المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضحكة أخيرة (قصة قصيرة )



نورانة
29-03-2008, 03:11 AM
الأستاذ حسن المرشد الزراعي رجل نوبي هادئ الطباع ,طيب القسمات ,يعشش في عينيه حزن
عميق فبالرغم عن بشاشة وجهه نادراً ما تجده يبتسم دون أن يطالعك الأسى من عينيه .....ترى لماذا لا نراه ضاحكاً ,لأن........
لأن هذا كان منذ زمن بعيد..

على امتداد الشريط الأخضر, تتلاحم أغاريد العصافير مع هديل الحمائم ليكونا أهزوجة , موسيقاها ترقرق
مياه من جدول قريب ترقص عليها أشجار الليمون, وتتمايل نخلات البلح السّكوتي فرحة بضحكات أطفال أخذوا
من البدر استدارته في وجوههم وثناه في ابتساماتهم العذبة .


----------------------------------------

يلعب حسن "الغميضة"مع أخيه إبراهيم ومع أقرانهم وتعلو ضحكاتهم لتعانق السحاب.
كان هذا منذ زمن بعيد أما الآن فالأستاذ حسن لا يرى النخيل يرتكن على البيوت البيضاء ذات القباب
المستديرة وأروقة معابد النوبة القديمة إلا في أحلامه الساكنة قلبه.
-------------------------------------------
عيني عليكم دايبة دوب
ياني يا اولادي يا حالين حبال السفر
بيني وبينكم سد ماية حجر
الحزن يعصرني والنيل غطاني
والفجر ياجي يصحيني مايلقاني
يمشي يعود تاني
ينده بغنوة نوبي في شطوطي وودياني
-----------------------------------------------
فارق حسن تراب النوبة على كتف أبيه وعندما استقر في النوبة الجديدة لم يجد معه أخاه إبراهيم
والكثير من أقرانه ليلعب معهما...ببساطة لم تقوى الأجساد علي مغادرة الأرض ففارقتها أرواحها إلى بارئها.....
نظر حسن للقمر بعينيه الواسعتين البريئتين إلى القمر كي يشكو له ما حدث فوجد قمر آخر أصغر
في الحجم وظل حسن في حيرة من أمره أين ذهب القمر صديقي القمر الكبير ربما بقي ليحرس
النخلة التي زرعها أبوه جوار بيتهم.
---------------------------------------------------
وأغطس المولود في ماء النيل في السبوع
ويزغرد قلبي ولساني
واحمي جسم العريس في المياه السمره
والبسه غير الهدوم وأدق له دفوف الفرح في النجع آه ياني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
كان قرار الأستاذ حسن بدراسة الزراعة هو الوجه الآخر لشوق عيونه لمعانقة الخضار الوليد
بين ربوع النيل ورؤية سمار وجوه الأحبة في جذوع النخيل العالي النبيل.
------------------------------------------
وأعوم لحد البر من تاني واصحى بماحريتي
وأطلع على غيطاني
واطلع نخيلي وأجني بستاني
وابني بيوتي النوبي
وأغزل شقي وتوبي
--------------------------------------------------------
أستاذ حسن الآن رجل عجوز لم تهجره طيبته مع التهجير لم تنسيه الأيام شوقه
لظلال النخيل على تراب النوبة وذكرياته الغالية بل كانت الأيام تزكي شوقه لاستحضار
تلك الذكريات من سراديب أحلامه ليعايشها في الواقع ...قرر الأستاذ حسن أن يذهب في
رحلة مع زوجته –والتي هي ابنة عمه-و أولادهما ليروي عطش روحه لهواء النوبة المعطر
برائحة النعناع وأزهار الليمون وشمسها وقمرها فقد تَحرق فؤاده بما يكفي لزمن طويل......
وها هو ولأول مرة منذ زمن بعيد يشاهد الأستاذ حسن ضاحكاً تحت قمر النوبة الصديق فوق سطح النيل مبحراً
بقارب صغير كطموحه جامح كخياله وكانت المرة الأخيرة أيضاً فقد صعدت روح الأستاذ حسن
إلى بارئها بعد أن أرتشف من رحيق النوبة وظلت ابتسامته الراضية أخر ما رؤي على وجهه.....
لكن الغريب ما روي بعد ذلك عن الإحساس بأطياف لأطفال يضحكون لا يعرفون من أين أتت ...لكننا
نعرف أن أحدهم يشبه حسن والآخر يشبه إبراهيم والبعض يشبه أقرانهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ


الشعر للشاعر "عبد الرحمن الأبنودي"

مريم يوسف
29-03-2008, 03:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ااااااااااااااااه ........ النسمات الصعيديه هبت اخيرا فمرحبا بها
الانتقال بين سرد الحكايه والقاء ابيات شعر عامى ...... طريقه جميله بالفعل
والاحساس الذى نقله الموضوع لى بصفه شخصيه .... لا يمكن ان اوصفه ( صعيديه حتى النخاع)
هكذا حال اى منا اذا ما ارغم على مفارقة مكانه الذى اعتاد التواجد فيه بدون ارادته . كانه غريب ينتظر العوده وحين يعود يفضل الموت على الغربه مجددا
مشكوره اختى نورانه شكرا جزيلا . وندعو الله للشاعر عبد الرحمن الابنودى بالشفاء العاجل عن قريب ان شاء الله
فى امان الله

samer_235
29-03-2008, 07:02 PM
وأعوم لحد البر من تاني واصحى بماحريتي
وأطلع على غيطاني
واطلع نخيلي وأجني بستاني
وابني بيوتي النوبي
وأغزل شقي وتوبي

الكلمات العاميه تصل لمستمعها الى صدق احساس الشاعر وهي اقرب لمسمع وقلب المستمع .

نورانة
05-04-2008, 09:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ااااااااااااااااه ........ النسمات الصعيديه هبت اخيرا فمرحبا بها
الانتقال بين سرد الحكايه والقاء ابيات شعر عامى ...... طريقه جميله بالفعل
والاحساس الذى نقله الموضوع لى بصفه شخصيه .... لا يمكن ان اوصفه ( صعيديه حتى النخاع)
هكذا حال اى منا اذا ما ارغم على مفارقة مكانه الذى اعتاد التواجد فيه بدون ارادته . كانه غريب ينتظر العوده وحين يعود يفضل الموت على الغربه مجددا
مشكوره اختى نورانه شكرا جزيلا . وندعو الله للشاعر عبد الرحمن الابنودى بالشفاء العاجل عن قريب ان شاء الله
فى امان الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وسعيدة أن أعجبتك القصة .....وفعلا ما أصعب غربة الكيان عن المكان
وشكرا لك على مرورك العطر :grin:
وعفى الله عن الشاعر الجميل عبد الرحمن الأبنودي
أشكرك مرة أخرى لمرورك الجميل