خالد خليل
26-04-2007, 07:35 PM
قام مشروع نفذته المنظمة بتطوير ممارساتٍ صحية جيدة لمنتجي البن تهدف إلى تخفيض تلوث حبوب البن الخام بسمّ فطري قوي...
ربما كانت غالبية شاربي القهوة لم تسمع من قبل بالأوكراتوكسين A (أو OTA). وهو سم طبيعي شديد السمية للكلى ولربما كان مسرطناً، ينتجه عفن فطري يوجد أحياناً على حبوب البن الخام أو "الخضراء" - ولا يزول تماماً بعد تحميصها. لم يكتشف وجود سم الأوكراتوكسين A في مشروبات القهوة إلا حديثاً، في 1988. وقد قام الاتحاد الأوروبي بعد مدة قصيرة من هذا الاكتشاف بإطلاق برنامج للتوفيق بين لوائح نسب السموم الفطرية في المواد الغذائية - ومن ضمنها الحدود القصوى لسم أوكراتوكسين A في البن. حيث أطلق هذا الموقف أجراس الإنذار في ميدان تجارة البن العالمية التي تبلغ قيمتها 70 مليار دولار في السنة: حيث تبين لدراسة أجراها الاتحاد الأوروبي للبن (ECF) - الذي يمثل مستوردي البن الأخضر وشركات التحميص وشركات صناعة البن سريع التحضير - أن تحديد نسبة 5 أجزاء بالمليار من الأوكراتوكسين A (PPB) قد يؤدي إلى رفض 7% من واردات البن الأخضر وأن كافة البلدان المصدرة للبن سوف تتضرر من جراء ذلك.
وقد جادل الاتحاد الأوروبي للبن بأن تدابير مراقبة الأوكراتوكسين A في الموانئ الأوروبية ستكون أكبر تكلفةً، وأقل فعاليةً، بكثير من العمل على تخفيض التلوث عند مصدره - أي في البلدان المنتجة للبن. ووافقت البلدان المنتجة على ذلك، ليس بسبب المخاوف على سلامة الأغذية فحسب، خصوصاً مع وجود زهاء 20 مليون أسرة مزرعية صغيرة في 50 بلداً نامياً تعتمد على زراعة البن، وتشكيل البن حصةً كبيرة من إيرادات التصدير في العديد من البلدان، بل وكذلك حرصاً منها على تجنب الفوضى الاقتصادية الناجمة عن رفض شحنات كبيرة من البن.
الوقاية والتخفيض: كان هذا هو المنفذ الذي دخلت منه المنظمة. بناءً على طلب تقدمت به منظمة البن الدولية (ICO) التي تمثل البلدان المصدرة والمستوردة للبن، والصندوق المشترك للسلع الأساسية التابع للأمم المتحدة، قامت منظمة الأغذية والزراعة عام 2001 بإطلاق مشروع "لتحسين جودة البن من خلال منع تكون العفن الفطري". حيث تقول ريناتا كلارك خبيرة سلامة الأغذية لدى المنظمة، والتي تولت قيادة المشروع الذي بلغت كلفته 6.3 مليون دولار " لقد كانت الاستراتيجية الأساسية هي تمكين البلدان المنتجة للبن من تطوير وتنفيذ برامجها القطرية للوقاية من التلوث بالأوكراتوكسين A وتخفيضه."
فعمل المشروع خلال السنوات الخمس اللاحقة يداً بيد مع 30 بلداً تقدم نحو 93% من صادرات البن العالمية. حيث عمق الفهم العلمي للعوامل المسببة للتلوث بالأوكراتوكسين A، ووضع استراتيجيات للوقاية عند النقاط الرئيسة في سلسلة التزويد، كما طور ممارسات صحية جيدة يجري الآن نشرها بين مزارعي البن ومصنّعيه وناقليه في أرجاء العالم. وقد كان من بين المهام الأولى للمشروع استقصاء العوامل المسببة للعفن الفطري في البن، بغية تطوير نموذج لتحليل مصادر الخطر ونقاط الرقابة الحرجة (HACCP) من أجل مكافحة تشكُّله، إلى جانب تطوير استراتيجيات للوقاية أثناء عمليات المعالجة والتجفيف والمناولة والتخزين الأولية للبن. وبالتعاون مع معاهد البن المتخصصة في البرازيل وكولومبيا وكورت ديفوار (ساحل العاج) والهند وإندونيسيا وكينيا وأوغندا، نفذ المشروع عمليات مسح لمعرفة الكيفية التي يتبعها المزارعون في قطف ومعالجة البن، وكيف يجري التفاعل بين الممارسات المزرعية وبين الفطر المسبب للسم.
حيث أثبت الفحص المكثف لعيناتٍ من التربة أن الفطر الرئيس المسبب للأوكراتوكسين A ، وهو Aspergillus ochraceus، يوجد في التربة المحيطة بجذور أشجار البن أكثر من وجوده في الترب الأخرى. وخلص المشروع إلى أن "البن الذي كان على تماسٍ مباشر مع التربة لأكثر من بضعة أيامٍ يشكل خطر تلوثٍ بالأوكراتوكسين A . ومن ثم يجب استبعاد هذا البن من السلسلة الغذائية." كما أثبتت التجارب الأولية أن تعرض أزهار البن لأبواغ فطر Aspergillus ochraceus يمكن أن يؤدي إلى إصابة الحبوب به.
ولقد كانت هناك مسألة أخرى موضع تساؤل، وهي وجود رابطة بين التلوث بالأوكراتوكسين A وبين العيوب الموجودة في ثمار البن الخضراء. وأشارت بعض الدلائل التي جمعها المشروع بالفعل إلى وجود "ترابط قوي" بين عيوبٍ بعينها وبين التلوث بالأوكراتوكسين A - ولكن ليس في جميع الحالات. حيث أظهر مسح أجري في كينيا مثلاً أن الأوكراتوكسين A كله تقريباً كان متركزاً في الحبوب المصنفة على أنها "مريضة" و "تالفة بفعل الحشرات". غير أن عمليات المسح التي أجريت في بلدان أخرى لم تظهر أي ارتباط بين العيوب وبين الأوكراتوكسين A.
ومهما كانت الرابطة، ثمة استنتاج آخر أثار حفيظة مديري المشروع - وهو أن ثمار البن المشوهة تخلط بصورة روتينية مع البن الأقل جودة، الذي غالباً ما يجري تحميصه في البلدان المنتجة من أجل الاستهلاك المحلي. وتقول ريناتا كلارك "وإذا ثبت وجود الأوكراتوكسين A بصورة متفاوتة في العيوب، فإنه يوجد في الأسواق المحلية لمنتجي البن ما يستدعي القلق على الصحة العامة."
انتقال حرج: لقد أخضعت ممارسات التجفيف كذلك للتفحّص الدقيق. حيث أن تجفيف ثمار البن مرحلة انتقالية حرجة بين حالة الرطوبة التامة - التي تثبط الكائنات الماصّة للماء والتركيب الفيزيولوجي للبذور خلالها عملَ الأعفان المسببة للسموم والأعفان المسببة للتلف - وبين حالة الجفاف التام، التي تحول دون أي تطورٍ للعفن. لكن مستويات الرطوبة الوسيطة توفر بيئة مواتية لنمو الكائنات المسببة للأوكراتوكسين A. ولذلك - حسبما تقول ريناتا كلارك - "فإن وضع خطة فعالة مرتكزة على الأخطار لمعالجة البن يتطلب إيلاء مرحلة التجفيف عناية خاصة. حيث كان من الضروري تحديد أخطار الأوكراتوكسين A المرتبطة بالتجفيف بأكبر قدر ممكن من الدقة." إن الأسلوب الشائع لتجفيف البن هو نثرها على شكل طبقة رقيقة تحت أشعة الشمس. وقد وجد المشروع أن العامل الأهم المنظم لوتيرة التجفيف هو الطقس - المطر والندى، وكذلك نسبة الرطوبة العالية أو الغيوم التي تحجب أشعة الشمس. وثمة عامل هام آخر هو كمية ثمار البن المنشورة على مساطب التجفيف: حيث أن الطبقات الأكثر كثافة تحدّ من وتيرة التجفيف. ومع ذلك، ثبت في تجارب كثيرة أنه لا توجد علاقة بين وجود الكائنات المسببة للأوكراتوكسين A والتلوث به وبين الاختلافات في ممارسات التجفيف
http://img403.imageshack.us/img403/1543/51217978ll3.jpg
(http://imageshack.us)
ربما كانت غالبية شاربي القهوة لم تسمع من قبل بالأوكراتوكسين A (أو OTA). وهو سم طبيعي شديد السمية للكلى ولربما كان مسرطناً، ينتجه عفن فطري يوجد أحياناً على حبوب البن الخام أو "الخضراء" - ولا يزول تماماً بعد تحميصها. لم يكتشف وجود سم الأوكراتوكسين A في مشروبات القهوة إلا حديثاً، في 1988. وقد قام الاتحاد الأوروبي بعد مدة قصيرة من هذا الاكتشاف بإطلاق برنامج للتوفيق بين لوائح نسب السموم الفطرية في المواد الغذائية - ومن ضمنها الحدود القصوى لسم أوكراتوكسين A في البن. حيث أطلق هذا الموقف أجراس الإنذار في ميدان تجارة البن العالمية التي تبلغ قيمتها 70 مليار دولار في السنة: حيث تبين لدراسة أجراها الاتحاد الأوروبي للبن (ECF) - الذي يمثل مستوردي البن الأخضر وشركات التحميص وشركات صناعة البن سريع التحضير - أن تحديد نسبة 5 أجزاء بالمليار من الأوكراتوكسين A (PPB) قد يؤدي إلى رفض 7% من واردات البن الأخضر وأن كافة البلدان المصدرة للبن سوف تتضرر من جراء ذلك.
وقد جادل الاتحاد الأوروبي للبن بأن تدابير مراقبة الأوكراتوكسين A في الموانئ الأوروبية ستكون أكبر تكلفةً، وأقل فعاليةً، بكثير من العمل على تخفيض التلوث عند مصدره - أي في البلدان المنتجة للبن. ووافقت البلدان المنتجة على ذلك، ليس بسبب المخاوف على سلامة الأغذية فحسب، خصوصاً مع وجود زهاء 20 مليون أسرة مزرعية صغيرة في 50 بلداً نامياً تعتمد على زراعة البن، وتشكيل البن حصةً كبيرة من إيرادات التصدير في العديد من البلدان، بل وكذلك حرصاً منها على تجنب الفوضى الاقتصادية الناجمة عن رفض شحنات كبيرة من البن.
الوقاية والتخفيض: كان هذا هو المنفذ الذي دخلت منه المنظمة. بناءً على طلب تقدمت به منظمة البن الدولية (ICO) التي تمثل البلدان المصدرة والمستوردة للبن، والصندوق المشترك للسلع الأساسية التابع للأمم المتحدة، قامت منظمة الأغذية والزراعة عام 2001 بإطلاق مشروع "لتحسين جودة البن من خلال منع تكون العفن الفطري". حيث تقول ريناتا كلارك خبيرة سلامة الأغذية لدى المنظمة، والتي تولت قيادة المشروع الذي بلغت كلفته 6.3 مليون دولار " لقد كانت الاستراتيجية الأساسية هي تمكين البلدان المنتجة للبن من تطوير وتنفيذ برامجها القطرية للوقاية من التلوث بالأوكراتوكسين A وتخفيضه."
فعمل المشروع خلال السنوات الخمس اللاحقة يداً بيد مع 30 بلداً تقدم نحو 93% من صادرات البن العالمية. حيث عمق الفهم العلمي للعوامل المسببة للتلوث بالأوكراتوكسين A، ووضع استراتيجيات للوقاية عند النقاط الرئيسة في سلسلة التزويد، كما طور ممارسات صحية جيدة يجري الآن نشرها بين مزارعي البن ومصنّعيه وناقليه في أرجاء العالم. وقد كان من بين المهام الأولى للمشروع استقصاء العوامل المسببة للعفن الفطري في البن، بغية تطوير نموذج لتحليل مصادر الخطر ونقاط الرقابة الحرجة (HACCP) من أجل مكافحة تشكُّله، إلى جانب تطوير استراتيجيات للوقاية أثناء عمليات المعالجة والتجفيف والمناولة والتخزين الأولية للبن. وبالتعاون مع معاهد البن المتخصصة في البرازيل وكولومبيا وكورت ديفوار (ساحل العاج) والهند وإندونيسيا وكينيا وأوغندا، نفذ المشروع عمليات مسح لمعرفة الكيفية التي يتبعها المزارعون في قطف ومعالجة البن، وكيف يجري التفاعل بين الممارسات المزرعية وبين الفطر المسبب للسم.
حيث أثبت الفحص المكثف لعيناتٍ من التربة أن الفطر الرئيس المسبب للأوكراتوكسين A ، وهو Aspergillus ochraceus، يوجد في التربة المحيطة بجذور أشجار البن أكثر من وجوده في الترب الأخرى. وخلص المشروع إلى أن "البن الذي كان على تماسٍ مباشر مع التربة لأكثر من بضعة أيامٍ يشكل خطر تلوثٍ بالأوكراتوكسين A . ومن ثم يجب استبعاد هذا البن من السلسلة الغذائية." كما أثبتت التجارب الأولية أن تعرض أزهار البن لأبواغ فطر Aspergillus ochraceus يمكن أن يؤدي إلى إصابة الحبوب به.
ولقد كانت هناك مسألة أخرى موضع تساؤل، وهي وجود رابطة بين التلوث بالأوكراتوكسين A وبين العيوب الموجودة في ثمار البن الخضراء. وأشارت بعض الدلائل التي جمعها المشروع بالفعل إلى وجود "ترابط قوي" بين عيوبٍ بعينها وبين التلوث بالأوكراتوكسين A - ولكن ليس في جميع الحالات. حيث أظهر مسح أجري في كينيا مثلاً أن الأوكراتوكسين A كله تقريباً كان متركزاً في الحبوب المصنفة على أنها "مريضة" و "تالفة بفعل الحشرات". غير أن عمليات المسح التي أجريت في بلدان أخرى لم تظهر أي ارتباط بين العيوب وبين الأوكراتوكسين A.
ومهما كانت الرابطة، ثمة استنتاج آخر أثار حفيظة مديري المشروع - وهو أن ثمار البن المشوهة تخلط بصورة روتينية مع البن الأقل جودة، الذي غالباً ما يجري تحميصه في البلدان المنتجة من أجل الاستهلاك المحلي. وتقول ريناتا كلارك "وإذا ثبت وجود الأوكراتوكسين A بصورة متفاوتة في العيوب، فإنه يوجد في الأسواق المحلية لمنتجي البن ما يستدعي القلق على الصحة العامة."
انتقال حرج: لقد أخضعت ممارسات التجفيف كذلك للتفحّص الدقيق. حيث أن تجفيف ثمار البن مرحلة انتقالية حرجة بين حالة الرطوبة التامة - التي تثبط الكائنات الماصّة للماء والتركيب الفيزيولوجي للبذور خلالها عملَ الأعفان المسببة للسموم والأعفان المسببة للتلف - وبين حالة الجفاف التام، التي تحول دون أي تطورٍ للعفن. لكن مستويات الرطوبة الوسيطة توفر بيئة مواتية لنمو الكائنات المسببة للأوكراتوكسين A. ولذلك - حسبما تقول ريناتا كلارك - "فإن وضع خطة فعالة مرتكزة على الأخطار لمعالجة البن يتطلب إيلاء مرحلة التجفيف عناية خاصة. حيث كان من الضروري تحديد أخطار الأوكراتوكسين A المرتبطة بالتجفيف بأكبر قدر ممكن من الدقة." إن الأسلوب الشائع لتجفيف البن هو نثرها على شكل طبقة رقيقة تحت أشعة الشمس. وقد وجد المشروع أن العامل الأهم المنظم لوتيرة التجفيف هو الطقس - المطر والندى، وكذلك نسبة الرطوبة العالية أو الغيوم التي تحجب أشعة الشمس. وثمة عامل هام آخر هو كمية ثمار البن المنشورة على مساطب التجفيف: حيث أن الطبقات الأكثر كثافة تحدّ من وتيرة التجفيف. ومع ذلك، ثبت في تجارب كثيرة أنه لا توجد علاقة بين وجود الكائنات المسببة للأوكراتوكسين A والتلوث به وبين الاختلافات في ممارسات التجفيف
http://img403.imageshack.us/img403/1543/51217978ll3.jpg
(http://imageshack.us)