المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا توجد كلمة ذكرت لم تحدث



مؤمن السيفى
27-06-2012, 06:49 AM
في ليلة الخامس عشر من شهر ديسمبر عام 2008 .. بدأ القصف الصهيوني لقطاع غزة .. كنت أنا في هذه الأثناء أقيم بالمدينة الجامعية بالجيزة .. كنت في العام الثاني من الجامعة.
عند الفجر وصلتني رسالة من مسؤولي كان نصها: "تكليف: الحضور في تمام السادسة بشقة ك.ط بعد حلق اللحية وعدم اصطحاب أية مصاحف أو أوراق تنظيمية .. احضر بمفردك .. لا تحدث من تقابله من الإخوة في الطريق .. لا أعذار.. لا تأخير .. لا استئذان" ..
دقت الساعة السادسة حين كنت أنا علي باب الشقة .. دخلت لأجد الإخوة متواجدين داخلها .. يبد أن كل أخ كان له موعدا مختلفا حتي لا نلفت الأنظار إلي مكان شقتنا .. فمنهم من جاء ليلا .. ومنهم من جاء فجرا .. ومنهم من أتي بعدي ..
كان الجو يشوبه نوع من الشد منذ دخلت الشقة .. الإخوة كلهم صامتون .. لا أحد يتكلم .. الكل ينظر للآخر بقلق غريب .. والأخ المسؤول يعنف أي أحد يحاول الحديث أو احداث أي صوت .. كان جوا مشحونا بالقلق والريبة !
اكتمل العدد في تمام الثامنة .. أغلق المسؤول كل النوافذ وأطفأ كل الأنوار .. لكن ضوء الصباح كان كافيا لنري بعضنا ..
كعادة معسكرات الإخوان وقفنا في طابور نستمع إلي تعليمات المسؤول حول اليوم .. كانت التعليمات هذه المرة غريبة بعض الشيء ..
المكان كله مليء بالمخبرين .. الأمن يتعقب المكان .. الشقة لا أحد يعلم أن بها أحدا .. أي صوت سيخرج معناه اعتقالنا جميعا !
استطاع المسؤول ببراعة أن يزرع داخلنا القلق والخوف .. ولأن أحد منا لم يكن قد أفطر بعد .. فقد قرر المسؤول أيضا أن اليوم صيام .. وأن الطعام سيكون ساعة المغرب .. ولمرة واحدة فقط .
قضينا يومنا كله في القرآن ومدارسة القرآن والدروس الإيمانية الخاشعة .. وبينما نحن كذلك إذا ارتفعت أصوات بالحجرة المجاورة بين المسؤول ونائبه ..
لم يتحرك أحد منا من مكانه إلي ان خرج المسؤول وطلب أن نقف طابورا مرة أخري .. وجاء النائب ووقف خلفه .. فقال له قف في الطابور .. نفذ النائب الأمر ..
لم يكن هناك صوت بالمكان .. إلا أن المسؤول أوقف النائب فجأة وقال له: لماذ كنت تتكلم؟ .. قال النائب: لم أتكلم .. قال المسؤول بغضب: تقصد أنني كاذب .. عليك أن تحمل أمتعتك وترحل حالا .. قال له النائب: أنا أسف .. انتظر عقوبة أخري ! .. قال المسؤول: إذن نم علي ظهرك وليمر كل المعسكر من فوقك !
ارتج المكان كله بعد هذه الكلمات ! .. ورفض الأخ تنفيذ الأمر وحمل أمتعته وغادر .. غادر المسؤول خلفه ليحضر الطعام ..
كنا نحن لا نزال كما تركنا .. لا حديث ولا كلام .ز كان الظلام قد بدأ يزحف علي الغرفة .. ولا يزال المسؤول رافضا أن يضاء النور !
في هذه الأثناء دخل علينا مشرف الكلية -وهو أستاذ جامعي- وسألنا: أين المسؤول؟ .. رد أحدنا: في طريقه لإحضار الطعام .. قال: وأين النائب؟ .. قال أحدنا: لقد تعارك مع المسـ.. تنبه فجأة إلي أعيننا التي راحت ترمقه بنظرات الإنكار قبل أن يعدل من وضعه يقول: لا أعرف .. اسأل المسؤول!
دخل المسؤول بعدها وليس معه أي طعام !
كان كل ما في يده فرع شجرة ملئية بالأوراق !
وضعه في وسطنا وقال: كلوا ..
تبادلنا الأنظار وقلنا: ناكل إيه؟
قال: اللي قدامكم .. عايزين كباب مثلا؟
قال معظمنا: خلاص .. مش عايزين !
قال: لا .. تكليف أن يأكل كل واحد منكم علي الأقل خمس ورقات من هذه الشجرة!
وفعلنا .. بل لقد أكلنا أكثر حتي كادت الفرع أن ينتهي .. فقد كان الجوع والإرهاق يقتلنا .. وكنا ننتظر اللحظة التي سننام فيها بأي شكل من الأشكال !
دخل علينا بعدها الأخ المسؤول بإبريق كبير من الشاي .. أو ما كنا نظن أنه شايا .. ووضع لكل منا في كوبه مقدارا .. وقال: اشربوا .. بدأنا نشرب فإذا به أغرب وأقسي مشروب شربناه في حياتنا .. عرفنا بعد ذلك أنه كان شايا موضوع علي ماء بارد وبدل السكر تم وضع ملح طعام !
كان بعضنا يسقط من فرط الإرهاق والجوع وقلة النوم والتركيز الشديد طول اليوم .. إلا أن المسؤول طلب أن نتجهز لصلاة القيام !
صلينا القيام .. لا أحد يدري كم صلينا .. ولا ماذا قرأنا .. ثم أذن الفجر ..
كان أذان الفجر بمثابة المخلص بالنسبة لنا .. فقد كان يعني أن المعسكر قد انتهي .. وأننا يمكنا المغادرة الآن !
وفجأة .. اهتز المكان كله علي دقات علي الباب كالمطرقة .. افتح الباب .. فزعنا .. قال المسؤول لا أحد يتحرك .. لا أحد يتنفس .. ظلت الطرقات تدق حتي ملت .. وابتعدت !
قال المسؤول بعدها: استعدوا لكلمة الختام: بدأنا نتجهز نفسيا لمغادرة هذا العذاب .. قال المسؤول بلا مقدمات: إخوانكم في غزة يحتاجون 20 مقاتلا ليقوموا بعملية فدائية في غزة .. وقد تم اختياركم .. وستتحركون خلال أيام .. هل عن أحدكم اعتراض؟ .. لم ينطق أحد .. قأكمل قالا: سبحانك اللهم وبحمدك .. أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك!
جمع كل منا أدواته بلا كلام .. كان كل منا في واد .. من يفكر كيف سيودع أهله .. ومن يفكر كيف سيحارب .. ومن يتخيل شكل الطريق .. الجنود .. الموت !


وفجأة ..
دق جرس الباب ..
دخل الأخ النائب الذي كان قد غادر منذ ساعات مبتسما وفي يده أكياس طعام يفوح منها الرائحة .. تعانق هو والمسؤول عناق المحبين .. والتفتنا لنا .. وضحكا !
لم نكن بعد قد استوعبنا الموقف .. ولم ننتبه إلا والمسؤول يقول: يا إخوة .. إخوانكم في غزة لم يطلبوا أحدا .. كان هذا يوم جهادي .. عليكم أن تعرفوا أن هذا اليوم قادم لا محالة .. سنحارب اليهود يا شباب .. إن عاجلا أو آجلا !
دخل مشرف الكلي وعانق النائب والمسؤول .. قبل أن يقول المسؤول: لم يسألني أحدكم: لماذا طردت النائب رغم أنه لم يتكلم ؟
قلنا : لا نعرف .. قال عليكم أن تعلموا أن القيادة لابد من احترام رأيها .. ففي لحظات الحرب لا يشترط الاقتناع .. وعليكم أن تعرفوا أن السرية في الحرب هي كل شيء .. لا تخبر أحدا بشيء .. حتي لو كان القائد الأعلي .. فقط لا تخبر إلا مسؤولك .. مسؤولك فقط .. والآن قد انتهي المعسكر .. سنأكل وننصرف .. ولكن إياكم أن تحدثوا أحدا بما حصل اليوم .. ولا تتحدثوا أنتم به بينكم .. الأمر كأن لم يكن !
أكلنا الطعام الدسم .. وشربنا المياه الغازية .. وعدنا إلي بيوتنا .. ولم أحك لأحد ما حصل في هذا اليوم حتي يومنا هذا .. ولا حتي أعز أصدقائي .. ولولا الثورة ما حكيته !

ــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــ
كتبه: عمار مطاوع
4-5-2012

gamal amin amin
27-06-2012, 11:42 AM
لأول وهله ظننت انها قصتك واستغربت من التاريخ وعمرك المذكور على الصفحه
وفى نهايه القصه وجدت اسما اخر لصاحب القصه الاصلى
على اى حال بطولات الشعب المصرى لا تتوقف عند الاخوان وانما الاخوان جزء يسير منه
والسؤال المهم الذى يجب ان القيه الى الاخوان بعد الثوره
هل سيتعامل الاخوان بطريقه ما قبل الثوره بطريقه ما بعد الثوره ..وهل سيظل لهم اسرار
ام ترى ان عليهم الاندماج مع كامل الشعب المصرى والتوحد
انا ايدت مرسى لأنه الممثل الوحيد للثوره
وبعد نجاحه سأكون قاسيا فى نقده ان اخطأ...لأن مصر هى الهدف الاسمى من الاخوان والليبراليين وغيرهم
وشكرا

safwa-co
27-06-2012, 01:07 PM
وعن زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من وراءهم ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة
رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي بتقديم وتأخير وروى صدره إلى قوله ليس بفقيه
رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه بزيادة عليهما
(( صحيح ) صحيح الترغيب والترهيب )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم: أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال(رواه مسلم)
كيفية النصيحة للولاة
فعن عياض بن غنم رضي الله عنه قال : قال رسول الله: من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ، وليأخذ بيده, فإن قبل منه فذاك, وإلا كان قد أدى الذي عليه(أخرج الإمام أحمد ورواه ابن أبي عاصم في السنة وصححه الشيخ الألباني)
و عن أسامة بن زيد-رضي الله عنهما- قال : قيل له ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟ فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟! والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه).رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم)
قال النووي رحمه الله موضحا قصد أسامة قوله “أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه” يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ
وَقَالَ عِيَاض : مُرَاد أُسَامَة أَنَّهُ لَا يَفْتَح بَاب الْمُجَاهَرَة بِالنَّكِيرِ عَلَى الْإِمَام لِمَا يَخْشَى مِنْ عَاقِبَة ذَلِكَ ، بَلْ يَتَلَطَّف بِهِ وَيَنْصَحهُ سِرًّا فَذَلِكَ أَجْدَر بِالْقَبُولِ(فتح الباري)

وقال الإمام الألباني
يعني المجاهرة بالانكار على الاْمراء في الملأ لأن في الانكار جهارأ ما يخشى عاقبته، كا اتفق في الانكار عل عثمان جهارأ إذ نشأ عنه قتله.
( مختصر صحيح مسلم تحقيق الألباني)

عن سعيد بن جبير-رحمه الله- قال: قال رجل لابن عباس-رضي الله عنهما-: آمر أميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك, فلا تؤنب الإمام, فإن كنت لا بد فاعلا فيما بينك وبينه.( رواه ابن أبي شيبة)
وعن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ "، قَالَ: قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا؟ قَالَ: " بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا ". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ قَالَ: " وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ، فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلَّا فَدَعْهُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ "(مسند الإمام أحمد بن حنبل )
قال شيخنا أحمد بازمول حفظه الله في كتابه القيم "السنة في ما يتعلق بولي الأمة
صور النصيحة لولي الأمر :
النصيحة لولي الأمر لها أربع صور:
الأولى: نصيحة ولي الأمر فيما بينه وبين الناصح سراً.
والثانية: نصيحة ولي الأمر أمام الناس علانية بحضرته مع إمكان نصحه سراً.
والثالثة: نصيحة ولي الأمر فيما بينه وبين الناصح سراً ثم يخرج من عنده وينشرها بين الناس.
والرابعة: الإنكار على السلطان في غيبته من خلال المجالس والمواعظ والخطب والدروس ونحوها.
هذه أربع صور سنأتي إن شاء الله تعالى على صورة صورة:
الصورة الأولى: النصيحة لولي الأمر فيما بينه وبين الناصح سراً.
النصيحة لولي الأمر سراً أصل من أصول المنهج السلفي الذي خالفه أهل الأهواء والبدع كالخوارج:
إذ الأصل في النصح لولي الأمر الإسرار بالنصيحة وعدم العلن بها ويدل عليه ما أخرجه أحمد في المسند عن عِيَاض قال قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ ".
فقوله (من أراد أن ينصح لسلطان بأمر)) فيه العموم في الناصح والعموم في المنصوح به
وقوله: ((فلا يبد له علانية)) فيه النهي عن النصيحة علانية والنهي يقتضي التحريم وعليه الواجب الإسرار.
قوله: ((ولكن ليأخذ بيده فيخلو به)) فيه بيان الطريقة الشرعية لنصيحة الولاة وهي الإسرار دون العلانية ((فيخلو به)) أي منفرداً كقول أسامة - - رضي الله عنه -: " أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ".
وذلك فيما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قِيلَ لَهُ أَلَا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ ".
ففي هذا الأثر أن النصيحة علانية أمر منكر تنتج عنه الفتنة وأن الإسرار هو الأصل الذي تتم فيه النصيحة دون فتنة أو تهييج للرعية على الراعي لقوله - رضي الله عنه -: " والله لقد كلمته فيما بيني وبينه " وقوله - رضي الله عنه - " دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أوّل من فتحه... ".
قال النووي: " يعني المجاهرة بالإنكار على الأُمراء في الملأ كما جرى لقتلة عثمان - رضي الله عنه - وفيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم، ووعظهم سراً وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه وهذا كله إذا أمكن ذلك، فإن لم يمكن الوعظ سراً والإنكار فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق " (شرح مسلم (18/ 160)) .
قوله: " وهذا كله إذا أمكن ذلك " أي أمكن الناصح السرية في النصيحة للسلطان فهو الواجب عليه لا غيره.
وقوله: " فإن لم يمكن الوعظ سراً والإنكار فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق " أي أنه لا ينكر علناً إلا عند الضرورة الشديدة (وعليه يحمل فعل السلف كقصة أبي سعيد الخدري مع مروان أمير المدينة لمّا قدّم الخطبة على الصلاة. انظر صحيح البخاري (2/ 449 رقم956 فتح) ك العيدين ب الخروج إلى المصلى بغير منبر)
ولذلك أنكر عياض -رضي الله عنه- على هشام - - رضي الله عنه - إنكاره عليه علانية بدون ضرورة فما كان من هشام - - رضي الله عنه - إلا التسليم والله أعلم.
وقال الشيخ ابن باز معلقاً على أثر أسامة - رضي الله عنه -:" لما فتحوا الشر في زمن عثمان - رضي الله عنه - وأنكروا على عثمان - رضي الله عنه - جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية وقتل عثمان وعلى بأسباب ذلك وقتل جم كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً حتى أبغض الناس ولي أمرهم وحتى قتلوه نسأل الله العافية " (المعلوم23 والمعاملة 44) .
وأخرج أحمد في المسند عن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ أنه قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى فقُلْتُ له: إِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَفْعَلُ بِهِمْ قَالَ فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وَإِلَّا فَدَعْهُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ ".
فتأملوا كيف أن الصحابي الجليل ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - منعه من الكلام في السلطان وأمره بنصيحته سراً دون العلانية.
قال ابن النحاس رحمه الله: " يختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد " (تنبيه الغافلين 64) .
وقال الشوكاني:" ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولايظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله " (السيل (4/ 556)) .
وقال أئمة الدعوة:" ما يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق واتباع ما عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس " (نصيحة مهمة 30) .
وقال العلامة السعدي رحمه الله:" على من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام " (الرياض الناضرة 50.) .
وقال الشيخ ابن باز:" الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم " (المعلوم 22.) .