المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل عام وحضراتكم بخير



سلمى المعبدى (تسبيح الورد)
14-10-2013, 02:05 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... كل عام وحضراتكم بخير والأمة الإسلامية جميعا أحببت أن أذكركم ونفسى بسنة أضحية العيد وفضلها ..........
فإن الله عز وجل شرع الأضحية توسعة على الناس يوم العيد وقد أمر الله أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه إسماعيل فاستجاب لأمر الله ولم يتردد فأنزل الله فداء له من السماء {وفديناه بذبح عظيم }[الصافات:107] ومنذ ذلك الوقت والناس ينحرون بهيمة الأنعام امتثالاً لأمر الله بإراقة الدماء لأنها من أفضل الطاعات والأضحية سنة مؤكدة، ويُكره تركها مع القدرة عليها وفضلها عظيم.
تعريفها ومعناها :

سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار.
والأضحية شرعاً: اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقرباً إلى الله تعالى.
الحكمة من تشريعها
1 - التقرب إلى الله تعالى بها، إذ قال سبحانه{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } وقال عز وجل:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } والنسك هنا هو الذبح تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى.
2 - إحياء سنة إمام الموحدين إبراهيم الخليل عليه السلام إذ أوحى الله إليه أن يذبح ولده إسماعيل ثم فداه بكبش فذبحه بدلاً عنه، قال تعالى:{ وفديناه بذبح عظيم }
3 - التوسعة على العيال يوم العيد.
4 - إشاعة الفرحة بين الفقراء والمساكين لما يتصدق عليهم منهم.
5 - شكر الله تعالى على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، قال تعالى:{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }[الحج:37،36].
حكمها: جمهور أهل العلم على أن الأضحية سنة مؤكدة، ويكره تركها مع القدرة عليها، والبعض قال: سنة واجبة على أهل كل بيت مسلم قدر أهله عليها، وذلك لقوله تعالى:{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: { من كان ذبح قبل الصلاة فليعد } [متفق عليه].
فضلها: لم يرد حديث صحيح في فضل الأضحية سوى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها وإنما وردت أحاديث لا تخلو من مقال ولكن بعضها يعضد بعضاً ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: { ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله عز وجل من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها. وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً } [رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه].
وقوله صلى الله عليه وسلم وقد قالوا له: ما هذه الأضاحي؟ قال: { سنة أبيكم إبراهيم }، قالوا: ما لنا منها؟ قال: { بكل شعرة حسنة }، قالوا: فالصوف؟ قال: { بكل شعرة من الصوف حسنة } [رواه ابن ماجه والترمذي، وحسنه].
الأحكام التي تتعلق بالأضحية
1 - ما يتجنبه من عزم على الأضحية: من دخلت عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية وذلك لما روى عن مسلم في صحيحه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره } وفي رواية: { فلا يأخذن شعراً ولا يقلمن ظفراً } والحكمة في النهي: أن يبقي كامل الأجزاء ليعتق من النار، وقيل: التشبه بالمحرم.
مسألة: ما على من قطع الشعر وقلم الظفر؟

2 - سِنُّها: أخرج مسلم في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { لا تذبحوا إلا مُسنّة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن } والمسنة من الأنعام هي الثنية.
وقال الإمام ابن القيّم في كتابه زاد المعاد 2/317: ( وأمرهم أن يذبحوا الجَذَعَ من الضأن والثني مما سواه وهي المُسنة ). أخرج البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر قال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة، فقال: ( ضح بها أنت ) والجذع عند الحنفية والحنابلة: هو ما أتم ستة أشهر ونقل الترمذي عن وكيع أنه ابن ستة أشهر أو سبعة أشهر، وقال صاحب الهداية: والثني من الإبل: ما استكمل خمس سنين، ومن البقر والمعز: ما استكمل سنتين وطعن في الثالثة.
3 - سلامتها: لا يجزئ في الأضحية سوى السليمة من كل نقص في خلقتها، فلا يجزئ العوراء ولا العرجاء ولا العضباء ( وهي مكسورة القرن من أصلها، أو مقطوعة الأذن من أصلها ) ولا المريضة ولا العجفاء ( وهي الهزيلة التي لا مخ فيها ) وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: { أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن عرجها، والكسيرة التي لا تُنقي ـ يعني لا نَقي فيها ـ أي لا مخ في عظامها وهي الهزيلة العجفاء }
4 - أفضلها: أفضل الأضحية ما كانت كبشاً أملح أقرن، إذ هذا هو الوصف الذي استحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وضحى به كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: { ضحى بكبشين أملحين أقرنين.. }
ويسن استسمان الأضحية واستحسانها لقول الله تعالى:{ ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } قال ابن عباس: ( تعظيمها استسمانها واستعظامها واستحسانها )
بل إنه كلما زاد الثمن وغلا صار أفضل إذا كان يريد بذلك قربه سواء من الرقاب أو الأضاحي كما جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل أي الرقاب أفضل؟ فقال: { أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها } [البخاري:2518].
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: ( كل ما عظمت رؤيته عند المرء كان أعظم لثواب الله إذا أخرجه لله )
5 - وقت ذبحها: المتفق عليه أنه صباح العيد بعد الصلاة، أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { من ضحى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمّ نسكه وأصاب سنة المسلمين } وفى حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال: { ولا يذبحن أحد حتى يصلي } وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في الزاد: ( فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع الأضحية وكان يضحي بكبشين وكان ينحرهما بعد صلاة العيد وأخبر أن من ذبح قبل الصلاة فليس من النسك في شيء، وإنما هو لحم قدّمه لأهله، هذا هو الذي دلت عليه سنته وهديه )
6 - ما يستحب عند ذبحها: يستحب أن يوجهها إلى القبلة ويقول: ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ). ثم إذا باشر الذبح أن يقول: ( باسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك ). والتسمية واجبة بالكتاب الكريم قال تعالى:{ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه }
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: ( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يضحي بالمصلى، ذكره أبو داود عن جابر أنه شهد معه الأضحى بالمصلى فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتى بكبش فذبحه بيده وقال: { بسم الله والله أكبر هذا عني وعمن لم يضح من أمتي } وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح وينحر بالمصلى ) أهـ. [متفق عليه].

7 - الإحسان حتى في الذبح: قال ابن القيّم: ( وأمر صلى الله عليه وسلم الناس إذا ذبحوا أن يحسنوا الذبح وإذا قتلوا أن يحسنوا القتلة، كما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحكم شفرته وليرح ذبيحته } [مسلم].
وكان صلى الله عليه وسلم يضع قدمه على صفاحهما يعني صفحة عنق الذبيحة عند ذبحها لئلا تضطرب وهذه رحمة منه صلى الله عليه وسلم كما ذكر أنس رضي الله عنه وهو يشاهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يذبح، قال الإمام ابن حجر في الفتح: ( واتفقوا على أن إضطجاعها يكون على الجانب الأيسر فيضع رجله على الجانب الأيمن ليكون أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار ) أهـ.
8 - صحة الوكالة فيها: يستحب أن يباشر المسلم أضحيته بنفسه كما فعل صلى الله عليه وسلم، وإن أناب غيره في ذبحها جاز ذلك بلا حرج ولا خلاف بين أهل العلم في هذا.
9 - قسمتها المستحبة: يستحب أن تقسم الأضحية ثلاثاً: يأكل أهل البيت ثلثاً، ويتصدقون بالثلث، ويهدون لأصدقائهم ثلثاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: { كلوا وادخروا وتصدقوا } [مسلم:6/80] وإن لم يقسمها هذه القسمة جاز كأن يتصدق بها كلها أو يأكلها كلها أو يهديها كلها.
10 - أجرة جازرها من غيرها: لا يعطى الجازر أجرة عمله من الأضحية لقول علي رضي الله عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنة وأن أتصدق بلحومها وجلودها وجلالها، وأن لا أعطي الجازر منها شيئاً، وقال: { نحن نعطيه من عندنا } [متفق عليه].

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم ومن المسلمين في كل مكان وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
راجعها فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين _ عضو الإفتاء _
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.