماذج رياضية وبرامج أخرى .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا و زدنا علم
والله ولي التوفيق
مواضيع مشابهة: