المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نجاح الإنسان في ترويض الحشرات بعد فك طلاسمها وفهم لغتها براغيث تلعب بالبالونات. وذبابة تستعرض بالك



ايمن رجب
10-05-2012, 02:42 PM
http://f.zira3a.net/admin/files/12666978.jpg





هل يمكن ترويض الحشرات? سؤال أثارته حادثتان طريفتان: الأولى وقعت في الصين وهي قصة كانت مثار اهتمام رواد شبكة الانترنت حيث كانوا يتداولون مقطعا مرئيا ومسموعا لشخصين يروضان ذبابة ويوجهان حركتها بأيديهما بل كانا يجعلانها تتراقص وتتمايل في اتجاه حركة أصابعهما, وكان الأمر الأكثر اثارة وغرابة استجابة تلك الذبابة لأوامر مروضيها بحمل كرة صغيرة لونها أخضر على جسمها الأسود الصغير!! وكانت تقلبها بأرجلها واجنحتها كما لو كانت تشارك في مباراة كرة قدم في لفتة شيقة ومذهلة, ولم يتوقف المروض عند حادثة الذبابة, هذا ما تؤكده الحادثة الثانية لمروض أميركي يدعى "جاك" الذي قام بترويض البراغيث ومخاطبتها لتقوم بحركات بهلوانية امام مرأى ومسمع من الناس وتحت الأضواء الساطعة وذلك داخل مربع زجاجي شفاف ابتكره واطلق عليه لقب "مسرح البراغيث" وقدمت البراغيث داخل هذا المربع الشفاف عروضاً مذهلة شاهدها عدد كبير من المتفرجين الذين حرصوا على مشاهدة "جاك" وهو يروض براغيثه ويكلمها حتى تمتثل لأوامره وتحرك بالونات صغيرة جداً وتتقاذفها فيما بينها وكأنها تلعب ببالونات العيد..وهل بعد نجاح الانسان في ترويض الوحوش الكاسرة واستئناس الحيوانات المفترسة استطاع ايضا ان ينجح في ترويض الحشرات وهل هناك بالفعل من توصل الى فك طلاسم وشفرات لغة الحشرات?أول الكائنات في البداية يقول الدكتور عاطف عبد الرازق ¯ أستاذ علم الحشرات بالمركز القومي للبحوث ¯ اذا كان البشر يتواصلون مع بعضهم بعضاً بالكلام عن طريق اللسان واصدار الأصوات فان الحشرات سبقت البشر في هذه الخاصية من حيث القدرة على التخاطب والتواصل فيما بينها من خلال لغة خاصة بكل نوع منها, وهي لغة تختلف عناصرها ما بين الأصوات والحركات والروائح, وكلها أدوات للغة الحشرات, بل هي أول الكائنات التي عرفت اللغات واستطاعت أن تحتال على بعض الظروف من خلال تكييف جهازها الصوتي حسب كل ظرف مثل فراشات "العتة" الأميركية التي لها قدرة فائقة على سماع الأصوات التي يعجز البشر عن تمييزها, وقد استغلت تلك الحشرة هذه القدرة في الهروب من الأعداء الذين يصدرون أصواتاً لها ذبذبات خاصة كالخفاش الذي يفشل في اصطيادها بسبب هذه القدرة, كما أن هناك حشرات لها أصوات مزعجة ومرتفعة جداً مثل "الزيزان" التي يصل مقياس صوتها لمستوى مرتفع جداً, والطريف أن هناك حشرات تقوم بحركات بواسطة جسمها لتوليد أصوات لها مغزى فيما بينها, "فالجنادب" على سبيل المثال تقوم بحف قدميها معاً لتصدر الأصوات, وقد تصدر الحشرات الأصوات من خلال جهاز موجود في مؤخرتها, وقد أثارت تلك الظواهر علماء الحشرات والصوتيات لمعرفة أسرار لغة الحشرات بل والتفكير في ترويضها بالتعرف على معاني مفردات تلك اللغة وفك رموزها فقاموا بتطوير تقنيات خاصة لتسجيل أصوات الحشرات على اجهزة تلتقطها ثم تقوم بتحليلها وتحويلها لرسوم بيانية حتى يتسنى لهم التمييز بين ذبذبات الأصوات المختلفة والتعامل مع كل صوت على حدة وهو علم لا يزال العمل مستمراً فيه وليس الهدف منه مجرد معرفة أسرار لغة الحشرات وانما الاستعانة بتلك اللغة, في اجراء تطبيقات خاصة مفيدة للبشرية وبالفعل قد أمكن في العالم الغربي مثلاً التوصل لبعض مفردات لغة النحل وتسخير ذلك في تحقيق أهداف اقتصادية خاصة بنوعية العسل المراد انتاجه حيث أمكن للعلماء توجيه أفعال طيران النحل من خلال أساليب علمية معينة تساعدهم على دفع النحل نحو أنواع نبات معينة حسب نوع العسل المراد الحصول عليه وهكذا.لغة النمل ويرى الدكتور عبد الجليل غزالة ¯ المتخصص في علوم الحشرات ¯ أنه توجد لغة خاصة بالحشرات بل خاصة بكل نوع من الحشرات على حدة, ومن أكثر الحشرات عجبا في هذا الصدد النملة, والتي وردت بشأنها آيات قرآنية كشفت عن حوارات بين ذلك المخلوق الضعيف وبين النبي سليمان عليه السلام وقصتها شهيرة معه وبين زملائها من النمل الذين حذرتهم من جنود سليمان وهو أكبر دليل على أن للنملة لغة.. ويعتبر عالم النمل هو النموذج للحوار الطريف في عالم الحشرات, حيث يعتمد على عنصر الرائحة كمفردة لغوية تحتوي على مواد كيماوية تسمى "الفورمونات" وهي مواد لها رائحة خاصة لا يميزها سوى أفراد نفس النوع من الحشرة يستخدمونها فيما بينهم لتيسير التعرف على أعضائهم أو على الأعداء الغرباء من الخارج, كما أن هناك مفردات أخرى تلجأ اليها الحشرات في التحاور والتخاطب فيما بينها, فهناك حشرات تتبادل رسائل هوائية سريعة تترجمها شفرة معينة خاصة بالحشرة, وقد أثارت تلك الشفرات والمواد الكيماوية اهتمام العلماء وفضولهم لاختراق هذا العالم ومحاولة قراءة لغتهم, وكان المتصور أن الأمر سهل, لكنهم وجدوا ان المسألة معقدة جداً, حيث يتحكم فيها عدد لا نهائي من الأحماض والمركبات الكيميائية التي تحتاج لعشرات من اجهزة الكمبيوتر حتى يمكن فك طلاسمها لأنها ترتبط معاً وفق معادلات حسابية معقدة ليس من السهل فك تفاصيلها. لا يمكن ترويضها ويقول الدكتور عبد الوهاب عبد المقصود ¯ أستاذ علم الحشرات بعلوم أسيوط ¯ اذا كان الانسان استطاع أن يصل لكثير من الاكتشافات ويحقق معجزات علمية في كثير من الانجازات المذهلة وتوصل لأدق أسرار الكون, الا أن هذا الانسان حتى الآن مازال عاجزاً عن التعرف على تفاصيل وأسرار الحوار الدائر بين أفراد هذا العالم الغريب الذي يدل على عظمة الخالق ¯ جل شأنه ¯ عالم الحشرات رغم ترويض الوحوش الكاسرة والحيوانات المفترسة في السيرك وغيره من الأماكن, الا ان الوقت لا يزال مبكراً لترويض ذلك الكائن الضعيف "الحشرة" لأن هناك أسراراً كثيرة لم تكتشف بعد وتحتاج لجهود كبيرة جداً تستعصي على فريق علمي واحد, بل تحتاج لتضافر جهود دولية من اجل معرفة التفاصيل الدقيقة الخاصة بأجهزة الاتصال والحواس داخل أجساد الحشرات.صراصير ودبابير وتعلق الباحثة منال حسين على اهمية اللغة بالنسبة للحشرات بقولها: الحشرات من الكائنات التي تعيش في مجتمعات تحتاج الى لغة للتواصل والحوار فيما بينها, فكل جماعة وكل نوع من الحشرات يعيش في مملكة خاصة به لها لغاتها الخاصة..وبعضها يعتمد على الرقص أو الاهتزاز كما يحدث في مملكة النحل, وبعضها يعتمد على اصدار الأصوات المزعجة كما تفعل الدبابير والتي تعتمد ايضاً على الحركة, وهناك حشرات مثل الصراصير تقوم باصدار صرير تتغير قوة ذبذبته من حيث التردد والطول الموجي وفق الغايات التي تقتضيها مواقف بعينها, وبعض هذه الحشرات لها سلوكيات غريبة مثل صرصور "الهسهس" الذي يصدر صوته بضغط داخل فتحته التنفسية محدثاً الهسهسة, ومعظم الحشرات لها قدرة على اصدار الأصوات وتلقيها بالسمع من خلال قدرتها على التقاط ذبذبتها التي يحملها الهواء, كما ان الله سبحانه وتعالى خص أنواعاً من الحشرات بقدرة أكبر على اصدار أصوات أكثر ارتفاعاً تتغلب بها على صعوبة انتقال الصوت في تلك البيئات النباتية الكثيفة حتى تستطيع التواصل مع بعضها بعضاً عبر المسافات البعيدة.وتضيف: هناك وسائل أخرى تستخدمها الحشرات في التحاور فيما بينها كالروائح حيث يصدر بعضهم روائح قد تكون نفاذة أو كريهة سواء للتعارف أو للتحذير أو لطرد عدو غريب, لكن من الصعب ان نتخيل ما يروجه البعض على الانترنت وخلافه من امكانية التحدث مع الحشرات فهذا أمر لا يمكن تصديقه فما يحدث هو كشف أسرار علمية خاصة بخلايا وأعضاء تلك الرتبة من الكائنات الحية وبالتالي وضع أسلوب علمي للسيطرة عليها للاستعانة بها في حياتنا وهو ما أفادنا عملياً في بعض التطبيقات مثل تصنيع مبيدات حشرية للقضاء على الضار منها أو استغلال النافع فيها باستخراج عقاقير وفاكسينات طبية وأعتقد أن هذا هو المفيد في الموضوع, أما الجري وراء التقاليع الخاصة بترويض الحشرات واللعب معها وخلافه فهو أمر غير مفيد وهو مضيعة للوقت لا يجب أن ننساق وراءها لأن هناك ما هو أهم من ذلك.


اغلق النافذة (javascript:self.close())