المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهاية الغدر ( قصة )



الحديقة الغناء
11-08-2009, 03:18 PM
لم يكن يعلم أن الكوخ فوق فوهة بركانٍ خامل ، لكنه يجد الأنس و الراحة بعيداً عن الناس .
ما زالت دموع زوجته الدافئة تتحدر على وجنتيها ... فالناس لا يرحمون أحداً .
اتخذ ذلك الكوخ في قمة الجبل ليبتعد مع زوجته في مكان لا يسمعون فيه أسئلة الناس الجارحة .


7 سنوات مضت من الزواج ... لكنهما لم يُنجبا أطفالاً ... و الناس يتمتمون و يتساءلون ، فضاقت عليها الأرض بما رحبت ، فاتخذا من قمة الجبل وطنا .


صدعٌ في الجبل فيه ماء دافئٌ كان يسقي به حديقته الصغيرة بجوار الكوخ .


اتسعت حديقته مع السنوات ، و أصبح فيها أغنامٌ يرعاها على سفح الجبل .
و كان يسقي أغنامه من ذلك الصدع و أحيانا لا تشرب الأغنام من ذلك الصدع لأن الماء يسخن أحيانا فلا تطيق الأغنام شربه .

كان يحتاج لبعض أصناف الطعام التي لا يجدها في مزرعته ، و بعض الملابس ، و الدواء ... فيأخذ بعض أغنامه لينزل بها إلى البلدة التي كان يراها من قمة الجبل .


كانت البلدة بعيدة ... لكن زوجته التي أحبها تستحق كل هذا العناء .

و في يومٍ من الأيام و قف ببعض أغنامه في سوق البلدة بجوار حوانيت العطارين .

سمعهم يتحدثون عن " عشبة الإنجاب " و التي يحتكرها أحد المزارعين في ناحيةٍ من البلدة .

تذكر سنين المعاناة مع زوجته ، و تذكر رحيله عن قريته ، و تذكر دموع زوجته ، و اشتاق لسماع كلمة " بابا " فتحدرت دموع الفرح لسماعه عن هذه العشبة .
سأل عنها فأرشدوه لذلك المزارع .. كان المزارع جشعاً للغاية ، فقد استمع إلى قصة ذلك المسكين فازداد طمعه .
طلب منه مبلغاً كبيراً لا يملكه .
حاول فيه مراراً و أقنعه أنه بحاجةٍ إلى العشبة و أنه لا يملك ذلك المبلغ .
فسأله عن سكنه فأشار إلى قمة الجبل .. و قد أصبح الكوخ مع الحديقة الغناء مثل منتجع ٍ يندر أن يمتلك الناس مثله ، فقد قضى سنواتٍ في إستصلاحه و العناية به .
سأله و كيف تسددني ؟
قال : أبيع بعض أغنامي .
قال صاحب العشبة : و من يضمن لي السداد ؟
قال : بيننا عقد مبايعة و أوقع عليه بأن المبلغ سيصلك خلال شهر .
قال : ترهنني الكوخ و الحديقة ؟
قال : لا .
قال : إذن لن أبيعك العشبة .

وافق المسكين تحت قسوة و جشع ذلك البائع و أخذ منه كتاباً موثقاً برهن الكوخ و الحديقة .



انطلق المسكين بعشبة الإنجاب .. و البائع يتابعه و يمشي خلفه دون أن يشعر به .
حتى دخل المسكين كوخه .. فوضع البائع سماً لأغنام المسكين وعاد إلى البلدة .


استخدم الزوج و الزوجة تلك العشبة وقضيا ليلةً هانئة .


و في الصباح خرج المسكين إلى أغنامه فوجدها لا تستطيع الأكل .. حاول الاعتناء بها .. فمات بعضها في تلك الليلة .. و لم تمض ثلاثة أيام إلا و قد ماتت أغنامه ..


بدأ يفكر في سداد صاحب العشبة .. فهو لم يعد يملك ما يبيعه من الغنم .. و مضت الأيام حتى بقي يومان على المهله .


الزوجة تنظر إلى زوجها الكئيب لتبشره أنها تشعر بأنها أصبحت حاملا .
فرح فرحةً ممزوجةً بحزن ٍ غريب .


و بعد يومين يسمع قرعاً شديداً في باب الكوخ .

خرج فوجد رجالاً يحملون ورقة المبايعة و وثيقة الرهن .

اقتادوه إلى البلدة حيث أودع السجن .
زوجته في الكوخ لا تعرف خبره .
و قضبان السجن من ناحية الجبل .
كان ينظر كل نهار إلى قمة ذلك الجبل و كان بعيداً ... و دموعه تتحدر من عينيه .. و تمضي الشهور وهو متعلقٌ بقضبان السجن ينظر إلى قمة الجبل .


رأى طيوراً قادمة نحو البلدة من الجبل و كأنها مذعورة ... إحساسٌ غريب .. الهواء كأنه لا يتحرك .


بدأ يشعر بقلقٍ ينتابه .. و في الليل أحس بالأرض تتحرك من تحته .. نهض مسرعاً نحو قضبان النافذة ليرى قمة الجبل الذي تسكنه زوجته فإذ بالبركان الخامل قد ثار ليملأ السماء ناراً حمراء تتقاذف من حولها الحجارة و الحمم .
سقط مغمياً عليه و بقي أياماً يراقب القمة التي تغيرت معالمها .. ثمانية أشهر قضاها في سجنه ليسمع مفتاح السجان يفتح قفل الزنزانة لينهي إجراءاته و يعود إلى ........ إلى أين ؟ ... لا يدري .

خرج من السجن هائماً على وجهه .. و هو يسير نحو ذلك الجبل الذي ثار بركاناً و هو في زنزانته ... و كان يمشي و الدموع تخضل لحيته البيضاء رغم أنه لم يزل في العقد الرابع من عمره ... فقد تغير حاله و اشتعل الشيب من الهموم في رأسه .. و أدركه الليل و هو في طريقه و الألم يعتصره ... فسمع صوتاً و هو في الطريق يتحدر نحو مسامعه من تلٍ صغير فصعد على التل فوجد صخرة عليها جذوع شجر .. و اقترب فإذْ ببكاء رضيع .. فسالت دموعه من جديد حينما تذكر معاناته و سببها و هلاك زوجته في البركان .. سمع رضيعاً يبكي و شعر أن في الدنيا من يحتاج إليه .. فاقترب من جذوع النخل المتراكمة ليتفاجأ بزوجته التي تركت الكوخ ليصبح منتجعاً لذلك الغادر .

كتبها ( الحديقة الغناء .. العضو في منتدى زراعة نت .. قبل رمضان 1430 هـ بتسعة أيام )

ملاحظة: إذا اعجبك الموضوع شارك بالتصويت على هذا الرابط :
http://f.zira3a.net/showthread.php?t=14529

محمد عبداللطيف
24-08-2009, 03:20 PM
شكرا على القصة الجميلة التى تعبر على الكثير من حالنا اليوم نحب مافى يد الغير حتى ان كان عندنا الكثير
((ارضى بما قسم الله لك تكن اغنى الناس ) أو كما ورد عن الرسول ( ص)

م.حنان بيلونة
24-08-2009, 04:14 PM
http://abeermahmoud.jeeran.com/page%205/346-Thanks.gif

agro80
27-08-2009, 05:35 PM
كلام كثير حلو يا الحديقة الغناء
لكن مؤلمة شوي

ابن الشاطىء
31-08-2009, 01:08 AM
كثيرا ما تكون الحسابات الانسانية خاطئة و عمياء أيضا

شكرا لك هذا المستوى الراقى الشيق فى السرد

الغرابي
31-08-2009, 08:19 PM
مثل ما بيقولو ما عليك زود
ابدعت والله
وتستحق عرش الملوكية بجدارة وانا اعني ما اعني بكلمة جدارة
فصوتنا لك من غير ان تطالب لان هذا ما تستحقه

ندوة
05-09-2009, 03:31 PM
اخي الكريم الحديقة الغناء

اعطيت ومضة اخرى ...معنى اخر للحياة ...ان نعيش من اجل الاخرين ولهم ...وننسى بهم احزاننا يكونوا هدفنا في الحياة ...

م:نواره
06-09-2009, 09:17 PM
:bravo: الله عليك قصه صغيره بس فيها معاني كتير
رومانسيه
حب
عطاء
تضحيه
وطمع
وجزاء الله اهم من شئ
وعسي ان تكرهوا شئ وهو خيرا لكم لولا دخوله السجن لهلك فالبركان
سبحان الله الذي لا يحمد علي مكروه سواه:bravo:

ابن الشاطىء
16-09-2009, 09:42 PM
مثل ما بيقولو ما عليك زود

ابدعت والله
وتستحق عرش الملوكية بجدارة وانا اعني ما اعني بكلمة جدارة

فصوتنا لك من غير ان تطالب لان هذا ما تستحقه



أخى أنا أحبكم جميعا
و هذه المجموعة الهادئة الراقية التى بدأت تظهر و تلملم نفسها
الواحد بيشعر بكم أهله

gamal amin amin
16-09-2009, 10:08 PM
وهذا هو الحكم لمن لا يرضى بحكم الله
ان الله عز وجل عوضه بالولد فاعطاه زوجه وفيه وبيت كأنه الجنه ..ولكن الشكوى لا تفارق قلبهوالدنيا ابدا لن تعطى احدا شيئا مفيدا والنفس اماره بالسوء
والاخره خير وابقى ولو صبر على حكم الله لبدل الله دنياه الفانيه بأخرته
شكرا للاخ الحديقه الغناء للقصه المعبره والتى لها هدف
ورمضان كريم

اوركيدالمصري
28-06-2012, 04:48 PM
قصة حلوة بس مش تقولولنا أية اللي حصل للراجل الجشع؟
يا أخواننا حد يفهمنا ههههههههههههههه
أنا شخصيا أفضل انة لم يمت. بل تم احتراق اجزاء من جسمة و يا ليتها اجزاء لا تمكنة من الجلوس أو النوم و الراحة مرة أخري. ليعيش عبرة بين أهالي القرية.
و يبقي يخلي الفلوس تنفعة بقي .
هههههههههههههههههههههه