المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هي ... والصحراء



mohamed adel el-baz
24-11-2009, 02:27 AM
بذرة ولدت في تلك الارض لتبدا بكتابة اولى سطورها في تلك الرحلة رحلة الحياة بدات بإخراج جذروها لتثبتها في ارض الحياة ... ارض الواقع ومن ثم بدأت في تتابع بإخراج الساق ومن ثم الغصون والاوراق ... يوم تلو الاخر ويوم وراء الاخر كبرت تلك البذرة واضحت شجرة يافعة مثمرة لا تكل عينك ابدا من النظر اليها وتكرار التطلع لها من شدة حسنها وبهائها

هي....


هي فتاة في منتصف العقد الثاني من عمرها نشأت وترعرت في اسرة ميسورة الحال في تلك البقعة ضمن حدودالمدينة التي تحدهامن جهة الشمال تلك المياه المالحة فيروزية اللون ..... مياه البحر .

مثلها مثل باقي اخواتها من بنات حواء تراودها الاحلام ما بين اليقظة والنوم تحيط بها وتملأها الأمال والطموحات التي شكلتها تلك البيئةالتي روتها من ينابيعها .


تحلم بذاك الاتي من بعيد .... القادم من المجهول .... الوارف اليها من حيث لا تعلم ..... ذاك الفارس الابيض الممطي لصهوة جواده غير مبالي بستائر الضباب ممزقا اياها بسيفه غير مكترث بظلمة الليل وسواده وما قد يحمله طريقه اليها من أهوال واخطار

كانت تحلم به تنتظره بكل لهفة وشوق بل انها تخيلته بالفعل وبدأت بتجميع شتات ملامحه من بين احجار عقلها ناقلة اياها ومجمعة لذلك الفتات المتناثر في انحاء عقلها على سطح أملس ابيض ... على تلك الورقة... كانت تنتظره لينتشلها من مكانها ويأخذها لبعقة جديدة يقيما يد بيد ذلك البناء المهيب الذي تتمناه

كانت تطمح وتأمل ان ترتقي وترتقي أن تعلو وتعلو أن تتخطى الدرجة تلو الاخرى في سلم تلك الوظيفة التي التحقت بها بعد ان اتمت دراستها الجامعية في إحدى القلاع العملية
ولم لا فقد زودها الله بما تحتاجه من زاد في تلك الرحلة فأنعم بالحسن والجمال في الخلق والهئية وزودها بالذكاء ولكن الأهم من ذلك هو ذلك الزاد التي لا يمكن بل من المستحيل ان تجف ينابيعه وهو حب الناس.


في تعاقب متوقع وأكيد قطعت شوطا ليس بالضئيل وليس باليسير من طريقها الذي ماضية فيه بسرعة متزايدة متخذة من احلامها وامالها وطموحاتها وقودا لها مغلفا بما تحمله بين طيات اضلاعها من لهفة وشوق لتلك البعقة المضيئة التي تنتظرها بنهاية ذلك الطريق

ولكن دوام الحال من لمحال إذ بينما هي ماضية قدما في طريقها لاترى سوى البقعة البيضاء سقطت في تلك الحفرة وذلك الكمين الذي أعده لها القدر سلفا ...أنزلقت في بؤرة المرض الذي تمكن منها دون أدني مقاومة فلم تكن قواتها الدفاعية على أدنى استعداد لخوض معركة المقاومة فقد أنهكتها ما بذلوه من جهد مع قائدتهم فيما قطعوه من طريقهم دون أن يستقطعوا ولو جزءا من الثانية للراحة إذ أنها كانت تعيش في أحلامها وأمالها بكل جوارحها


بعد أن أثمرت الشجرة بل أزهرت أيضا بدأت في الافول فتساقطت ثمارها وذبلت زهورها وجفت اوراقها بل قد تكسرت
بعضا من أغصانها فقد سيطر عليها المرض الذي كان بدرجة خطير تمام السيطرة فبعد ان أحتل ذلك الجزء الصغير من جسدها بدأ يخطط لكسب بقاع جديدة من جسدها فبعد أن كان
المنحنى البياني في طريقه للوصول لاعلى نقطة ممكنة في صفحة الرسم البياني غير من احداثياته وبدأ بتغير اتجاهاته اخذا طريقه نحول المنحدر ... نحو اخر واصغر نقطة

بدأت المسكينة رحلةأخرى مغيرة طريقها بدأت رحلة الترميم رحلة رأب الشقوق التي خلفها السقوط في تلك البؤرة فقد بدأت رحلة العلاج ولكن كيف يمكن ان تمضي وقواتها لم تكن على استعداد بل منهكة كل الانهاك واعداد محتلها اكثر وأشرش بكثير من قواتها , أيقنت تماما انها هالكة لا محالة بعد ان تكررت تلك العبارة على مسامعها انه لاجدوى
وبدات خيوط الضوء تختفي رويدا رويدا اذا بدات الشمس شمس الامل تعلن عن انسحابها متنازلة عن موقعها بعد ان كانت تنير لها وتبث دفئها على طول طريقها تاركة عرشها لملك اخر اشد قسوة منها لا يعرف الرحمة تركت مكانها للظلمة للسواد .... للياس

حزن وكابة حلت ضيوفا على من حولها على اهلها وأحبائها على اصدقائها وزملائها على حل بتلك المسكينة بل ان البعض كان يضرب كفا بكف ... لماذا هي ماذا فعلت ليحل بها ذلك

الثواثي تمضي والدقائق تمر والساعات تتوالي والايام تتابع والحال كما هو بل في انحدار في طريقه لاصغر واخر نقطة في المنحنى


بدا الاستعدادت للوصول لاخر نقطة فقد قال البعض انها انتهت تماما واصبحت ضمن ما يطلق عليه بكلمة ذكريات فقد أشار عليها البعض ان تترك بقعتها التي تقطن بها في مدينتها الساحلية وترحل الي مكان اخر وتقضي ما تبقى من وقت لها في مكان اخر

لم تأبه المسكينة ولم تكترث بما يقولون ولكن بعد فترة من التكرار والالحاح ايقنت انه الافضل تغادر الي مكان ما حتى ان وصلت لاخر واصغر نقطة بالمحنى تصل لها وهي بعيدةعن من تحبهم بعيدة عن اعينهم فلا تسبب الما اكثر مما هو لاحق بهم


ظلت تفكر اين تذهب اين تحط رحالها وجدت ان تذهب وتقبع بالصحراء بالبادية لتقضي ما تبقى لها

لم يكن بالبادية ما يثير حفيظتها واهتمامها غير انها مجرد مكان بعيد تقضي به ما تبقى لها من وقت بعيدا عن اهلها واصدقائها كانت تعتقد انه حياة البدو حياة رتيبة ومملة
وغير متوافقة على تعودت عليه من حياة فهذا يرعى اغنامه وهذا يجلب الماء من بئره وتلك تقوم بحلب نعاجهاواخر يمتطي جواده باحثا عن صيد جديد لم تكن تعلم انهم سعداء بذلك ونست تماما ان تلك الحياة افضل من ما حياتها بالمدينة

هكذا تمضي الايام بل تجمعت واتحددت لتصبح عدة شهور دون ادنى تغير وهي موقنة تمام اليقين انها هالكة لا محالة

وفي صباح احد الايام بعد ان استقيظت من ثباتها وتناولت طعام إفطارها قررت ان تتمشى قليلا في البادية بينما هي تسير ارتكنت الي تلك الربوة فقد انهكتها حرارة الشمس الحارقة في فصل الصيف احست بقطرات من الماء تنتشر على جبينها بعد أن خرجت من منابعها مسحتها بيدها مرددة يالله ما هذا الحر كيف يحتملون جلست لتستريح وتلتقط أنفاسها بدأت بالنظر من حولها وجدت مجموعة من الجمال قابعة غير مكترثة بما ارسلته الشمس من اشعتها الحارقة عليهم
رددتها مرة اخرى يالله كيف يتحملون على الرغم من كونها تعرف الجواب الا الدهشة ظلت بداخلها لتلك القدرة العجيبة على التحمل دون أدنى تزمر
بتلقائية وجدت نفسها تتحس مكان اصابتها دون أن تشعر
وجدت علامة استفهام تبرز بداخلها بجوار تلك لماذا هم يتحملون يقاومون دون ادنى تزمر وانا لا

تفجرت فقاعة الدهشة بداخلهابفعل علامة الاستفهام بعد معركة سريعة منتجة قرارا غريباهم يتحملون قررت ان تعود لمدينتها وان تمارس حياتها بشكل طبيعي غير ابهةبما حل بها

ادرات دفتها نحو خميتها فقد كان والدها يجلس هناك يرقابها
لاحظ انها تاتي في خطوات سريعة غير ما تعود عليه منهاالفترة الماضية قام مفزوعا وقف بانتظارها دخلت تلمم اغرضها وهو يسالها ماذا تفعلين قالت سارجع الي منزلنا وارجع الي عملي فسيشفني الله

ابتسم الاب من ماسمعه منها باعتبارها تمزح فقد فقدالامل هو ايضا وظن انها تمزح سالها هل فعلا تريدين العودة قالت بكل اصرار نعم ساعود فزع الاب لما سمع بل لم يرى امامه الا مشهد واحد المشهد الذي اخرجه اليقين بانها هالكة لا محالة
كرر عليها هل تمزحين قالت لا وسأشفى من مرضي بأذن زاد هلع الاب الا ان افاق على شعاع من نور انبثق من وجها الذي احس انه يضئ كفلقة الشمس انتقل النور اليه حاول مقاومته فهو موقن تماما بتلك النهاية ولكنه لم يشأ ان يحزنها ويرفض لها أمرا عله يكون الاخير لها

رجعت الفتاة الي مدينتها وعملها وسط ذهول من حولها بل يقين انها هالكة

بل أصرت ان تذهب للطبيب لإستكمال علاجها لم يأبه بها الطبيب فهو يعلم بالنتيجة مسبقا وقد يؤدي فحصوحاته تأدية الواجب ليس الا الا ان النتائج صعقته
فقد تمكنت الفتاة بإصرارها على مقاومة مرضها وقف الطبيب مذهولا من ما بين يديه من نتائج لم يفيقه الاصوت مساعدته وهي تقول سيدي ما بك هل انت بخير جرى مسرعا نحو الاب وابنته ليبشرهم بالخبر فقال لهم

هوهو كعادته دائما ما يحب ان تكون له كلمة الفصل في النهاية دائما ما يقلب الاحداث رأسا على عقب دائما ما يغير اتجاه المسير ثلاثمائة وستون درجة

مبروك ابنتك في طريقها للشفاء

صعق الاب من هول المفاجاة بينما ابتسمت الابنة ابتسامة المنتصر

ظن الاب ان الطبيب يمزح فقال له كيف هذا وكنت منذ فترة تأكد انها هالكة لا محالة

رد عليه الطيب لا اعلم ما السبب فمن الجائز ان تلك الفترة في البادية كان لها دور لا اعلم هل الغذاء ام الراحة ام ماذا ولكن الاكيد انها مشئية الله فنتائج الفحص تؤكد ان ابنتك في طريقها للشفاء فقوات المقاومة لديها استعادت جزءا كبيرا من الارض المحتلة في جسدها ومع العلاج ستشفى بأذن الله

خر الاب ساجدا لله عز وجل ان من عليه بنعمة بشفاء ابنته
وبالفعل تماثلت الفتاة للشفاء وعادت لتكمل طريقها بعد رجعت الشمس لمكانها وعرشها بدلا من تلك الظلمة سواد الياس عادت شمس الامل لتنير طريقها من جديد




في أمان الله

mohamed adel el-baz
24-11-2009, 11:19 AM
تم صياغة القصة من احداث واقعية حدثت بالفعل

نسرين يونس
24-11-2009, 12:20 PM
السلام عليكم اخى محمد .
اولا : قصة الفتاه لم استغرب منها كثيرا وهذا يعود الى قدرة الله على كل شئ ودائما فى اى ظرف للانسان اذا ما استسلم اكيد الوقوع لا محاله.
ولكن يالامان والاصرار تجابه اقوى الصعوبات.
حمد لله على سلامة الفتاه واصرارها وايمانها بالله هو ما افادها .
ثانيا :
لى تعليق على الكلام انه لماذا هيا التى اصابها ؟
هذا اخى الكريم غير جائز ان نتلفظ به لان الله لا يختار ان يصيب احدا ويميز الا ان له حكمه وهو الصبر للامسان يتفقد عباده بها.
الم تعرف ان تفقيد الله رحمه لنا؟
شكرا لك على هذه القصه التى تؤثر فعلا ونتعلم منها الاصرار.

نيرمين
24-11-2009, 03:27 PM
السلام عليكم أستاذ محمد سلمت يمناك على هذه القصة الجميلة فكما عودتنا في قصصك جميعا دوما هناك الصياغة الرائعة والاسلوب الرائع والأهم العبرة المفيدة .
ولكن السؤال يكمن في هل دوما العزم والتصميم يولد نتيجة أم هو القدر الذي يتحكم بمصائر البشر وبالفعل هي مشيئة وقدرة الله أن ذهبت إلى الصحراء وتعلمت منها معنى الإرادة والعزم والتصميم فلقد هيأ لها المولى عز وجل أسباب الشفاء وأسباب الإرادة.
القصة بما أنها من الواقع فهي تبعث الأمل وتولد النور بعد الظلام ولكن ليست كل النهايات دوما سعيدة .
تقبل مروري وتحياتي وكل عام وإنت بألف خير يارب

mohamed adel el-baz
27-11-2009, 04:53 PM
الاخت نسرين يونس

قدرة الله وسعت كل شئ وفوق كل شئ فالله قادر على كل شئ

لماذا هيا التي اصابها
احيانا ينسى الانسان نفسه من وقع الصدمة ويكرر هذه العبارة الغير جائزة ومن فرط ما يحدث ادرجته في القصة حتى لا نقع فيه مجددا

اشكرك على ملاحظتك الذكية فقد كنت انتظر من يلاحظها


الاخت العزيزة نرمين
احيانا يولد الاصرار كرد فعل لموقف ما بالتالي اصبح الاصرار رد فعل وليس طبع وصفة وبالتالي فان تاثيره سيكون لوقت ما

ليست كل النهايات سعيدة
هذا من وجهة نظرك لكن كل ما قدره الله للانسان سواء اعتبره الانسان شر ام خير هو خير له بكل المقاييس
ولا يعلم الحكمة منه

فالحمدالله على كل شئ

اشكركم على المرور الطيب
كل عام وانتم بخير