تعتبر ثقافة DIY أو ما يترجم حرفيا ب"إصنعها بنفسك" نتاج لنمط الحياة المستقل إما لأسباب اجتماعية كالعيش في المدن الكبيرة أو جغرافية كالأنتقال للمناطق النائية عن العمران. حيث يضطر الشخص أن يقوم بمهام متنوعة قد لا تمت لدراسته وتخصصه بصلة. قد يرى البعض أن هذه الثقافة تعتبر وصمة عار في جبين المجتمع. الذي إما أن يكون مفككا لا تجد من يعينك فيه بلا مقابل. أو غارقا في فقر مدقع لا يجد فيه المرء المال الكافي لسداد فواتير الخدمات الضرورية. بيد أن هذه الاسباب لا تعدوا عن كونها مبررات للبقاء في حالة الكسل وقلة الحيلة وأنتظار الغيب أملا في أن يحمل الغد ما يمحوا به الأمس. يتبع>>>
وقد لا نعلن سرا إن قلنا أن أشد أعداء هذه الثقافة هي البنوك والمؤسسات التي تعتمد على أن ينتقل المال من جيب لأخر حتى تقتنصه. فهي لا تريد لشخص أن يربي دجاجة ويأكل بيضها بل أن تقرض مختصا بالاعلاف المال بفائدة فيبيعه على مربي الدجاج بفائدة ثم يبيع مربي الدجاج البيض على التاجر بفائدة ثم على المستهلك بفائدة. بل وتضع في هذه السلسلة من الفائدة بعض الحلقات حتى تزيدها كالتصاريح والاختبارات ونظم الجودة وخدمات النقل.. إلخ يتبع>>>
وكنتيجة لهذه السلسلة المتصلة ترتفع الاسعار دائما وستظل ترتفع أو تنهار قيمة النقود وهو التفسير الصحيح وليس جشع التجار وطمع الطامعين. فالكلفة التشغيلية في ارتفاع دائم وذلك بأن العامل الذي كان همه قبل قرن من الزمان توفير لقمة متواضعة ومسكن متواضع لأسرته بات يحتاج هاتفا نقالا حيثما حل وارتحل بس وربما خدمة انترنت وتلفازا كبيرا يرفه فيه عن نفسه وكل هذه الامور تضاف للتكلفة. كما أن مراقبة الجودة تسهم في رفع التكلفة ففي السابق كان يكفي عامل البناء ليبني منزلا أما الأن فيجب أن يشرف عليه مشرف والذي بدوره يتلقى التعليمات من مهندس الذي يتابع مشروعه استشاري وجميع رواتبهم من صاحب المنزل الذي لا يملك من الأمر سوى الدفع. يتبع>>>
في عصرنا الحالي يجد معظمنا أنه بحاجة لمزيد من المال حتى يحافظ على مسوى عيش كريم. ولكن للأسف زيادة الدخل ليست خيارا متاحا دائما فهي محكومة بالقوانين والتشريعات من جهة والظروف الاقتصادية كالركود والانتعاش من جهة أخرى. بل قد تجد من يمتلك علما وخبرة ومهارة ولا يجد من يشتري منه كل ذلك بل قد لا يجد إلا وظيفة متواضعة يستطيع القيام بمهامها وهو نائم. فيقولون "سبع صنايع والبخت ضايع" أو "كثير الكارات قليل البارات". يتبع>>>
وهنا نجد أن "أصنعها بنفسك" قد تكون بديلا عن زيادة الدخل. فالوقت متوفر ويضيع في متابعة البرامج التلفزيونية والعلم موجود بكثرة على صفحات الانترنت ويبقى فقط شرارة الجهد حتى يتحول الثلاثة إلى مال وفير. وهنا يتسأل البعض: من أي يأتي المال ولا يوجد مشتر؟! والجواب سهل ولكن النظام البنكي قد طمسه حتى تتمحور حياتنا حول النقود الورقية. إن طلاء غرفة بنفسك يساوي في القيمة النقدية ما ستعطيه لصباغ كي يطليها لك ففي النهاية ستحصل على غرفة مطلية. وعليه كلما زادت جودة طلائك للغرفة كلما كان هذا بمثابة دفع مبلغ أكبر لصباغ أمهر. بيد أن دفع مبلغ أكبر لصباغ قد لا يكون متاحا بقدر إمكانية تحسين جودة طلائك عبر التعلم شبه المجاني من الانترنت والممارسة. يتبع>>>
حتى تتشجع لخوض هذا المجال اسأل نفسك. هل من قام بهذا العمل يحمل مؤهلا علميا لا تحلم بالحصول عليه يوما لأن قدراتك العقلية متواضعة؟ إن كانت الإجابة بلا فكل ما عليك عمله هو تعلم ما يعرف حتى تستغني عن خدماته. واسأل نفسك هل يحتاج هذا العمل مجهودا عضليا غير متوفر عندك؟ إن أجبت بنعم عندها أستخدم عقلك للتفكير في طرق بديلة للعضلات كأستخدام الادوات الكهربية أو تشكيل فريق من اشخاص تجمعهم نفس الحاجة يعمل كل مرة لمصلحة شخص. مثلا أحتاج لبناء جدار لمنزلي وجاري يحتاج لبناء جدار لمنزله. فلنتحد ونبني أحد الجدران ثم نبني الآخر كما نفعل في الجمعيات التي نجمعها لنسلمها لواحد كل شهر. وفي الختام أرجو أن يكون هذا الموضوع سببا في إخراج من يقرأه من دوامة الحياة الصعبة إلى الأخذ بزمام حياته ليوجهها حيث شاء.
السلام عليكم٠٠ شكرا الموضوع يستحق القراءة٠