نيرمين
19-12-2009, 09:34 PM
الجمال:
سأل أحد الشعراء عن الجمال قائلا :هات لنا شيئا عن الجمال
فأجابه أحد الحكماء قائلاً:
أين تفتش عن الجمال وكيف تقدر أن تهتدي إليه ما لم يكن هو نفسه طريقا لك ودليلاً:
وكيف تستطيع أن تتحدث عن الجمال ما لم ينسج ثوبا لائقا بخطابك ؟
فالحزين المتألم يقول: " الجمال رقة ولطف ، وهو يمشي بيننا كالأم الفتية الحيية من جلالها "
والغضوب يقول:" كلا ، بل الجمال قوة وبطش ، فهو كالعاصفة يهز الأرض تحت أقدامنا والسماء فوق رؤوسنا".
والتعب الملول يقول :" إن الجمال لطيف المناجاة يتكلم في أرواحنا ويتموج صوته في سكون أذهاننا كما يرتعش النور الضئيل خوفا من الظل الظليل ."
غير أن القلق المضطرب يقول : " قد سمعنا الجمال يصيح بأعلى صوته بين الجبال ، يرافق صوته وقع الحوافر ، وخفقان الأجنحة وزمجرة الأسود".
وعند انتصاف الليل يقول حارس المدينة :" سيبزغ الجمال مع الفجر من المشرق"..
وعند الظهيرة يقول العمال وعابروا السبيل :" قد رأينا الجمال يطل على الأرض من نوافذ المغرب".
وفي الشتاء:"سيأتي الجمال مع الربيع وهو يقفز على التلال ."
وفي الصيف يقول الحصادون :" قد رأينا الجمال يرقص مع أوراق الخريف ، وشاهدنا كومة من الثلج على رأسه".
كل هذا سمعتكم تقولونه في الجمال.
غير أنكم في الحقيقة لم تقولوا فيه كلمة ، وإنما تحدثتم بحاجاتكم غير المكملة ، والجمال ليس بالحاجة غير المكملة بل هو انشغاف وافتتان.
أجل ، وليس الجمال فماً متعطشاً أو يداً ممدودة ،
بل هو قلب متلهب ، ونفس مفتونة مسحورة.
وليس بالصورة التي ترغبون في رؤيتها أو الأنشودة التي ترجون سماعها ،
بل هو صورة تبصرونها ولو أغمضتم أعينكم ، وأنشودة تسمعونها ولو أغلقتم أذانكم وليس بالعصارة الجارية في عروق الأشجار ولا بالجناح المتعلق في المخالب بل هو بستان تزينه الأزهار إلى الأبد ، وجوقة من الملائكة ترفرف بأجنحتها إلى منتهى الدهور.
نعم إن الجمال هو الحياة بعينها سافرة عن وجهها الطاهر النقي.
ولكن أنتم الحياة وأنتم الحجاب .
والجمال هو الأبدية تنظر إلى ذاتها في مرآة .
ولكن أنتم الأبدية وانتم المرآة .
قصة قصيرة لجبران خليل جبران .
وأنتم أخوتي أخواتي ما هو الجمال برأيكم أنتظر ردكم بفارغ الصبر.
سأل أحد الشعراء عن الجمال قائلا :هات لنا شيئا عن الجمال
فأجابه أحد الحكماء قائلاً:
أين تفتش عن الجمال وكيف تقدر أن تهتدي إليه ما لم يكن هو نفسه طريقا لك ودليلاً:
وكيف تستطيع أن تتحدث عن الجمال ما لم ينسج ثوبا لائقا بخطابك ؟
فالحزين المتألم يقول: " الجمال رقة ولطف ، وهو يمشي بيننا كالأم الفتية الحيية من جلالها "
والغضوب يقول:" كلا ، بل الجمال قوة وبطش ، فهو كالعاصفة يهز الأرض تحت أقدامنا والسماء فوق رؤوسنا".
والتعب الملول يقول :" إن الجمال لطيف المناجاة يتكلم في أرواحنا ويتموج صوته في سكون أذهاننا كما يرتعش النور الضئيل خوفا من الظل الظليل ."
غير أن القلق المضطرب يقول : " قد سمعنا الجمال يصيح بأعلى صوته بين الجبال ، يرافق صوته وقع الحوافر ، وخفقان الأجنحة وزمجرة الأسود".
وعند انتصاف الليل يقول حارس المدينة :" سيبزغ الجمال مع الفجر من المشرق"..
وعند الظهيرة يقول العمال وعابروا السبيل :" قد رأينا الجمال يطل على الأرض من نوافذ المغرب".
وفي الشتاء:"سيأتي الجمال مع الربيع وهو يقفز على التلال ."
وفي الصيف يقول الحصادون :" قد رأينا الجمال يرقص مع أوراق الخريف ، وشاهدنا كومة من الثلج على رأسه".
كل هذا سمعتكم تقولونه في الجمال.
غير أنكم في الحقيقة لم تقولوا فيه كلمة ، وإنما تحدثتم بحاجاتكم غير المكملة ، والجمال ليس بالحاجة غير المكملة بل هو انشغاف وافتتان.
أجل ، وليس الجمال فماً متعطشاً أو يداً ممدودة ،
بل هو قلب متلهب ، ونفس مفتونة مسحورة.
وليس بالصورة التي ترغبون في رؤيتها أو الأنشودة التي ترجون سماعها ،
بل هو صورة تبصرونها ولو أغمضتم أعينكم ، وأنشودة تسمعونها ولو أغلقتم أذانكم وليس بالعصارة الجارية في عروق الأشجار ولا بالجناح المتعلق في المخالب بل هو بستان تزينه الأزهار إلى الأبد ، وجوقة من الملائكة ترفرف بأجنحتها إلى منتهى الدهور.
نعم إن الجمال هو الحياة بعينها سافرة عن وجهها الطاهر النقي.
ولكن أنتم الحياة وأنتم الحجاب .
والجمال هو الأبدية تنظر إلى ذاتها في مرآة .
ولكن أنتم الأبدية وانتم المرآة .
قصة قصيرة لجبران خليل جبران .
وأنتم أخوتي أخواتي ما هو الجمال برأيكم أنتظر ردكم بفارغ الصبر.