المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابناؤنا والصداقات السلبية !



رحيق الشام
12-01-2011, 05:45 PM
أبناؤنا.. والصداقات السلبية!

/ إيمان عزمي




ما من أحد منا إلا ويريد أن يتحلى أبناؤه بالقيم الأخلاقية والدينية وأن يكونوا أقوياء قادرين على صنع مستقبلهم وأن يكونوا نبتة صالحة يجني الآباء ثمارها في خريف العمر ولهذا يخشى الآباء على أبنائهم من أي تدخل خارجي قد يغير من سلوكياتهم أو أخلاقياتهم ويؤثر بالسلب على مستقبلهم كأصدقاء السوء ولهذا نجد في الغالب هناك نقطة خلاف بين الآباء والأبناء حول عملية اختيار الأصدقاء حيث يخاف الآباء من إنجراف الأبناء إلى طريق الفساد أو الإدمان أو الانحراف بسبب بعض الصداقات الفاسدة بينما على صعيد آخر نجد الأبناء قد يتشبثون عناداً بأصدقائهم رافضين أي تدخل من جانب الآباء فى اختياراتهم فيزداد قلق الآباء وخوفهم من تأثير هؤلاء الأصدقاء على حياة أبنائهم بالسلب ومن هنا بدأ حواري مع الآباء والأبناء لنصل لحل هذه المشكلة.

الصاحب ساحب

ونستهل حوارنا فى البداية مع السيدة منال محمود وهي أم لفتى مراهق عمره 18 سنة اسمه كريم فتقول توفي والد كريم منذ 7 سنوات وحاولت خلالها أن أكون الأم والأب والصديق وكل شيء في حياة ابني وأنا أعلم جيداً أن مرحلة المراهقة من أصعب المراحل في حياة الأبناء وهي تحتاج إلى معاملة خاصة وحرص شديد وحكمة في التعامل بين الآباء والأبناء حتى لا تتصدع العلاقة بينهم. وكان كريم والحمد لله لا يخفي عني أي شيء في حياته وكان دائماً يحدثني عن صداقاته وكنت أنا أقرب صديق له إلى أن لاحظت بعض التغيرات في شخصية كريم، في البداية لم أهتم كثيراً ولكن بدأ كريم يخرج كثيراً على غير عادته ويتأخر لأسباب غير مقنعة ثم تغيرت بعض سلوكياته فأصبح عصبيا وسريع الانفعال وتدهورت صحته ولاحظت أنه فاقد لشهيته وأصبح شاحب الوجه ومن هنا بدأ القلق بل الرعب يتسرب إلى نفسي واكتشفت بعد ذلك أنه تعرف على صديق جديد جرفه معه إلى طريق المخدرات فأصابني هلع رهيب وكاد قلبي أن يتوقف من شدة الألم والحزن على ابني وحيدي ثم تمالكت نفسي وصارحته فانهار وقال لي: إنها كانت مجرد تجربة ثم انزلقت في طريق الإدمان ولم أستطع التوقف ولكن صديقا لي نصحني بالذهاب إلى المصحات المخصصة لعلاج الإدمان فوقفت بجانب ابني وذهبنا معاً للطبيب وكان على وجهه علامات الصلاح والتدين فتحدث مع كريم بلسان الطبيب والأب فى آن واحد ووضح له أن المخدرات تصيب الإنسان بالأمراض العصبية والمعدية وتؤثر على الذاكرة وتفقد الشهية إلى الطعام وتسبب سوء التغذية والهزال والضعف **** وتؤدي إلى تصلب الشرايين وهي تدفعه إلى إنفاق المال بلا حساب في شيء يتلف المال ويخرب البيوت والمدمن أيضاً يعتاد على عادات قبيحة كالكذب والاستهانة بالقيم الأخلاقية والجبن وعدم الالتزام بالواجب فما رأيك ؟؟ فبكى بشدة وقال ساعدوني لأتخلص من هذا الكابوس وأعود وأسترد احترامي لنفسي من جديد وفور عودتنا للبيت ذكرته أن أول خطوة في طريق العلاج هي قطع علاقته بهذا الصديق الذي لا يقيم للأخلاق الفاضلة وزناً ولا للإسلام حرمة وعليه التمسك بصديقه الذي وقف بجواره ونصحه بالعلاج والحمد لله خرج كريم من المصحة واسترد صحته بعد رحلة العلاج وعدنا صديقين من جديد.

التخبط فى حياة الأبناء
أما هند فتاة تبلغ من العمر 20 سنة وطالبة في الجامعة تقول سوف أفتح لكم قلبى لعل قصتى تكون عبرة لأبناء جيلي ولكن في البداية أناشد الآباء في كل مكان أن يتقربوا من أبنائهم ويتعاطفوا معهم ويحترموا مشاعرهم ويتوقفوا عن الاستهانة بهم والتحقير من شأنهم وأن يكون هناك لغة حوار بينهم وديمقراطية، نعم فأنا أفتقد كل هذا مع عائلتي ودائماً هناك مشاكل بيني وبينهم بسبب صداقاتي وطريقة إدارتي لحياتي وتصرفاتى ولهذا أنا متخبطة وفقدت الثقة بنفسي وبهم وأصبحت منقادة لصديقاتي وبصراحة كنت أقوم ببعض السلوكيات الخاطئة كترك الجامعة أثناء المحاضرات والخروج للتسكع مع الصديقات وشرب الشيشة فى المولات وعمل صداقات على النت مع الجنس الآخر دون علم عائلتي وكنت أشعر أنني أنتقم لنفسي منهم بفعل هذه التصرفات دون علمهم ولكن كنت دائماً غير راضية عن نفسي إلى أن جاء يوم وطلب مني أحد الشباب ممن كنت أتحدث معهم على النت أن أقابله وأمارس الجنس معه لأن هذا هو الحل الوحيد الذي سيخرجني من همومي وكان طلبه هذا كالصاعقة وأغلقت النت وانهمرت في البكاء وكرهت نفسي وكرهت صديقاتي وكرهت عائلتي وكرهت العالم كله من حولي واحتقرت نفسي لما وصلت له وندمت على كل ما فعلت وتمنيت لو كانت هناك صداقة بيني وبين عائلتي لكنت ارتميت في حضن أمي أو أبي وشكوت لهم حالي دون خوف أو تردد ولكن للأسف خط الحوار مقطوع بيننا ورغم أنني قطعت كل علاقاتي السيئة وانتظمت في كليتي إلا أنني مازلت مكتئبة ومتخبطة وأخاف من العالم الخارجي وأفتقد الصداقة العائلية في حياتي.

غياب الحدود والضوابط هو الخطوة الأولى فى طريق الفساد
ويشكو السيد حامد موظف من ابنه هشام 19 سنة فيقول أصدقاء هشام مجموعة من الفاشلين الذين أفسدهم تدليل أسرهم لهم وأن ابنه اكتسب كثيراً من العادات السيئة كالتدخين وربما أشياء أخرى سيئة لم تصل إلى علمه بعد نتيجة لاحتكاكه بهم وحاولت منعه عنهم ولكن فوجئت أن ابني لم يقطع علاقته بهم نهائياً مما جعلني أشعر بفقد سيطرتي على هشام الذي أصبح لا يسمع كثيراً من نصائحي له ويختم حديثه بدموعه المنهمرة طالباً مني أن أوجه كلمة للآباء الذين يفرطون فى تدليل الأبناء وأفسادهم بهذا التدليل وتركهم دون ضوابط أو حدود .

التعامل مع المراهقين بالوازع الدينى والديمقراطية والحوار
تحدثنا الدكتورة نادية السباعى الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية فتقول: مع بداية مرحلة المراهقة يميل الأبناء إلى الاستقلال بأفكارهم واختياراتهم وسلوكياتهم وصداقاتهم وقد يجنح سلوك الأبناء إلى العناد والتحدي كنوع من إثبات الذات وهنا يأتي دور الحوار مع المراهقين ومنحهم الحق فى التعبير عن أنفسهم وهنا أيضاً تظهر القيم الدينية والأخلاقية التي غرسها الآباء فى الأبناء أثناء مرحلة الطفولة ويلعب الوازع الديني دوراً هاماً في استقرار المراهقين ويجب على الأبوين أن يتفهما التغيرات الفسيولوجية والنفسية التي يمر بها الأبناء فى هذه المرحلة ولا يقوموا بفرض السيطرة على الأبناء في اختيار صداقاتهم لأن ذلك سيؤدي لمزيد من التوتر والرفض لنصائح الوالدين، ورغم أننا لا ننصح الآباء بالقسوة والعنف مع أبنائهم لإبعادهم عن أصدقائهم ولكن عليهم أن يلاحظوا سلوكيات وتصرفات الأبناء وكذلك الأصدقاء وفى حال اكتشاف أي سلوكيات غير مقبولة فينبغي التدخل ولكن بالحوار والإقناع حتى يقلع الأبناء عن مخالطة هؤلاء الأصدقاء.

الصداقة في ظل الإسلام
وعن الصداقة في الإسلام يحدثنا الدكتور عبد المنعم أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة فيقول اهتم الإسلام بالصداقة لما لها من تأثير على حياة الفرد والجماعة فإذا كانت هذه العلاقة قائمة على البر والتقوى والخير يبارك الله فيها وإن كانت غير ذلك يحذرنا منها الله في كتابه الكريم فيقول عز وجل (( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين . يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون)) الزخرف 67 _68 وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالدقة في اختيار الصاحب حيث قال عليه السلام "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" فالصديق إما قرين خير يعينك على الحق و رضا الله فهذا يجب التمسك به وإما قرين سوء يحرض على الفساد وهذا يجب أن نتجنبه.

بالحب والتفاهم والحوار وغرس القيم الدينية نصل بأبنائنا إلى بر الأمان
يجب على الأباء والأمهات أن يعلموا أنهم سيأخذون بالحب والتفاهم والحوار مالا يستطيعون الوصول إليه بالقسوة والعنف والشدة والأوامر وأننا نجني الكره والفشل والضياع والعناد فى نيل ما نريد منهم عندما نستخدم العنف والتعنت والإجبار والاستخفاف بمشاعرهم ورغباتهم، فيجب عليكم مصادقة أبنائكم منذ نعومة أظافرهم ليكتسبوا ما ينمي شخصيتهم من علم نافع وأدب وأخلاق حميدة فلا يصح أن نترك أبناءنا مهملين دون أن نعرف طبيعة الأصدقاء الذين يزورونهم ونوعية الكتب التى يقتنونها ومعلوماتهم من أين يحصلون عليها ويجب أن نحرص على أدائهم للشعائر الدينية وملاحظتهم وعدم الغفلة عنهم وفى حال اكتشاف بعض السلوكيات السلبية يجب ضبط النفس والتعامل مع الأبناء بحكمة وحلم. وراقبوا الله في أولادكم وأدوا ما عليكم من واجب وابذلوا ما استطعتم من جهد فسوف ترون أولادكم رياحين فى البيوت وبدوراً فى المجتمع لها نور وضياء يسعد قلوبكم