المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أغذية مأمونة ومغذية للمستهلكين



خالد خليل
28-04-2007, 03:04 PM
موجز تنفيذي

إنّ مسؤولية توفير أغذية مأمونة ومغذية تقع على عاتق جميع أصحاب الشأن في كل مراحل السلسلة الغذائية. ويتمثل التحدي في تكوين نظم شاملة وفعّالة تضمن التزام ومشاركة كافة الأطراف المعنيين على المدى الطويل في مختلف مراحل السلسلة.
ورغم التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي تم إحرازه حتى الآن والتحسّن العالمي في النظم الغذائية عامةً، لا تزال الأمراض التي تحملها الأغذية منتشرة وتشكل مصدر قلق حقيقي للسلطات المسؤولة عن الصحة العامة وللمستهلكين. فالأغذية تنقل العديد من المخاطر البيولوجية أو الكيمائية أو المادية. وقد شهد السلوك الاستهلاكي تحولاً، في البلدان المتقدمة على الأقل، بحيث لم تعد المجتمعات تتقبّل المخاطر الغذائية. كما يطالب المستهلكون أكثر فأكثر بالحصول على أغذية تساهم في إتباع نظام غذائي صحي ومغذٍ.
وهناك طرق عديدة لطمأنة المستهلكين حيال تناولهم أغذية مأمونة ومغذية. وتقضي إحدى هذه الطرق التي تدعو منظمة الأغذية والزراعة إلى اعتمادها، بتطوير نظام غذائي شامل وفعّال يرتكز على منهج السلسلة الغذائية. والهدف العملي من هذا النظام هو الحرص على أن تفي الأغذية بمواصفات السلامة القائمة على العلم مع تحقيق التوازن المطلوب بين عوامل أخرى ذات صلة مثل الجدوى الفنية والكلفة والاهتمامات الاجتماعية والأخلاقية والبيئية. ومن خصائص النظام الغذائي المتكامل:

وجود تفاعل ديناميكي بين جميع أصحاب الشأن - في القطاعين العام والخاص - من خلال الشراكات والمشاركة في عمليات اتخاذ القرارات.
التحديد الواضح لأدوار ومسؤوليات الكثرة المتنوعة من أصحاب الشأن في السلسلة الغذائية، والروابط اللازمة للتوصل إلى عمل تعاوني منسّق ومتسق.
إدراج اعتبارات السلامة الغذائية في مختلف مراحل السلسلة الغذائية بدءا من الإنتاج وانتهاء بالاستهلاك.
وجود البنية الأساسية الكافية، واعتماد الوسائل التكنولوجية المناسبة للمهمة الواجب تأديتها في كل حلقة من حلقات السلسلة الغذائية.
ضرورة أن يرتكز اتخاذ القرارات على قاعدة علمية وأن يتم تحليل المخاطر في مختلف مراحل السلسلة الغذائية.
ضرورة إقامة آليات فعّالة لمراقبة مخاطر السلامة الغذائية واحتوائها، جنبا إلى جنب، مع القدرة على الاستجابة بسرعة عند ظهور الأزمات.
القدرة على الاستجابة للمسائل اليومية وعلى مواجهة تحديات المستقبل أيضاً.
ضرورة تمكين المستهلكين من أجل اختيار نظام غذائي سليم ومغذٍ بشكل واعٍ وواقعي. ومما يعني ضرورة توافر قدر كاف من المرونة للتكيّف مع تغيّر مفاهيم المستهلكين مع مضي الوقت.
ضرورة أن تأخذ تدابير السلامة الغذائية المضمنة في النظام بالاعتبار أي أطر تنظيمية عامة ترعى صحة الإنسان والصحة النباتية والحيوانية وتتميز النظم الغذائية في البلدان المتقدمة بالكثير من هذه الخصائص. لكن بالإمكان تحسينها بشكل ملحوظ إذا ما أريد نيل ثقة المستهلكين. ويتحقق ذلك من خلال زيادة مرونة المكونات في إطار السلسلة الغذائية، وتعزيز القاعدة العلمية للقرارات، وتقديم الدعم التنظيمي لمشاركة كافة الأفرقة مشاركة فعالة في النقاش المؤسسي.
تتسم النظم الغذائية في البلدان النامية بالتفاوت الشديد، وغالباً ما تعاني من عدد من أوجه الضعف. فهي تواجه عدداً كبيراً من المشكلات التي تؤثر سلباً على أمن الأغذية وسلامتها وجودتها، معرّضة المستهلكين بالتالي إلى مجموعة واسعة من المخاطر الغذائية. وثمة ثغرات في وعي المستهلكين حيال المسائل المتعلقة بسلامة الأغذية والذي كثيرا ما يرتبط بعدم وجود جمعيات مستهلكين منظّمة وعلى إطلاع جيّد.
إنّ بناء نظم شاملة وفعالة تضمن سلامة الأغذية في البلدان النامية (وفي البلدان التى في مرحلة تحول أيضاً) يتطلّب بناء القدرات على نطاق واسع، والاستثمار في المؤسسات والبنية الأساسية. وفي هذا السياق، تدعو منظمة الأغذية الزراعة إلى اعتماد استراتيجية لأغذية سليمة ومغذية ترتكز على منهج السلسلة الغذائية. وتقوم هذه الاستراتيجية على العناصر الرئيسية التالية:

على المستوى الدولي:

تحديد مخاطر سلامة الأغذية وتقييمها وإدارتها؛
توفير المشورة والمعلومات عن المتطلبات التغذوية والنظم الغذائية الصحية؛
عقد منتديات عالمية وإقليمية دورية للمسؤولين عن سلامة الأغذية؛
اعتماد منهج شامل بشأن الأغذية والصحة النباتية والحيوانية؛
إيجاد نظم اتصالات تفاعلية؛
اعتماد ممارسات جيدة على امتداد السلسلة الغذائية؛
وجود نظام دولي للإنذار السريع بشأن مخاطر سلامة الأغذية؛
توفير مساعدة فنية ومالية دولية لبناء القدرات.على المستوى القطري:

السعي إلى بناء القدرات من خلال صياغة برامج لجودة الأغذية وسلامتها وقيمتها التغذوية؛
إقامة نظم مؤسسية شاملة وفعالة لمراقبة سلامة الأغذية؛
تقييم أنماط الاستهلاك الغذائي وتعزيز توعية المستهلكين؛
تطوير التكنولوجيات الملائمة على امتداد السلسلة الغذائية؛
الاستثمار في البنية الأساسية ذات الصلة.على المستويين القطري والدولي:

تعبئة الموارد لأجل بناء القدرات والاستثمار في البنية الأساسية.

خالد خليل
28-04-2007, 03:08 PM
أغذية مأمونة ومغذية للمستهلكين

تعرض هذه الورقة المسوّغات لتكوين نظام غذائي شامل وفعال يضمن أغذية مأمونة ونظم غذائية غنية للمستهلكين، وتوضح أهدافها وسماتها العامة. وتنطلق الوثيقة من نتائج المنتدى العالمي للمسؤولين عن سلامة الأغذية (مراكش، 28-30 يناير/كانون الثاني 2002) والمؤتمر الأوروبي بشأن سلامة الأغذية وجودتها (بودابست، 25-28 فبراير/شباط 2002). كما تشير إلى الفصل الخاص بسلامة الأغذية في وثيقة التقييم المعنونة "سلامة الأغذية وجودتها" والتي أحيلت إلى لجنة الأمن الغذائي العالمي لمناقشتها قبل أسبوع من عقد مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد.
1- مقدمة: نطاق المشكلة

تمتد النظم الغذائية من المنتجين إلى المستهلكين (أي من "المزرعة إلى المائدة") وهي ذات نطاق دولي. وقد أصبح ضمان (1) توفر إمدادات كافية و (2) القيمة التغذوية الواقية و (3) وسلامة الإمدادات الغذائية أكثر تعقيداً ويتطلّب مضاعفة الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية في مختلف مراحل النظام الغذائي. وخلال السنوات، وفي ظل تطوّر نظم الزراعة والتسويق لتوفير الأغذية لعدد متزايد من السكان، استحدثت العمليات المعقدة القائمة على خيارات ثقافية وغذائية، وعلى العلوم والتكنولوجيا، لتحديد وتقييم وإدارة المخاطر المرتبطة بتوفير الأغذية. لكن رغم الإنجازات العلمية والتكنولوجية والتحسّن العام العالمي في نظم المراقبة الغذائية، لازالت الأمراض التي تحملها الأغذية منتشرة وتشكل مصدر قلق حقيقي للمستهلكين.
وفي حين تتم معالجة القضايا الخاصة بتوفر الأغذية والقيمة التغذوية الوافية للنظام الغذائي، ازداد وعي الجمهور بقضايا سلامة الأغذية بصورة باهرة في البلدان المتقدمة. ويعزى ذلك إلى المخاوف المرتبطة بمرض جنون البقر وانتشار الأمراض التي تحملها الأغذية نتيجة التلوث بالميكروبات أو بالمواد الكيمائية السامة مثل الديوكسينات. وقد انعكست المخاوف بشأن سلامة الكائنات المحوّرة وراثياً وما يرافقها من صدى إعلامي واسع، على تفهّم المخاطر ذات الصلة المرتبطة بهذه التطورات. وتشكل سلامة الأغذية مصدر قلق متزايد بالنسبة إلى البلدان النامية أيضاً. لكن قلما تُعتبر ذات أولوية في تلك المجتمعات، لا سيما بالنسبة إلى المستهلكين الفقراء.
وسلامة الأغذية ما هي إلا جزء من مجموعة واسعة من القضايا التي تتجاوز مجرد تجنّب الكائنات البيولوجية الممرضة التي تحملها الأغذية والمواد الكيمائية السامة وغيرها من المخاطر. ولم يعد توفير الأغذية المأمونة كافيا في حد ذاته للمستهلكين في البلدان المتقدمة. بل هم يتوقعون أن تلبي الأغذية حاجاتهم الغذائية وأن تكون صحية وذات مذاق طيب، وأن يخضع إنتاجها للقواعد الأخلاقية، وأن تحافظ على البيئة وصحة الحيوان ورعايته. أما في البلدان النامية، فتشمل المخاوف قضايا الحصول على نظام غذائي مغذٍ وتوفره على مدار السنة بتكاليف منخفضة نسبياً. وكما أعاد تأكيده مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996 فإنّ الحصول على أغذية سليمة ومغذية هو حق للجميع. ويرتبط توفير أغذية سليمة ومغذية ارتباطاً وثيقاً بالأمن الغذائي. وهو يشكل أرضيّة فعالة للتخفيف من وطأة الفقر وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مع فتح فرص جديدة للتجارة وتوسعها في ذات الوقت، لكن لابد من دفع ثمن مقابل سلامة الأغذية. وقد تفرض متطلبات متشددة لسلامة الأغذية قيوداً على نظم الإنتاج والتخزين والتوزيع، مما قد يؤدي إلى قيام حواجز أمام التجارة أو يحول دون التنافسية.
إنّ مسؤولية توفير أغذية سليمة ومغذية تقع على عاتق جميع الأطراف الفاعلة في النظام الغذائي، بما في ذلك من يقومون بإنتاج الأغذية أو تصنيعها أو مناولتها من مرحلة الإنتاج مروراً بمرحلة التخزين حتى مرحلة الاستهلاك في نهاية الأمر. كما ينطوي ذلك على تداخل القوى العلمية والقانونية/التنظيمية والاجتماعية والاقتصادية، على الصعيدين القطري والعالمي. ويتمثل التحدي في بناء نظم شاملة وفعّالة تضمن التزام ومشاركة كافة الأطراف المعنيين على المدى الطويل للتأكد من توفير أغذية سليمة ومغذية للمستهلكين.
2- مصادر القلق: المخاطر الغذائية المتغيرة

تنقل الأغذية في الأرجح العديد من المخاطر البيولوجية أو الكيمائية أو المادية، وتبعث بالتأكيد على قيام الكثير من المشكلات الغذائية. ويبرز الإطار 1 أدناه بعض الأمثلة عنها.
لعل السبب في الزيادة المحتملة في الأمراض الميكروبية التي تنقلها الأغذية يرجع إلى:

المطاوعة الوراثية للكائنات الدقيقة وقدرتها على التأقلم مع التغيرات البيئية.
تطوّر قابليّة العائل للتعرّض للإصابة، لا سيما تحت تأثير السن وانعدام جهاز المناعة؛ هذا في ظل ازدياد فئات السكان الفرعيين المعرضين لهذه المخاطر نتيجة التغير الديمغرافي السكاني. ويزيد من تفاقم هذه الأوضاع سوء التغذية التي تعتبر، على المستوى العالمي، السبب الرئيسي على الأرجح لازدياد قابلية العائل للتعرّض للأمراض التي تنقلها الأغذية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

الإطار 1: أمثلة عن مخاطر تنقلها الأغذية

المخاطر البيولوجية
العوامل الوبائية الحيوانية والتي قد تدخل إلى السلسلة الغذائية (مثل Brucella، Salmonella sp، العوامل الميكروبية (بريون))
الكائنات الممرضة التي تنقلها الأغذية بشكل أساسي (مثل Listeria monocytogenes، Trichinella، Toxoplasma، Cryptosporidium، Campylobacter jejuni، Yersinia enterocolitica)
الكائنات الممرضة المتوطنة التي تظهر في ناقلات جديدة أو في ظروف جديدة (مثل Salmonella enteritidis في البيض وفيروسات التهاب الكبد في الخضار وفيروسات Norwalk والفيروسات الشبيهة بها في الأغذية البحرية)
الكائنات الممرضة المرتبطة حديثاً بنقل الأمراض من خلال الأغذية (مثل E. coli O157:H7، Vibrio vulnificus، Cyclospora cayetanensis)
الكائنات الممرضة المقاومة للمضادات الحيوية (مثل Salmonella typhimurium DT 104)
المخاطر البيولوجية

المواد السامة الطبيعية (مثل هرمونات الأستروجين النباتية، والسموم الحيوية البحرية، والسموم الفطرية)
الملوثات البيئية أو الصناعية (مثل الزئبق، الرصاص، ثاني الفينيل المتعدد المعالجة بالكلور، الديوكسين، النويدات المشعّة)
مخلفات المواد الكيمائية الزراعية والعقاقير البيطرية ومطهرات الأسطح
المواد السامة التي تنتقل من مواد التعبئة أو مواد أخرى تلامس الأغذية
قضايا مستجدة في مبحث السميّة مثل القابلية للحساسية واضطراب الإفرازات الهرمونية (مثل هرمونات الأستروجين النباتية ومخلفات مبيدات الآفات) وقابليّة ظهور طفرات وقابلية السميّة الوراثية وقابلية السميّة المناعية
المخاطر المادية
المخاطر الغذائية

نقص التغذية أو الإفراط فيها
النقص في المغذيات الدقيقة (مثل اليود والحديد والفيتامين أ والنياسين وحمض الفوليك)
الإفراط في الجرعات (مثل الفيتامين أ والدهون المشبعة)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ


التغيرات في الممارسات الزراعية وتربية الحيوانات وتصنيع الأغذية ونظم توزيع الأغذية، وفي أنماط التغذية والسلوكيات المرتبطة بالأغذية.
التوسع الهائل في التجارة الدولية بالأغذية وما يرافق ذلك من انتشار كائنات دقيقة ممرضة خارج حدود البلد الواحد. لابد من تقييم المخاطر الكيمائية ورصدها لا سيما فيما يتعلق بالآتي:

نشوء قضايا جديدة في مبحث السميّة مثل الحساسية والاضطراب في الإفرازات الهرمونيّة والسمية الوراثية والسمية المناعية.
تزايد استخدام المكونات من مصادر جديدة وعناصر جديدة في المنتجات الغذائية.
التغيرات الناجمة عن وجود مواد مضافة على الأغذية ومواد سامة. ونميّز بين طريقتي تفاعل للعوامل التكنولوجية، في حالتي المخاطر الميكروبية البيولوجية والكيمائية معا:

في البلدان المتقدمة، يختبر صانعو الأغذية تقنيات جديدة لتصنيع الأغذية وحفظها. ومع أن التكنولوجيات الجديدة قد تكون مفيدة، إلا أنها لا تخلو من المخاطر أيضاً، لا سيما في ظل عدم إجراء تقييم دقيق للتأثير المعقد للتحسينات التكنولوجية الجديدة على المجموعات الميكروبية البيولوجية المعقدة أو على تركيبة الأغذية.
في البلدان النامية تحديداً، قد لا تكون البنية الأساسية أو الدراية التكنولوجية الأساسية لعمليات قطاعات ما قبل الحصاد والحصاد وبعد الحصاد كافية أو موجودة. وهي نقطة غالباً ما تقلق البلدان الفقيرة، مما تنجم عنه صعوبات ضمان سلامة المنتجات الغذائية أو المحافظة عليها، وإلى خسائر في الأغذية وانعدام الأمن الغذائي أو فرض قيود على التجارة. ومفاهيم المستهلكين تتطور بدورها، مع ما يعني ذلك من زيادة بادية في عدم تقبّل المخاطر الغذائية على مستوى المجتمع، وعلى الأقل في البلدان المتقدمة. وكلما زادت سلامة الأغذية من الناحية الموضوعية، أدت المخاطر المتبقية أو العرضيّة إلى شعور "بالسخط" لا يتناسب مع الحادثة ولا يتقبّله الجمهور على العموم. كان هناك نداء عالمي لإضفاء الطابع الديمقراطي على القرارات المتعلقة بالمخاطر المرتبطة بسلامة الأغذية، مع توقع "مشاركة أصحاب الشأن" و"الانفتاح" و"الشفافية".
كما يرتبط فهم المستهلكين بالحصول على نظام غذائي صحي ومغذٍ وتوافره. ويلاحظ في البلدان المتقدمة ازدياد المخاوف المتعلقة بالوقاية من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان في المراحل المتأخرة من الحياة وتأثيرها على نوعية الحياة والتقدم في السن، إلى جانب المخاوف بشأن سلامة الأغذية. وقد أدّى طلب المستهلكين إلى زيادة الوعي حيال محتوى النظام الغذائي من المغذيات، والقضايا ذات الصلة بتوفير المعلومات المناسبة والموثوقة إلى جانب بيانات العبوة عن المحتوى التغذوي على الأغذية التي تم تصنيعها. وقد يصبح من الضروري معالجة هذه القضايا الهامة عند ترويج نظم غذائية صحية ومغذية في أوساط المستهلكين الذين باتوا أكثر وعيا وتعبيرا واضحا عن انشغالهم بقضايا الأغذية والتغذية.

خالد خليل
28-04-2007, 03:18 PM
3- أسلوب جديد لتوفيــر أغذيــة سـليمة ومغذيــة للمســتهلك:
بناء نظم غذائية شاملة

هناك طرق عديدة لطمأنة المستهلك حيال تناوله أغذية سليمة ومغذية. وتقضي إحدى هذه الطرق التي تدعو منظمة الأغذية والزراعة إلى اعتمادها بتطوير نظام غذائي شامل وفعّال يضمن السلامة والتغذية. ويلخص هذا القسم أهداف وسمات النظام الغذائي الشامل، ليكون معياراً لتقييم استراتيجيات ضمان أغذية سليمة ومغذية للمستهلكين على مستوى العالم ككل.
3-1- أهداف النظام الغذائي

يجب أن يكون الهدف العملي من نظام غذائي شامل، هو ضمان أن تفي الأغذية بمواصفات السلامة العلمية في موازاة تحقيق توازن ملائم بين عوامل أخرى ذات صلة مثل الجدوى الفنية والمخاوف الاجتماعية والأخلاقية والبيئية من خلال الأنشطة المتكاملة لجميع أصحاب الشأن، في القطاعين العام والخاص. وتشمل مجموعة كبيرة من الأنشطة التي تندرج في إطار هذه العملية الرصد والمراقبة الملائمين؛ البحوث والتطوير استناداً إلى قاعدة علمية؛ تحليل المخاطر، بما في ذلك تقييم المخاطر وإدارتها والإبلاغ عنها؛ ممارسات زراعية وتصنيعيّة جيدة بدءا من الإنتاج الأوّلي وانتهاء بالإعداد النهائي والنقل؛ والمعلومات الملائمة ونقل التكنولوجيا والتثقيف والمساعدة الفنية.
وتبعا لازدياد عدد المستهلكين المطّلعين والقادرين على التعبير عن رغباتهم، تبرز الحاجة إلى تمكين المستهلكين من خلال تحسين المعلومات المتاحة لهم عن الأغذية والنظم الغذائية وتعزيز قدراتهم على، ورغبتهم، في إيجاد نظام غذائي ملائم وجيّد يحافظ على صحتهم. فالمستهلكون بحاجة إلى أغذية صحية ونظام غذائي جيد ذي قيمة تغذوية وافية ومواصفات عضويّة حسيّة صحيحة. كما أنهم بحاجة لأن يعرفوا طبيعة مكوّنات النظام الغذائي المنوّع والملائم الذي يعزز الأوضاع التغذوية الحسنة طوال العمر، من الطفولة وحتى سن متقدمة. ويريدون أن يحصلوا على المعلومات التي من شأنها مساعدتهم على الوقاية من نقص التغذية والإفراط فيها، من خلال إمكانية الاختيار والحصول على الأغذية المناسبة للتوصل إلى نظام غذائي مغذٍ بكلفة معقولة.
ويجب أن يراعي تطوير نظام غذائي شامل الاحتياجات المحددة للمستهلكين، وتوضيح أدوار ومسؤوليات جميع أصحاب الشأن، وضمان تعزيز التنسيق والتخطيط المرتبطان بالوقاية، والتدخلات والرقابة والاستجابة والاتصالات.
3-2 الخصائص العامة لنظام غذائي شامل:

يقوم النظام الغذائي الشامل على تكامل ديناميكي بين عدد من الأطراف الفاعلة: السلطات الحكومية؛ الشركاء في القطاع الخاص، بما في ذلك المزارعين وغيرهم من المنتجين والمصنّعين والقائمين بشؤون التسويق والتوزيع؛ المستهلكين؛ والمنظمات أو المؤسسات المتخصصة في الأبحاث العلمية والتكنولوجية والتثقيف والمعلومات. ومع أنّ لكل من هؤلاء وظائف مستقلة، إلا أنّ النظام يبنى على أساس أن يشكل إطاراً لقيام شراكة متينة وتنسيق التدابير وتماسكها والتفاعل والاتصالات والتعاون بين المصالح العامة والخاصة. وتعمل هذه الشراكات في سياق عملية مفتوحة وشفافة. ويتعيّن على الشركاء أن يدركوا بوضوح حدود مسؤولياتهم وسلطاتهم لاتخاذ القرارات بما يفي بمسؤولياتهم. كما يجب أن يملكوا، أو أن يعطوا، الموارد اللازمة للمشاركة مشاركة فعالة في النقاش المؤسسي والعمل معاً بشكل فعّال.
يعمل النظام بشكل يسمح بإدراج اعتبارات سلامة الأغذية ضمن السلسلة الغذائية بدءا من الإنتاج وحتى الاستهلاك. ويقوم هذا على أسلوب "من المزرعة إلى المائدة" الذى يخصص لكل الأطراف الفاعلة أدوار محددة يؤدونها مع التفاعل الوثيق في ذات الوقت لضمان سلامة الأغذية وجودتها.
يجب بناء النظام بما يضمن وجود بنية أساسية ملائمة واستخدام التكنولوجيا المناسبة للمهام الواجب تأديتها في كل حلقة من حلقات السلسلة الغذائية؛ بما في ذلك ما قبل الحصاد، وأثناءه وبعده. وينبغي أن يعين على تنمية ثقافة بناء القدرات من خلال تبادل المعلومات، وتحسين البنية الفنية الأساسية، وتطوير القدرات العلمية، ونقل التكنولوجيا والمساعدة الفنية، على المستويين القطري والدولي. ويجب أن يعتمد النظام على الأبحاث والتثقيف والتدريب وأن تتوفّر له الموارد الكافية.
يجب أن يرتكز النظام على قاعدة علمية وأن يدمج التحليل العلمي وتحليل المخاطر في كافة المستويات، بما في ذلك جمع واستخدام المعلومات والأبحاث الخاصة بسلامة الأغذية والاتصالات ونقل المعلومات وتثقيف المستهلكين.
تعتبر المراقبة والاحتواء الفعّالين لمخاطر سلامة الأغذية إحدى أهم الخصائص إلى جانب قدرة النظام على الاستجابة للأزمات. بيد أنه لابد لضمان حماية وافية للمستهلكين، من أن يركز النظام على الوقاية من المشكلات الناشئة ومراقبتها عند المصدر وكشفها والاستجابة لها.
يجب أن يستجيب هذا النظام للقضايا اليومية وأن يتم بناؤه بحيث يتمكّن من مواجهة تحديات المستقبل. ويجب أن يكون فعّالاً في البيئة الداخلية والعالمية الجديدة أيضاً في ظلّ توسع التجارة الدولية. وينبغي أن يتضمّن آليات خاصة لمعالجة حالات الطوارئ.
من الضروري أن يكون النظام الغذائي الشامل متناسبا مع القوى الاقتصادية المحرّكة وتوقعات المستهلكين. وينبغي أن يركّز على سلامة الأغذية على امتداد السلسلة الغذائية وأن يمكّن المستهلكين من اختيار نظام غذائي بشكل واعٍ وواقعي. ويجب أن يعزز ثقة المستهلكين في النظام بحد ذاته وفي الدور الفعلي لمختلف الأطراف الفاعلة المعنية. كما لابد وأن يتفاعل هذا النظام مع القضايا التي لا ترتبط فقط بسلامة الأغذية بل أيضاً، وبنوع خاص، بعلاقتها بالأمن الغذائي والتغذية والنظام الغذائي ونوعية الأغذية وتنوّعها وتكاليفها وتأثيرها الاقتصادي وقدرتها التنافسية الاقتصادية وبالاعتبارات الاجتماعية والأخلاقية. ويجب أن يكون النظام مرناً بقدر كاف للتكيّف مع التغيرات في إدراك المستهلك مع مرور الوقت، وتوفير مستوى ملائم من الوقاية المعقولة من خلال مشاركة وتفاعل جميع أصحاب الشأن في عملية اتخاذ القرارات.
يتعين على تدابير سلامة الأغذية أن تأخذ في الاعتبار الإطار التنظيمي العام الذي يرعى صحة الإنسان والنبات والحيوان. 3-3- مختلف الشركاء وأدوارهم ومسؤولياتهم

يحدد النظام الغذائي الشامل أدوار ومسؤوليات العدد الكبير والمتباين من أصحاب الشأن، في السلسلة الغذائية ويؤمّن الروابط الضرورية لقيام إطار عمل تشاركي ومنسّق ومتسق. كما ينبغي أن يكون متفقا مع الأسلوب العام للمحافظة على صحة الإنسان وصحة الحيوان، والنبات.
وبإمكان المجتمعات، من خلال الترويج والتثقيف المستدامين، تمكين المستهلكين من الاختيار الملائم للنظام الغذائي السليم والمغذي. فالمستهلكون المطّلعون يشكلون أداة فعّالة لتشكيل طبيعة الأسواق، ويضمنون بالتالي توافر واختيار الأغذية التي تحتوي المغذيات الأساسية التي تكفل نظاما غذائيا مغذيا. إنّ الحرص على أن تترافق مواصفات الأغذية وجودتها وسلامتها مع إعطاء معلومات ووضع بيانات عبوة غذائية يؤدي دوراً بارزاً من أجل تحسين خيارات المستهلكين وتعزيز ثقتهم.
دور القطاع العام
إنّ السلطات العامة هي في أفضل مركز يتيح لها التأثير على كفاءة أداء النظام الغذائي. وهي تتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية توجيه النظام اعتمادا على قوانين قطرية للأغذية واضحة ورشيدة، تتضمّن عادة عملية تشاورية يشارك فيها جميع أصحاب الشأن. وينبغي للقوانين القطرية للأغذية أن تضمن للحكومة السلطات التنظيمية والتنفيذية وأن توضح صلاتها بالشركاء الآخرين. ويجب أن تعالج اللوائح الموضوعة كافة جوانب النظام الغذائي ككلّ من الإنتاج حتى الاستهلاك.
ولابد من إيلاء عناية خاصة للتناسق الداخلي بين التدابير التشريعية والتدابير التنظيمية. فالسلطات العامة مسؤولة أيضاً عن إرساء نظم رقابة فعّالة للأغذية، تبعاً لهيكليّة مدمجة إذا أمكن ذلك، وتتم إدارتها بموارد كافية للتأكد من أنّ الأغذية المطروحة في الأسواق تلبي متطلبات السلامة والجودة ولتجنّب الغشّ وحماية المستهلكين، مع تشجيع التجارة والنشاط الاقتصادي في ذات الوقت.
كذلك يتعيّن على السلطات العامة توجيه تطوير وتطبيق تحليل المخاطر بمكوناته الثلاثة: تحليل المخاطر، إدارة المخاطر، والإبلاغ عن المخاطر. وعلى السلطات العامة تهيئة بيئة تشجع التفاعل بين عناصر تحليل المخاطر ومشاركة جميع أصحاب الشأن في عملية مفتوحة وشفافة.
كما أنه لابد للسلطات العامة من بناء نظم مراقبة ورصد فعالة وتطوير التثقيف والأبحاث من أجل تحديد المخاوف الناشئة والتكنولوجيات الجديدة واحتياجات المستهلكين المتغيرة ومعالجتها والاستجابة إليها والتكيّف معها جنبا إلى جنب مع هذه الأنشطة، كما ينبغي للسلطات العامة أن تؤدي دوراً أساسياً في جمع المعلومات ذات الصلة بسلامة الأغذية ونشرها على جميع الأطراف المعنية في الوقت المناسب وبصورة فعالة.
ويتوقف دور السلطات العامة ومسؤولياتها في تطوير وتطبيق نظام فعال لسلامة الأغذية، على توافر الموارد البشرية والدعم المالي الكافي؛ ولابد من أن يكون عملياً وفعالاً ومجديا اقتصاديا.
دور المنتجين الزراعيين وصناعة الأغذية وغيرهم من الشركاء في القطاع الخاص الشركاء في القطاع الخاص هم المنتجون والمستوردون والمصنّعون والقائمون على شؤون التسويق والخدمات الغذائية والمنظمات التجارية والجمعيات المهنية والمنظمات الخاصة. وفي إطار سلسلة إنتاج الأغذية عامة، يلعب القطاع الخاص دوراً رئيسياً في تقديم الأغذية على مائدة المستهلكين. إذ عليه التأكد من أنّ الأغذية المنتجة تلبي متطلبات سلامة الأغذية التي حددتها السلطات العامة (القطرية و/أو متطلبات البلد المستورد أو المواصفات التي وضعتها المنظمات الدولية) وذلك على ضوء مخاوف المستهلكين وتوقعاتهم.
ولابد للقطاع الخاص، كي ينجز هذه المهام بالفعالية المطلوبة، من التفاعل الوثيق مع القطاع العام ومع المستهلكين. إذ يتعيّن إشراك الشركاء في القطاع الخاص في النقاش المؤسسي لقضايا سلامة الأغذية. ودورهم أساسي في تقديم المعلومات اللازمة للشركاء الآخرين في السلسلة الغذائية وغيرهم من أصحاب الشأن وتقاسم تلك المعلومات والبيانات معهم توصلاً إلى السياسات المناسبة.
ومن الناحية الفنية، على المنتجين الأوّلين إتباع ممارسات زراعية جيدة، وفهم قضايا السلامة، واحترام الأحكام الصحية والعمل، مع السلطات العامة والشركاء في القطاع الخاص، على إعداد برامج مراقبة على مستوى المزرعة. ويتعيّن على المصنّعين والقائمين على التسويق والموزعين الاعتراف بالحاجة إلى مراقبة فعالة للمخاطر التي تنقلها الأغذية، وضم جهودهم إلى جهود شركاء آخرين في القطاع الخاص والباحثين الجامعيين والحكومات لمعالجة الاهتمامات المتعلقة بسلامة الأغذية. وباستطاعة صناعة الأغذية في القطاع الخاص المساهمة في بناء نظام فعال وشامل لسلامة الأغذية. وبإمكانهم تطوير وتطبيق تكنولوجيات جديدة وإرساء شراكات نموذجية وممارسات وإجراءات جيدة، مع تسهيل نقل التكنولوجيا واستخدام برامج ضمان النوعية والمراقبة الموسّعة بحيث تشمل أحكاماً خاصة بسلامة الأغذية (مثلاً نظام نقطة المراقبة الحرجة في تحليل المخاطر) وتقاسم المعلومات مع شركاء آخرين، وإعداد برامج تثقيفية وإعلامية، بالتعاون مع منظمات تجارية، تستهدف بنوع خاص المستهلكين وترتبط بسلامة المنتجات وجودتها وتركيبتها الغذائية.
دور المستهلكين
يلعب المستهلكون دوراً مهماً ورئيسياً في النظام الغذائي الشامل. ومن الضروري جداً أن يعي المستهلكون قضايا سلامة الأغذية وأن يعرفوا ما هي الممارسات الجيدة لحماية أغذيتهم في مراحل التحضير والتخزين والاستهلاك. كما يلعب المستهلكون دوراً هاماً في التعبير عن حاجتهم إلى معلومات بسيطة وموثوقة بشأن الغذاء والتغذية تحسّن من أوضاعهم التغذوية عن طريق تجنّب عواقب نقص التغذية أو الإفراط فيها. كذلك بوسعهم أن يشكلوا قوى مؤثرة لتوجيه السوق بحيث يكفل توافر أغذية طازجة ومصنّعة والوصول الى تلك الأغذية في إطار نظام غذائي صحي. ولابد من إدراك الروابط القائمة بين الأغذية والتغذية والصحة لتمكين المستهلكين من لعب دورهم الجوهري في اعتماد النظم الغذائية الملائمة في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء.
ولا يقلّ دور منظمات المستهلكين أهمية في المطالبة بسلامة الأغذية ذات جودة عالية ومغذية وبالمسائل ذات الصلة والمساهمة إلى حد بعيد في عمليتي التثقيف والإعلام. وعليها، كغيرها من أصحاب الشأن، المشاركة أيضا في كافة مراحل عملية تحليل المخاطر.

خالد خليل
28-04-2007, 03:25 PM
4- عرض عام للتصورات الحالية والحلول الممكنةيركز هذا القسم على تحديد ومقارنة أبرز ميزات النظم الغذائية في البلدان المتقدمة والنامية لتوضيح الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.
4-1- في البلدان المتقدمة

في البلدان المتقدمة، تطوّرت النظم الغذائية وتحسّنت مع مرور الوقت مستفيدة من الكثير من الإنجازات العلمية والتكنولوجية والقانونية والاجتماعية. فأصبحت نظم سلامة الأغذية في البلدان المتقدمة تتمتع بالعديد من ميزات النظام الشامل والفعال. وهي تقوم عادة على مجموعة أنشطة مترابطة بين الأطراف المعنية. كما تتبع القوانين والأنظمة القطرية للأغذية، وتشمل نظم وأنشطة مراقبة الأغذية، وتعنى بالوظائف الأساسية للرصد والمراقبة والتفتيش والتنفيذ، واحتواء المخاطر وإدارة تفشيها، والبحث والتثقيف والإعلام. ولقد تحوّلت هذه النظم أو هي في طور التحول الآن، وإن كان بدرجات مختلفة، نحو أسلوب مرتكز أكثر على قاعدة علمية، تجمع بين إعداد خطط لضمان الجودة والسلامة مع التطوير والتنفيذ المطرد لتحليل المخاطر.
ومع ذلك فإنّ نظم سلامة الأغذية في البلدان المتقدمة تعاني عادة من أوجه قصور ثلاثة رئيسية. أولاً، رغم التحسّن المستمر في أدائها، لا زالت النظم الأصليّة عرضة للمخاطر كما أثبتت ذلك مؤخراً الأزمات الغذائية مثل جنون البقر أو الديوكسين. ويعود السبب الرئيسي في هذا إلى عدم الاستعداد الكافي والخلل في التنظيم العالمي لمعالجة القضايا ذات الصلة بسلامة الأغذية. ثانياً، تواجه نظم سلامة الأغذية ومراقبتها ضغوطاً كبيرة للتعجيل في تحديد المخاطر الناشئة وكشفها وتحليلها والاستجابة لها وتحديات الرصد والمراقبة الصحيحين للحجم المتزايد من الأغذية التي يتم إنتاجها وتصنيعها وتجارتها. ثالثاً، رغم الجهود المبذولة في الآونة الأخيرة لتعميم استخدام تحليل المخاطر، لا زال هناك عجز كبير في مجال تبادل المعلومات والاتصالات والمشاركة.
ولزيادة فعالية النظم الغذائية في البلدان المتقدمة، لابد من إعطاء الأولوية لإدخال تحسينات كبيرة من أجل استعادة ثقة المستهلك وتعزيزها. ويكون هذا بنوع خاص من خلال:

زيادة مرونة النظم الأصلية على امتداد السلسلة الغذائية من خلال إدخال تحسينات علمية وتكنولوجية، وتبادل المعلومات، وإرساء هياكل موثوق بها للأعمال التجارية فنية وصناعية تنظيمية، ووضع إجراءات محسنة، ونقل التكنولوجيا، والتثقيف والتدريب على المستويين القطري والدولي من خلال الشراكات والربط الشبكي؛
تحسين القاعدة العلمية من خلال إرساء هياكل موثوقة للمعلومات والمشورة العلمية؛
تقديم دعم تنظيمي لمشاركة جميع الأطراف مشاركة فاعلة في النقاش المؤسسي ولتطوير قدرة الأطراف الفاعلة الرئيسية، على المدى البعيد، على تأدية دورهم وتحمل مسؤولياتهم بصورة وافية في النظام الغذائي برمته. 4-2 في البلدان النامية

تعاني النظم الغذائية المتباينة للغاية في البلدان النامية من عدد من نقاط الضعف: فهي قلما اتسمت بنفس درجة التنظيم والتطوّر والشمولية والفعالية التي تمتاز بها النظم الغذائية في البلدان المتقدمة. كما تواجه مشاكل كبيرة جراء النمو السكاني والتوسع الحضري والنقص في الموارد وغيرها من القضايا. وهذه المشكلات لها تأثيراتها المعاكسة على توفير أغذية مأمونة وسليمة وذات جودة عالية، في حين يبقى سكان تلك البلدان عرضة لمجموعة أوسع من المخاطر المحتملة لسلامة الأغذية. ومن نقاط الضعف الأخرى، الافتقار إلى، أو عدم ملاءمة، واحدة أو أكثر من العناصر التالية: البنية الفنية الأساسية، الموارد البشرية والمالية الأساسية، الإطار التشريعي والتنظيمي القطري، القدرة التنفيذية بما في ذلك الموظفين الفنيين والتنفيذيين المدرّبين، مختبرات كاملة التجهيز، والإدارة والتنسيق المناسبين لمجمل الأنشطة. كما تعاني الوظائف الأساسية للرصد والمراقبة والتفتيش والتنفيذ واحتواء المخاطر وإدارة تفشيها والبحث والتثقيف والإعلام من نقص في الشمولية والفعالية مقارنة مع البلدان المتقدمة.
وغالباً ما يلاحظ، على المستوى العالمي، وجود فجوة في وعي المستهلكين حيال شؤون سلامة الأغذية ترتبط بعدم وجود أي تعبئة منظّمة لمجموعات المستهلكين ومصالحهم. وهذا يحدّ كثيرا من قدرة البلدان النامية على معالجة قضايا سلامة الأغذية وغيرها من القضايا ذات الصلة. فتضيّع بالتالي البلدان النامية فرص الاستفادة الكاملة من إمكانياتها الاقتصادية من طريق كفاءة أدائها في نظام التجارة العالمي بالأغذية.
ويعني بناء نظم شاملة وفعالة لسلامة الأغذية في البلدان النامية (وفي البلدان التي تمر بمرحلة تحول) بصورة أساسية وجود منهج لبناء القدرات. ويبدأ هذا بتقييم متأن للأوضاع في كل بلد من أجل تحديد الاحتياجات والأولويات على وجه الدقة، وصياغة التدخلات المناسبة المطلوبة. وفي ما يتعلق بسلامة الأغذية، قد تشمل هذه التدخلات، على نحو مطرد، واحدة أو أكثر من العناصر التالية: إعداد برنامج قطري لسلامة الأغذية و/أو استراتيجية قطرية لمراقبة الأغذية؛ تحديث قوانين ولوائح الأغذية؛ تعزيز خدمات التفتيش في قطاع الأغذية؛ تحديث مختبرات الأغذية؛ الارتقاء بمستوى البنية الأساسية في مختلف المراحل ذات الصلة في السلاسل الغذائية، مع الاهتمام بوجه خاص بمصادر القلق المألوفة مثل التخزين والتصنيع والمناولة أو النقل، وتوجيه تطوير واستخدام ممارسات جيدة في كل حلقة من الحلقات، وخطط لضمان جودة الإنتاج الغذائي وسلامته، وتطوير نظم تفتيش واعتماد الأغذية.
وفي ذات الوقت، يجب أن تلبي الأنشطة الحاجة إلى تعزيز الخبرة العلمية والفنية والقدرة على إجراء عمليات تقدير المخاطر، مع التركيز بنوع خاص على استحداث منهجيات عمليّة لتقييم أنماط الاستهلاك وعمليات لتقييم درجة التعرّض للمخاطر. ويجب أن يتم تطبيق تقييم المخاطر جنبا إلى جنب مع تحسين نظم الإعلام والاتصالات بما في ذلك الإنذار المبكر وتلافي المشكلات وإدارة المخاطر. وتعتبر مشاركة أصحاب الشأن في تحديد الجوانب التي بحاجة إلى تحسين في نظام سلامة الأغذية وأنشطة بناء القدرات عاملاً أساسياً من عوامل النجاح، ولابد من السعي إلى تحقيقها. كما يتعيّن إرساء تحالفات بين مؤسسات القطاعين العام والخاص المعنية بسلامة الأغذية في البلدان النامية مع نظرائها في البلدان المتقدمة. لأنّ هذا من شأنه المساهمة في تسهيل نقل التكنولوجيا وقيام شراكات وأخيراً زيادة الثقة في الداخل والخارج في فعالية النظم الغذائية في معالجة قضايا سلامة الأغذية بشكل شامل وفعال.
ولابد من التأكيد على أنّ تطوير هذه الأنشطة ارتكازا على احتياجات كل بلد يتطلّب وجود استثمارات كافية. وقد أكد المؤتمر الدولي لتمويل التنمية الذي عقد مؤخراً في مونتيري، على الصعوبات التي تواجه البلدان النامية من أجل تعبئة الموارد الكافية للتنمية وشدد على الحاجة إلى جهود وتضامن دولي في هذا المجال.
5- الاستنتاجات: الحاجة إلى استراتيجية توفر نظاماً غذائياً سليماً ومغذياً للمستهلك



لا ينبغي بعد اليوم أن تكون نظم التغذية السليمة والمغذية حكراً على الأثرياء وحدهم، إذ أنها حق للجميع. إنّ تعزيز سلامة الأغذية وجودتها يتطلّب إرادة سياسية واستثمارات. ويتعيّن على المجتمعات أن تقرر مستوى هذه الاستثمارات على ضوء أوضاعها الجارية واستنادا إلى اعتبارات التكاليف والمنافع. ويستوجب توفير أغذية سليمة ومغذية للمستهلكين أينما وجدوا، التزاماً بالمحافظة على الجودة على امتداد السلسلة الغذائية. وبوسع منتجي الأغذية والقائمين على مناولتها وتسويقها الاستفادة من الاستثمار والتطور الفني في مجال سلامة الأغذية ونوعية المغذيات لتلبية الطلب المرتكز على المستهلكين في قطاع الأغذية. وهناك فرصة أيضاً لتحقيق عائدات أكبر من خلال منتجات ذات قيمة مضافة مع الحد من الخسائر الكميّة والنوعية. لكن هذا يتطلّب وجود برامج لبناء القدرات والمساعدة الفنية تشمل منهج إدارة النظم من "المزرعة (أو البحر) إلى المائدة". كما لابد من إشراك واضعي الخطط التنموية وخدمات الإرشاد الريفي والخدمات البيطرية وإدارات مصايد الأسماك والمؤسسات الأكاديمية والسلطات الرقابية ومنظمات المجتمع المدني. وفي هذا السياق، تدعو منظمة الأغذية والزراعة إلى اعتماد استراتيجية نظام غذائي سليم ومغذٍ يقوم على منهج النظام الغذائي، وتتضمن العناصر التالية: على المستوى الدولي: تحديد مخاطر سلامة الأغذية وتقييمها وإدارتها: من أجل إعطاء معلومات مرتكزة على قاعدة علمية وتوحيد الإجراءات من خلال، من بين أمور أخرى، تعزيز عمل أجهزة الخبراء المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية؛
توفير المشورة والمعلومات عن المتطلبات التغذوية والنظم الغذائية الصحية: من أجل إسداء المشورة للمستهلكين عن السبل التي تكفل أفضل الاستفادة من أغذيتهم واعتماد أنماط تغذية تحد من مخاطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالنظام الغذائي؛
عقد منتديات عالمية وإقليمية دوريّة للمسؤولين عن سلامة الأغذية: من أجل تبادل المعلومات والخبرات بشأن إدارة مخاطر سلامة الأغذية وتشجيع قيام تحالفات شراكة بين مختلف البلدان في سبيل حل المسائل المعلقة في مجال سلامة الأغذية وتجارتها؛
اعتماد منهج شامل في مجال سلامة الأغذية وصحة الحيوان والنبات: من أجل التوصل إلى تآزر أكبر ضمن إطار تنظيمي دولي؛
إيجاد نظم اتصالات تفاعلية: من أجل إتاحة المعرفة بشأن الأمراض التي تنقلها الأغذية وبشأن النظم الغذائية المغذية، وذلك من خلال مجموعة واسعة من القنوات، ومنها شبكة الإنترنت؛
اعتماد ممارسات حسنة على امتداد السلسلة الغذائية: من أجل تدعيم تطوير الأبحاث واستخدام التكنولوجيات على مستوى المزرعة وفي قطاعات مناولة الأغذية وتصنيعها، والتي تلبي متطلبات السلامة والجودة للمستهلكين بطرق مجدية اقتصاديا؛
وجود نظام دولي للإنذار السريع بشأن مخاطر سلامة الأغذية: من أجل تحسين فعالية تبادل المعلومات والاستجابة السريعة عالمياً؛
توفير مساعدة فنية ومالية دولية لبناء القدرات: من أجل تمكين البلدان النامية من زيادة قدراتها على مراقبة سلامة أغذيتها، المخصصة للاستهلاك الداخلي وللتصدير على حد سواء، والمشاركة بفعالية أكبر في نظم التنظيم الدولية.

على المستوى القطرى:
بناء القدرات من خلال صياغة برامج لضمان جودة الأغذية وسلامتها وقيمتها التغذوية: من أجل تلبية الاحتياجات الخاصة بكل بلد، وتأخذ بعين الاعتبار السياقين الدولي والإقليمي؛
إرساء نظم مؤسسية شاملة وفعالة لمراقبة سلامة الأغذية: من أجل العمل تدريجياً على تطوير أطر تنظيمية وتنمية الموارد البشرية والبنية الأساسية فيما يتعلق بسلامة الأغذية وجودتها، بما في ذلك تقييم المخاطر وإدارتها والإبلاغ عنها استناداً إلى تحاليل خاصة بكل بلد للتكاليف والمنافع؛
تقييم أنماط الاستهلاك الغذائي وتشجيع توعية المستهلك: من أجل تقييم مدى الكفاية التغذوية وزيادة وعي المستهلك ومشاركته في عملية اتخاذ القرارات وتشجيع قيام مجموعات مصالح استهلاكية قوية؛
تطوير التكنولوجيات الملائمة على امتداد السلسلة الغذائية: من أجل تحسين النوعية والسلامة من المزرعة (والبحر) إلى مائدة المستهلك، وذلك من خلال تنمية الموارد البشرية في مجالات تخطيط التنمية الريفية والإرشاد الريفي وإدارات الخدمات البيطرية ومصايد الأسماك ولدى الشركاء الرئيسيين في القطاع الخاص، لاسيما صغار المنتجين.
على المستويين القطري والدولي:
تعبئة الموارد لبناء القدرات: من أجل وضع برامج واستراتيجيات فعّالة للتوصل إلى نظم غذائية سليمة ومغذية - "من المزرعة إلى المائدة".

amonaa
09-05-2007, 02:02 PM
شكرا للموضوع القيم .....................تحياتى اليكم

http://www.toyscamp.com/catalog/SG7271302.jpg

خالد خليل
21-07-2007, 09:03 AM
نص مقتبص:

شكرا للموضوع القيم .....................تحياتى اليكم


http://www.toyscamp.com/catalog/SG7271302.jpg

أشكرك أختي الكريمة على مرورك الكريم, وعلى جبر الخواطر, جزاك الله خيرا

ma7moud elmansy
21-07-2007, 04:41 PM
شكرا لك أخى خالد على هذا الموضوع المهم جدا حيث لابد فى هذا العصر ومع التطور التكنولوجى أن يكون الغذاء مأمون وصحى وخالى من الأخطار والآن تتبع معظم دول العالم أنظمة ومواصفات وإشتراطات لجعل الغذاء سالم وصحى وهذا مثل مواصفة الأيزو 22000 الخاصة بسلامة وصحة الغذاء.

خالد خليل
24-07-2007, 01:31 PM
نص مقتبص:
شكرا لك أخى خالد على هذا الموضوع المهم جدا حيث لابد فى هذا العصر ومع التطور التكنولوجى أن يكون الغذاء مأمون وصحى وخالى من الأخطار والآن تتبع معظم دول العالم أنظمة ومواصفات وإشتراطات لجعل الغذاء سالم وصحى وهذا مثل مواصفة الأيزو 22000 الخاصة بسلامة وصحة الغذاء.

اشكرك أخي على مرورك الكريم,وتعليقك الطيب.

أخي محمود صدقت في سعي معظم المعامل في دول العالم نحو مواصفات الجودة المعترف بها دولية مثل شهادات الإيزو,وشهادة الهاسب وغيرها مما يساعد في الحصول على أغذية مأمونة ومغذية بمواصفات جودة وصحة كاملة.

ونسأل الله تعالى أن يوفق شركات ومعامل الوطن العربي لتكون نشيطة في هذا المضمار.

والله ولي التوفيق

Citrus
24-07-2007, 06:31 PM
سلام عليكم ورحمة الله
الف شكرا الموضوع فوق الممتاز... و طرح شروط نقاط الضعف فى النظم الغذائية في البلدان النامية و دور القطاع العام من اهم ما عجبنى بالموضوع
شكرا وتحياتى