المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في الحافلة...



ethylene
17-11-2006, 02:35 PM
......تحرك الواقف بجواري زاعما الهبوط .. فهممت أن أشغل حيزا أكبر من ذلك الذي كنت أنكمش فيه ..

ولكن ..

إذا برجل طاعن في السن ذهلت كيف أنه استطاع شق طريقه وسط تلك الأهوال .. فاضطررت أن أنسحب إلى داخلي كي أفسح له مجال الوقوف ..

.. وما إن وقف ذلك الشيخ حتى التقط أنفاسه بعمق وبدأ يتجول ببصره في الجالسين أمامه .. واستقرت عيناه على ذلك الشاب ..

وأخذ يتنحنح بصوت عال تعمد أن يلفت به الأنظار ..

نظر الشاب نحوه نظرة خاطفة وضع بعدها بصره بين قدميه وملامحه جامدة لا تعبر عما يعتمل بداخله .. وعاد ببصره ليحلق به عبر النافذة وكأنه لم ير شيئا ..

تأوه الشيخ بصوت مسموع .. وأمسك ظهره باحدي يديه .. والشاب لم يحاول الالتفات نحوه ..

وهنا قامت الفتاة الجالسة بجواره ودعت الشيخ ليحل محلها في كرسيها ويجلس عليه ..

والشيخ يحاول التمنع ولكنه جلس ..

والشاب أدار وجهه بأكثر ما يستطيع نحو النافذة ..

وهنا لم أستطع كتمان صوتي .. فقلت بصوت مرتفع ..

.. (( حقا لقد أصبح شباب هذه الأيام في مرتبة دون الفتيات ))

وكأن عبارتي كانت هي إشارة البدء ..

فقد انطلقت التعبيرات الساخرة .. وما أمرها تلك التعليقات التي تنطلق من فم هؤلاء الذين أرهق أعصابهم العمل والشد اليومي ..

كانت تلك الانتقادات بمثابة محاولة للتنفيس عما يعتمل بنفوسهم من رفض لأمور كثيرة ...

ولست أنكر أني كنت صاحب نصيب الأسد في تلك التلميحات القاتلة ..

وذلك الشاب لم أكن أري من وجهه سوى زاوية جانبية صغيرة كانت متعرجة بشدة دلالة أنه يعاني انفعال ما كنت في اشتياق لمعرفته ..

وظلت الحافلة منطلقة وقد بدأت تتخفف من الأعداد المثقلة بها ..

وأخيرا هم ذلك الشاب بالنزول ..

ويا للصاعقة ... !!!!

لقد كان المسكين مصاب بإعاقة في قدميه وكان يداريها بأحماله التي معه .. نظرت إلى وجهه فوجدت أثر الدموع المتجمدة عليها .. وعندما هبط نظر نحوي عبر النافذة .. كانت عيناه تحملان نظرة ألم عنيفة جعلتني أهوي و أنسحق إلى داخلي وأعماقي تهتز بعنف ..

لماذا يسبقنا سوء الظن دائما إلي الظاهر أمامنا ..

لماذا لا نتمثل قول الصحابي الجليل .. ( التمس لأخيك بضع وسبعون عذرا ) ؟؟

ظلت الأفكار تموج بي .. وتعصف بكياني ..

وانطلقت الحافلة بمن تبقي بها .

تمت بحمد الله

بقلم الدكتور / أحمد مراد

((بتصرف))

aouniat
17-11-2006, 07:29 PM
سبحان الله. فعلا هذا ما حدث معي وأنا أقرأ المقال. ربما هذه طبيعة الإنسان .. أنه يظن السوء قبل أن يظن الخير بالآخرين. اللهم جنّبنا ظن السوء. ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنو ...

جاردنيا
08-03-2007, 07:56 PM
السلام عليكم

(( ان بعض الظن اثم ))

نعم هكذا نحن دائما سريعين بالحكم والانفعال تاخذنا ظواهر الامور ...

جزاك الله كل خير اختي اثلين

نجلاء أحمد عبد الراضى
03-06-2009, 02:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

إنها مشاركتى الأولى فى المنتدى والتى أردت بها أن أشكرك وأؤكد لك أن سوء الظن يكون أول ما يصدر عنا فى بعض المواقف لأنها بمثابة طبقة الصدأ أولى الطبقات التى يجرح عينيك رؤيتها وهى تعلو المعدن النفيس إذا لم يتم جلاءه، إن سوء الظن ليس من فطرة البشر فالله لا يحرم ما فطر الإنسان عليه ولكننا للأسف نكتسبها مع الأيام فإذا ما قرأت هذه القصة لطفل صغير لابتعدت به فطرته السليمة عن سوء ظنوننا وجنح إلى حسن الظن... نرجو من الله أن يعيننا جميعاً على الرجوع بنا إلى كل فضيلة زين به خلقنا.

عبد الوهاب الديب
03-06-2009, 03:12 PM
هذا هو سوء الظن بالناس فما بالكم بمن يسئ الظن بالله فلا يعلم ان هناك يوم مجموع اليه الناس اجمعون (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى)