المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحلقة الثانية من سلسلة الجودة وسلامة الغذاء وحماية المستهلك



المهندس الجميلي
27-08-2010, 12:48 PM
ربما يحدث خلط بين عبارتي سلامة الأغذية وجودة الأغذية. فالمقصود بسلامة الأغذية الإشارة إلى جميع مصادر الأخطار التي قد تكون مزمنة أو حادة والتي قد تجعل الأغذية مضرة بصحة المستهلكين. وسلامة الأغذية أمر لا يقبل التفاوض بشأنه. وأما جودة الأغذية فتعني جميع الصفات الأخرى التي تؤثر في تقييم المستهلكين للمنتجات ومن هذه الصفات صفات سلبية مثل التلف، أو التلوث بأي أوساخ، أو تغير . اللون، أو وجود رائحة، كما تشمل صفات إيجابية مثل المنشأ، واللون، والطعم، والرائحة، والقوام، وطريقة تجهيز الأغذية. ولهذا التمييز بين سلامة الأغذية وجودة الأغذية انعكاسات على السياسة العامة كما أنه يؤثر على طبيعة نظام الرقابة الغذائية ومحتوى هذا النظام حتى يكون أنسب لبلوغ الأهداف الوطنية المرسومة. أما الرقابة على الأغذية فتعريفها أنها نشاط تنظيمي إلزامي تتولى تنفيذه السلطات الوطنية أو المحلية لتوفير الحماية للمستهلكين والتأكد من أن جميع الأغذية ستكون مأمونة ومغذية وصالحة للاستهلاك البشري، أثناء مراحل الإنتاج والتداول والتخزين والتجهيز والتوزيع، وأن تتفق مع اشتراطات السلامة والجودة، وأن تكون موسومة بطريقة صادقة ودقيقة على النحو المنصوص عليه في القانون. وأهم مسؤولية في الرقابة على الأغذية هي تنفيذه قوانين الأغذية التي تحمي المستهلكين من الأغذية غير المأمونة أو غير النقية أو المغشوشة، وذلك بحظر بيع الأغذية التي لا تكون طبيعتها أو مادتها أو جودتها من النوع الذي يطلبه المشتري.
أما حماية المستهلكين فهي نوع من التنظيم الحكومي والأهلي العامل على حماية مصالح المستهلكين، فمثلاً قد تطلب الحكومة من قطاع الأعمال أن يكشف معلومات مفصلة عن المنتجات ، وخصوصاً تلك المتعلقة بقضايا السلامة ، أو الصحة العامة ، كمنتجات الغذاء. أو هي خدمة توفرها الحكومة أو المجتمع المدني بجمعياته المختلفة ذات الاختصاص لحماية المستهلك من الغش التجاري أو استغلاله بصورة غير مشروعة أو سوء تقديم خدمة ما عن طريق الاحتكار أو الإذعان لظرف ما. وترتبط حماية المستهلك بفكرة حقوق المستهلك (أي أن المستهلكين يملكون حقوقاً متعددة باعتبارهم مستهلكين). كما ترتبط بتشكيل منظمات المستهلكين التي تساعد المستهلك على اتخاذ الخيارات الأفضل في الأسواق . ويمكن حماية مصالح المستهلك عبر تشجيع التنافس في الأسواق والذي يخدم المستهلك مباشرة وغير مباشرة ، ويتفق مع الفعالية الاقتصادية الجيدة. و النُظم الفعالة للرقابة على الأغذية في مختلف الدول هي أمر ضروري لحماية صحة المستهلكين وضمان سلامتهم. وهذه النُظم أيضاً حاسمة في تمكين البلد من ضمان سلامة وجودة الأغذية وضمان اتفاق الأغذية المستوردة مع الاشتراطات الوطنية. وتفرض بيئة تجارة المنتجات الغذائية العالمية في الوقت الحاضر التزامات كبيرة على كل من البلدان المستوردة والمصدرة حتى تُعزز نُظم الرقابة على الأغذية لديها وحتى تُطبق وتُنفذ استراتيجيات للرقابة على الأغذية استناداً إلى تقييم الأخطار. وأدت عولمة سلسلة توريد الأغذية، وتزايد أهمية هيئة الدستور الغذائي، والالتزامات الناشئة عن اتفاقات منظمة التجارة العالمية إلى اهتمام لم يسبق لـه مثيل بوضع مواصفات ولوائح غذائية، وبتقوية البنية الأساسية للرقابة على الأغذية.
ومن التحديات التي تواجه سلطات الرقابة على الأغذية:
•زيادة عبء الأمراض التي تنقلها الأغذية ومصادر الأخطار الجديدة والناشئة المنقولة بواسطة الأغذية؛
•سرعة تغيّر تقانات إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها؛
•وضع نُظم للرقابة الغذائية تكون مستندة إلى العلم وتُركّز على حماية المستهلكين؛
•التجارة العالمية في الأغذية وضرورة تنسيق مواصفات سلامة الأغذية وجودتها؛
•تغير أنماط العيش بما في ذلك سرعة توسع المدن؛
•تزايد وعي المستهلكين بقضايا سلامة الأغذية وجودتها وتزايد الطلب على المعلومات الجيدة.
والثقة في سلامة الأغذية والاطمئنان إليها مطلب مهم في نظر المستهلكين. ومن شأن ظهور أمراض منقولة بالأغذية أن يزيد من قلق الجمهور من أن نُظم الزراعة الحديثة ونُظم التجهيز والتسويق العصرية لا توفر الضمانات الكافية للصحة العامة. ومن العوامل التي تساهم في ظهور مصادر خطر في الأغذية عدم سلامة الممارسات الزراعية؛ نقص النظافة العامة في جميع مراحل السلسلة الغذائية؛ عدم وجود رقابة وقائية على عمليات التجهيز والإعداد؛ إساءة استخدام الكيميائيات؛ تلوث الخامات أو بقية العناصر أو المياه؛ عدم كفاية التخزين أو عدم سلامته وغير ذلك. وكانت نواحي القلق من الأخطار الغذائية تتركز بصفة خاصة على ما يلي:
•الأخطار الميكروبيولوجية
•مخلفات المبيدات؛
•إساءة استخدام الإضافات الغذائية؛
•الملوثات الكيميائية، بما في ذلك التوكسينات البيولوجية؛
•الغش.
وقد توسعت هذه القائمة بعد ذلك لتشمل الكائنات المحورة وراثياً، ومسببات الحساسية، ومخلفات العقاقير البيطرية، و هرمونات تنشيط النمو التي تُستخدم في إنتاج المنتجات الحيوانية.
والمستهلكون يتوقعون أن تكون هناك حماية ضد الأخطار طوال مراحل السلسلة الغذائية ابتداءً من المنتجين حتى المستهلكين (التي يُشار إليها غالباً بأنها سلسلة من المزرعة إلى المائدة) ولن تتحقق الحماية إلا إذا كانت جميع قطاعات السلسلة تعمل بطريقة متكاملة وكانت نُظم الرقابة على الأغذية تتناول جميع مراحل تلك السلسلة. ونظراً لأن أي نشاط إلزامي من هذا النوع لن يستطيع أن يبلغ جميع الأهداف دون تعاون ومشاركة كاملة من جميع أصحاب المصلحة مثل المزارعين وجهات الصناعة والمستهلكين. وعلى ذلك فإن نظام الرقابة الغذائية الأمثل يجب أن يشمل التنفيذ الفعال للاشتراطات الإلزامية، إلى جانب التدريب والتثقيف، وبرامج الوصول إلى المجتمعات المحلية وتنشيط الامتثال الطوعي للنُظم. وقد أدى إدخال الأساليب الوقائية مثل نظام تحليل مصادر الخطر في نقاط الرقابة الحرجة (HACCP) إلى تحميل النشاط الصناعي مزيداً من المسؤولية عن الأخطار الغذائية ومزيداً من الرقابة عليها. وهذا الأسلوب المتكامل يُسهل تحسين حماية المستهلكين ويُنشط الزراعة وصناعات تجهيز الأغذية تنشيطا فعالاً، ويُنشط تجارة الأغذية على المستويين المحلي والوطني. ومن المحال توفير حماية كافية للمستهلكين بمجرد أخذ العينات من المنتجات النهائية وتحليلها. فإدخال التدابير الوقائية في جميع مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع، بدلاً من الاكتفاء بالتفتيش ورفض المنتجات في المرحلة النهائية، هو الذي يُحقق الفائدة الاقتصادية لأن المنتجات غير السليمة يمكن التعرف عليها منذ بداية السلسلة الغذائية.والاستراتيجية الاقتصادية والفعالة هي تكليف منتجي الأغذية ومختلف العاملين في السلسلة بالمسؤولية الأولى عن السلامة والجودة. ويكون المنظمون الحكوميون مسؤولين إذن عن التدقيق في أداء السلسلة الغذائية من خلال أعمال الرصد والإشراف، كما يكونون مسؤولين عن إنفاذ الاشتراطات القانونية والتنظيمية.
و قد أظهرت بعض الدراسات التي أجريت في الدول النامية أن نحو 20 أو 25 % من إنفاق الأسرة على الأغذية يحدث خارج المنزل، وأن بعض قطاعات السكان تعتمد اعتماداً كاملاً على أغذية الشوارع. وقد جاء ذلك نتيجة لسرعة نمو المدن وعدم توافر مطبخ أو تسهيلات الطبخ لملايين من الناس. وهناك ملايين من العاملين الذين لا يعيشون في أسرة، كما أن هناك نسبة كبيرة من السكان تتنقل إلى المدن وخارجها من أجل العمل، وهؤلاء جميعاً يعتمدون اعتماداً كبيراً على أغذية الشوارع في طعامهم اليومي. وفي كثير من البلدان النامية يكون باعة هذه الأغذية عنصراً مهما من مكونات سلسلة عرض الأغذية. ونظراً لأن أغذية الشوارع تكون أسعارها معقولة وتكون متوافرة بسهولة فإنها تلبي حاجة حيوية لدى سكان المدن. وهذه المأكولات والمشروبات تكون جاهزة للأكل من إعداد بائعين أو متجولين يعدونها ويبيعونها أساساً في الشوارع أو في أي أماكن عامة أخرى يسهل الوصول إليها، مثل الأماكن القريبة من أماكن العمل أو المدارس أو المستشفيات أو محطات السكك الحديدية ومحطات الحافلات. و تثير أغذية الشوارع قلقاً كبيراً لأن سلامتها وإعدادها وبيعها يجري بصفة عامة في ظروف غير صحية، حيث لا تتوافر المياه النظيفة ولا الخدمات الصحية ولا تسهيلات التخلص من النفايات. وعلى ذلك فإن أغذية الشوارع تُثير أخطار تسمم كبيرة بسبب التلوث بالميكروبات وبسبب استخدام الإضافات الغذائية استخداماً غير سليم وبسبب الغش والتلوث البيئي.


منقول عن موضوع د/ مجدي محمد إسماعيل مركز البحوث الزراعية – مصر